واشنطن: برادلي غراهام وتوماس ريكس : قال وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد انه في اعقاب سقوط قندهار بلغت الحرب في افغانستان طورا جديدا، تزداد تعقيداً بفعل عودة الصراعات القبلية والازمة الانسانية المستفحلة وعمليات البحث عن اسامة بن لادن. وعن المكان المحتمل أن يكون زعيم تنظيم "القاعدة" مختبئاً فيه، قال رامسفيلد "التخمين الاقرب الى الصواب هو ان يكون في مكان ما وسط البلاد". واضاف انه ربما يكون في مكان آخر في افغانستان، وربما يكون كذلك قد هرب الى باكستان. وفي مقابلة تنشرها "الشرق الأوسط" طرح رامسفيلد رؤيته للوضع الحالي والتحديات المقبلة، موحياً بأن الحرب في افغانستان ما تزال ابعد من ان تكون قد شارفت على النهاية. وحتى بعد سقوط سلطة طالبان في قندهار، فان الوضع في هذه المدينة الجنوبية، ما يزال مضطربا وفوضويا، كما ان الاوضاع فى بقية اطراف البلاد محفوفة بالاخطار. وقال رامسفيلد "ان الوضع في قندهار مضطرب بشكل كبير". واوضح وزير الدفاع الاميركي ان تسليم بعض مقاتلي طالبان اسلحتهم وامتناع البعض الآخر عن ذلك يهدد بانفجارات عنيفة شبيهة بتلك التي نشبت قبل اسبوعين في شمال أفغانستان بعد ان استسلمت قوات طالبان ومقاتلو "القاعدة" في مدينة قندز الشمالية، وما تبع ذلك من محاولة تمرد في قلعة جانغي القريبة من مزار الشريف التي نقلوا اليها كسجناء. وقال رامسفيلد "اعتقد ان الوضع خطير جدا، في مماثلته لما حدث في مزار الشريف، حيث احتفظ الناس باسلحتهم، واستخدموها في قتل آخرين بعد ان اشعلوا نار الصراع المسلح الذي صحبه تبادل اطلاق النار العنيف. يمكن لهذا ان يحدث ايضا في قندهار". واضاف انه واثق ان القوات الاميركية والقوات الافغانية المعارضة، ستتخذ احتياطات اكبر مما كان عليه الامر في مزار الشريف، وان قوات المعارضة بدأت "تحث الخطى فى البحث عن جيوب طالبان" في عدة اماكن. وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ان هذه الجيوب هي بقايا وحدات مقاتلة ومسلحة اعادت تجميع صفوفها بعد هروبها من مدن كانت في قبضة طالبان، وتتراوح اعدادها بين عدة مئات و2500 مقاتل. ورأى رامسفيلد ان الحرب "تجري بصورة جيدة" على الرغم من وجود "بعض العراقيل الخطيرة". واضاف ان سير الحرب اتسم حتى الآن بالتعقيد الشديد من جراء قرار الولايات المتحدة الاعتماد على مجموعات المعارضة المحلية لتضطلع بالجزء الاكبر من القتال على الارض. ولكن الاوضاع مرشحة لمزيد من التعقيد بعد تشكيل الحكومة المؤقتة، واحتمالات ظهور قوة محلية لحفظ السلام، وزيادة حجم المساعدات الانسانية وكثرة العاملين على توزيعها وطرح المطالب القبلية المتعارضة بمزيد من الحدة والعنف. وقال رامسفيلد مذكرا بالهدف الاساسي من الحرب "ما علينا ان نفعله كدولة هو ان نجعل ابصار الناس شاخصة دائما الى الهدف الذي من اجله ذهبنا الى هناك. وهو اننا يجب ان نضع ايدينا على القادة الكبار في تنظيم "القاعدة"، والا نسمح للصغار منهم بالتسلل الى بلد آخر واشاعة الفوضى وزعزعة الاوضاع هناك او قتل الناس في مكان آخر. علينا ان نلقي القبض على مسؤولي طالبان الاساسيين، وان نضمن انهم خاضعون للسيطرة بهذه الطريقة او تلك". واتضح ان البحث عن قادة طالبان و"القاعدة" يسبب الكثير من المتاعب للقوات الاميركية التي لم تصل حتى الآن الى الكثيرين منهم. وكان محمد عاطف (أبو حفص المصري) المسؤول العسكري في "القاعدة" والرجل الثالث في التنظيم، قد لقي حتفه الشهر الماضي في غارة جوية اميركية على كابل، وظهرت بعد ذلك تقارير غير مؤكدة تفيد بان الرجل الثاني في التنظيم، أيمن الظواهري، أصيب وأن المسؤول المالي