القاهرة-رياض ابو عواد: تزامنت الذكرى التسعين لميلاد الاديب المصري الحائز على جائزة نوبل للاداب (1988) نجيب محفوظ (11-12-1911) مع عرض مسلسل "حديث الصباح والمساء" الذي يجسد افكاره بالنسبة لقراءة التاريخ المصري الحديث، ومواقفه من ثورة تموز/ يوليو 1952.
وتدور احداث الجزء الاول من المسلسل الرمضاني الذي اعده محسن زايد عن رواية لمحفوظ تحمل الاسم ذاته وقام باخراجه احمد صقر ضمن السياق التاريخي لما يراه محفوظ في قراءة مئتي عام من التاريخ المصري بدءا من عهد محمد علي باشا وانتهاء بالسنوات العشر الاخيرة من القرن الماضي.
ويؤرخ محفوظ لمسيرة ستة اجيال تعود في اصولها الى عائلات عدة تضم 67 شخصية في العمل الروائي مصنفة على اساس الحروف الابجدية ومتصلة من خلال السرد القصصي لكل شخصية على حدة.
ورغم حفاظ كاتب السيناريو على الملامح التاريخية للشخصيات، فانه ربط بينها، لضرورات فنية، عبر علاقات داخلية توفر اساسا في السرد الروائي فضلا عما اضافه اليها من شخصيات بلغ عددها 120.
وقال محسن للصحافيين انه "ناقش ومحفوظ فكرة الربط بين الشخصيات دراميا اضافة الى زيادة الشخصيات حوالى ضعف العدد، وقد حظي ذلك وطريقة الربط بموافقة محفوظ".
ويبدا المسلسل، ضمن اجواء متخيلة، بعودة الحفيد النقشبندي من غربته الى مصر بعد سنوات طويلة اثر هزيمة حرب حزيران/يونيو 1967 حيث يستطيع الفتى فور تخطيه عتبات البيت الكبير لجده يزيد المصري من لقاء فانتازي مع تسلسل العائلة منذ تولي محمد علي باشا السلطة في مصر.
وتتغير المشاهد والسنوات مع فتح النقشبندي صفحات كتاب اعطاه اياه جده الاول العائد من الموت بطريقة فنتازية بحيث يتكرر مشهد اللقاء باجيال العائلة مع المقدمة اليومية للمسلسل.
ويضم الكتاب بين دفتيه تاريخ العائلة بتشابك علاقاتها مع عائلات ربط بينها النسب والصداقة، ويتحدد خلال الخط الدرامي مسار كل عائلة مع العائلات الاخرى حيث تظهر الفوارق بينها في ظل الظروف التاريخية التي نشات اثر تولي محمد علي السلطة.
وتنقسم عائلة العطار يزيد المصري الى فرع يحصل على لقب الباشاوية من خلال ابنه الاصغر الذي اختطفه الجنود وارسل ضمن بعثات محمد علي الى فرنسا لدراسة الطب.
ونظرا لقدراته ونشاطه يمنح لقب الباشاوية وما يتبعها من امتيازات في حين يتجه ابنه الاكبر الى العمل في المطبعة الاميرية مما يخلق تمايزا طبقيا فيما بعد ضمن سياق تطور الخط الدرامي للاحداث.
ويتكرر الانقسام ايضا في عائلة صانع الاحذية عطا المركيبي فابنته الوحيدة من زوجته المتوفية تتزوج من الابن الاكبر ليزيد المصري في حين يعيش ولديه في كنف والدتهما الاميرة التي اختارته زوجا لها رغم كل الفوارق الطبقية.
وقد قررت الاميرة ان تتزوجه بعد فترة اختبار لامانته واحساسها بالحب والامان معه فترفعه الى موقعها الاجتماعي وكذلك ولديه فيسلك احفاده طرقا مختلفة ضمن اطار اجتماعي مغاير.
وتحافظ عائلة شيخ الدين على تسلسلها الديني، من دراسة وتدريس، في الازهر اضافة الى ايمان صوفي الطابع وما يدور حولها من علاقات مع مقرئين وموسيقيين يقدمون الغناء والطرب العربي الاصيل وارتباط بالسحر مثل الجدة الكبيرة.
وضمن سياق التطور الدرامي الذي يبرز ظهور طبقات جديدة في المجتمع المصري وشرعية ملكيتها، يحاول محفوظ وكاتب المسلسل الرد على مقولات جمال عبد الناصر وقراراته المتعلقة بنزع الملكية وتدمير طبقات اجتماعية ساهمت في تطور البلد.
ويتطرق المسلسل الى نظرات فلسفية احتوتها كتابة محفوظ حول العلاقة بين الموت والحياة والانتقال الصوفي من الحياة الى الموت اضافة الى فنتازيا تصوير عودة الموتى واعلاء قيمة العمل في الحياة وتحديد مواقع البشر على اساسها.
وبلغت كلفة المسلسل كما صرح المنتج المنفذ "العدل غروب" اربعة ملايين ونصف مليون جنيه مصري (مليون دولار تقريبا) ذهب معظمها اجرا للفنانيين المشاركين خصوصا ليلى علوي التي نالت عن كل حلقة 35 الف جنيه (ثمانية الاف دولار تقريبا).
وقد بيعت حقوق عرض المسلسل الذي يشارك في بطولته محمود خليل واحمد ماهر وخالد النبوي وعبلة كامل ودلال عبد العزيز وغيرهم الى 14 دولة ومحطة تلفزيونية عربية.
وكان التلفزيون المصري قدم قبل ذلك عدد كبيرا من اعمال نجيب محفوظ منها "بين القصرين" و"قصر الشوق" و"السكرية" و"الحرافيش" وغيرها الكثير عدا عن الاعمال التي حولت الى افلام سينمائية متميزة من اهمها "اللص والكلاب" و"ثرثرة فوق النيل" و"ميرامار" و"بداية ونهاية" وغيرها.