القاهرة&- إيلاف: قضية تهريب الآثار المصرية الكبري التي تدور رحاها داخل المحكمة الفيدرالية الأمريكية تستحوذ على اهتمام دول العالم التي تترقب حكمها بشغف ومهنة في هذه القضية‏، فهي قضية دولية شائكة وخطيرة المتهم فيها ليس تاجر آثار‏ أو صاحب محل بازار، وإنما المتهم فيها كان واحدا من الصفوة داخل البيت الأبيض حتي وقت قريب، فهو فريدرك شولتز المستشار الثقافي للرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون والذي يشغل رئيس جمعية جامعي التحف بالولايات المتحدة الأميركية‏، والذي يقف الآن أمام المحكمة الفيدرالية بمدينة منهاتن في نيويورك متهما بقيادة تشكيل عصابي يضم‏16‏ متهما آخرين تم القبض عليهم ومحاكمتهم جميعا عدا رأسها المدبر شولتز‏.‏
وقائع المحكمة
وقد شهدت المحاكمة في أولى جلساتها، التي استغرقت عشر ساعات، أحداثا مثيرة تصدي خلالها الفريق المصري، الذي يترأسه المستشار هشام سرايا المحامي العام والمستشار القانوني للمجلس الاعلي للآثار لهجوم ضارم شنته هيئة الدفاع عن المتهم علي قانون حماية الآثار المصري ونجح الفريق المصري في ترسيخ أدلة الاتهام التي تؤكد بالمستندات ضلوع مستشار الرئيس السابق في مخطط عالمي يستنزف الآثار المصرية والعالمية النادرة مما جعل الفريق المصري محط إعجاب الحضور بدرجة استنفدت رئيس المحكمة الفيدرالية جعلته يعلق معبرا عن اعجابه بدفاع الفريق المصري قائلا وهو يختتم الجلسة‏، إنه من الواضح أن القانون المصري أفضل من قوانين أميركية كثيرة ثم قرر تأجيل القضية إلي الأسبوع القادم‏ .
حضر الجلسة كل من المستشار هشام سرايا ، والدكتور جاب الله رئيس هيئة الاثار المصرية واللواء علي السبكي مدير مباحث السياحة والآثار والقنصل العام المصري بنيويورك ومساعد المدعي العام الاميركي كما حضر المتهم أمام هيئة المحكمة بصحبة‏3‏ محامين للدفاع عنه والذين استشهدوا بشاهدي نفي مصريين حيث استمعت هيئة المحكمة الأميركية لشهود النفي والاثبات ومناقشة أهداف القانون المصري ومدي تطبيقه ومواد العقوبات الواردة فيه ودور شرطة السياحة والاثار في الحفاظ علي الآثار المصرية كثروة قومية وطبيعة عمل هيئة الآثار وقد تم تقديم العديد من المستندات التي تدين المتهم وتؤكد ضرورة معاقبته وتسليم الاثار المصرية علي رأسها رأس أمنحتب الثالث وتمثال الا له حورس
والبداية كانت موافقة أصدرها حبيب العادلي وزير الداخلية المصري ، وفاروق حسني وزير الثقافة ، علي سفر فريق مصري متكامل بناء علي أستدعاء من المحاكم الاميركية وذلك للدفاع عن قانون الآثار المصري وتقديم أدلة الاتهام ضد المتهم الأميركي الذي اشترك في تشكيل عصابي دولي يضم‏17‏ متهما من بينهم‏3‏ أجانب استهدف سرقة وتهريب الآثار المصرية عن طريق تغيير معالمها بتلوينها بألوان مختلفة وتجزئتها وتهريبها بزعم أنها مقلدة وفي سويسرا يتم إزالة هذه الألوان واعادتها لطبيعتها وقد اتفق أحد أفراد العصابة ويدعي توكلي أميركي الجنسية مع المتهم فريدريك علي إقامة جمعية عالمية لتجميع الآثار من دول العالم يكون هو رئيسها وصاحبها‏,‏ وتوكلي عضو من أعضاء هذه الجمعية والممول لها بالآثار المسروقة والمهربة وقد تم القبض علي جميع المتهمين ومحاكمتهم عدا المتهم الأخير‏.‏
وفي الاسبوع الماضي عقدت المحكمة أولي جلساتها بمقر المحكمة الفيدرالية بمنهاتن بنيويورك في الساعة الحادية عشرة صباحا وحتي الساعة التاسعة ولنصف مساء وسط حشود من مراسلي الصحف العالمية والوكالات الاجنبية والمواطنين من مختلف الجنسيات والمهتمين بالقضية وذلك لمحاكمة المتهم الاخير في قضية حيازة وتهريب وسرقة الاثار المصرية حيث حضر المتهم فريدريك شولتز للمثول أمام هيئة المحكمة.