لابن لادن قتل هو الآخر في غارة بالقرب من جلال آباد. وقال الجنرال تومي فرانكس قائد القوات الاميركية بافغانستان، ان سقوط قندهار قد جعل قوات جنود مشاة البحرية الاميركية (المارينز) والقوات الاميركية الاخرى، تكثف تحركها لاعتراض قادة طالبان و"القاعدة" ومنعهم من التسلل الى باكستان. وقال فرانكس ان قوات المارينز، المقيمة في قاعدة عسكرية جنوب غربي قندهار، دخلت خلال العشرة ايام الماضية في "عدة معارك" لحماية القاعدة الارضية، واعتراض قوات طالبان في شوارع المنطقة. وصرح مسؤولون في البنتاغون ان معركة حدثت اول من امس عندما قامت دوريات من المارينز بالهجوم على سيارات هاربة، مما تسبب في مقتل 7 من جنود طالبان. وقال الجنرال فرانكس ان سقوط قندهار، بدلا من ان يؤدي الى تخفيف الوجود الاميركي، فانه على العكس من ذلك، قد يؤدي الى زيادة اعداد القوات الاميركية البرية. وترابض القوات الاميركية حاليا مع قوات المعارضة الافغانية حول منطقة تورا بورا حيث يعتقد ان أسامة بن لادن وأتباعه مختبئون في كهوف، وذلك بهدف منع مقاتلي "القاعدة" من الهروب الى باكستان. وقال رامسفيلد ان هناك كهوفا اخرى في وادي ميلاوا تحظى باهتمام الولايات المتحدة لان بن لادن قد يختبئ فيها بعد تورا بورا. واضاف ان التقارير الاستخباراتية حول المواقع المحتملة لاختباء بن لادن وغيره من قادة "القاعدة" ليس كلها متوافقة. وتابع "انني لست واثقا الآن اين يوجد بن لادن". ولم يشر وزير الدفاع الاميركي الى التفاصيل التي بنى عليها ترجيحه حين قال ان بن لادن قد يكون في مكان ما وسط البلاد. وعبر رامسفيلد في نفس الوقت عن شكوكه حول مكان زعيم طالبان الملا محمد عمر، وسط انباء تقول ان زعيم الحركة قد هرب من قندهار في الوقت الذي كانت قواته تقوم بتسليم المدينة. واكد رامسفيلد ان الولايات المتحدة عازمة على وضع الملا محمد عمر تحت الحراسة الاميركية، وقال "نحن ننوي وضع ايادينا على عمر في الوقت المناسب. ان الاحتمال الاقرب الى الواقع هو ان يكون في منطقة قندهار"، مشيراً الى ان هذه المنطقة المحتملة قد تكون واسعة. وتابع رامسفيلد عن مكان اختباء زعيم طالبان "هل هو في المدينة، وهل يمكن ان يكون في واحدة من المدن الاصغر القريبة من هناك؟ هذا ممكن. هل هو موجود في مكان بعيد من هناك؟ لا. هل يمكن ان يكون في احد الجبال الى الشمال؟ نعم". وعن بن لادن، قال رامسفيلد انه على الرغم من قيام المارينز باغلاق الطرقات في جنوب أفغانستان، وعلى الرغم من الوجود المكثف للجيش الباكستاني في نقاط الحدود، فان البحث عن زعيم "القاعدة" يزداد تعقيدا بفعل ساعات الظلام الطويلة والاجواء السيئة والمناطق الواسعة من حيث المساحة والضئيلة من حيث الكثافة السكانية، وبسبب الطبيعة الوعرة للمنطقة والحدود الطويلة التي يسهل التسلل عبرها. واضاف رامسفيلد "ليس صعبا في تلك البلاد ان تتحرك من دون ان يكشفك احد. فالناس ينسجمون مع المكان، ويبدو انهم جزء من النشاطات العادية للمنطقة. وفي ضوء هذا الوضع، فان كل من يعتقد ان الحدود تجوبها دوريات منتظمة وانها حدود آمنة، او ان المارينز، بعددهم الضئيل، يمكنهم ان يطوقوا منطقة واسعة مثل تلك ويكونون درعا منيعا لا يخترق، فان ذلك لا يتسم بالواقعية. هذا الوضع غير ممكن هناك". ورأى مسؤول آخر من البنتاغون، ان الاضطراب السائد حاليا حول مكان اختباء بن لادن والملا عمر، ناتج عن سيل المعلومات المتضاربة التي توفرها مجموعات البشتون في المنطقة حول قندهار، بعد استسلام طالبان. وقال المسؤول الاميركي "بدلا عن قلة المعلومات، عندنا فيض منها" الآن.& * خدمة "واشنطن بوست" ـ خاص بـ"الشرق الأوسط"
&&