مفاجأة
كما حضر‏3‏ محامين للدفاع عنه وطالبوا بضرورة سماع شهود نفي وكانت المفاجأة الكبري عندما تبين أنهم شخصان مصريان وهما مدحت عبدالمنعم أبو الفضل محامي نقض ومقيم بالولايات المتحدة ، ونجله خالد حيث قررا أمام المحكمة عيوب القانون المصري رقم‏117‏ لسنة‏83‏ بشأن حماية الآثار المصرية واكدا سوء صياغته وتعارض مواده مع قانون العقوبات والقانون المدني وعدم صلاحيته‏..‏ وأكدا عدم تطبيقه بمصر لانه قانون صوري لايعمل به كما لايوجد دور فعال للشرطة المتخصصة الخاصة بحماية الاثار المصرية
ومن هنا تقدم دفاع المتهم للطعن في قانون الآثار المصري‏117‏ لسنة‏83‏ لإثبات صوريته ولعدم قيام دور الشرطة بتنفيذه ومدي تعارض القانون مع المفهوم الاميركي للملكية الفردية وملكية الدولة للآثار والاراضي التي توجد بها‏ .
كما استمعت المحكمة لشهود الاثبات وهو الفريق المصري الذي قام بالرد علي ادعاء الدفاع وأوضح لهيئة المحكمة طبيعة عمل ودور هيئة الآثار المصرية واللجان المشكلة لفحص الآثار ومدي التنسيق الفعال بينها وبين أجهزة الشرطة للحفاظ علي الآثار والمناطق الاثرية كما تم توضيح الخلفية التاريخية لصدور القانون وأسبابه وتطورات الوضع القانوني للآثار خلال القرن الماضي في الوقت الذي اكد فيه الفريق المصري أمام القاضي دور شرطة السياحة والآثار للحفاظ علي الأثر كثروة قومية لمصر سواء بالنسبة للمناطق المغلقة أو المفتوحة واسلوب العمل في ضبط القضايا الأثرية تنفيذا للقانون‏117‏ لسنة‏83‏ واكثر الجرائم شيوعا والخطط المباحثية المتبعة لملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وضبطهم وكيفية الاحتفاظ بالمعلومات الجنائية كما تم تقديم احصائيات كاملة لعدد القضايا التي تم ضبطها منذ صدور القانون وهي نحو‏25‏ ألف قضية تتضمن ازالة تعديات واتجار بالآثار وحفر وتنقيب وتهريب ومخالفات حيازة وأحاط الفريق المصري قاضي المحكمة بالأسلوب المتبع في كيفية الحصول علي بيان القضايا التي ضبطت بصفة رسمية كما أحاطوه علما بمواد العقوبات الخاصة بالقانون‏117‏ من الماده‏41‏ الي‏47‏ وكيفية تنفيذها طبقا لنوع الجريمة خاصة جرائم السرقة والتهريب والحفر خلسة.
وقد شرع القاضي في الاكتفاء بما تناولته المحكمة من شهود إلا أن الأدعاء أصر علي الاستماع إلي المستشار هشام سرايا لتوضيح وجهة القانون المصري وموقفه وقد أوضح للبس الخاص ببعض المواد منها المادتان الاولي والثانية ومادة‏24‏ الخاصة بتسليم الآثار التي عثر عليها مع المتهم فريدريك شولتز والتعريفات القانونية للملكية والحيازة والسرقة ومصادر تلك التعريفات واعتبار جميع الآثار من الاموال العامة في المادة‏6‏ عدا لموقف‏,‏ وكذلك معني حالات التملك والحيازة والحقوق المترتبة عليها وفقا للقانون وكيفية تحديد الاثر واللجان المشكلة وكذلك الماده‏13‏ والخاصة بتسجيل الاثر العقاري وما يترتب عليه والحكم بعدم دستوريتها‏.‏
وعقب الانتهاء من سماع الشهود علق قاضي المحكمة بأن القانون المصري أفضل من قوانين أميركية كثيرة وقرر تأجيل القضية إلي الاسبوع القادم‏.