الرياض - من صبحي رخا: أقرت الحكومة السعودية في جلسة استثنائية عقدها مجلس الوزراء السعودي برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ميزانية العام المالي المقبل 2002 بعجز مضاعف عن العام الحالي بلغ 45 مليار ريال (12 مليار دولار) مقابل 25 مليار ريال حيث حددت الايرادات في الميزانية الجديدة بمبلغ 157 مليار ريال في مقابل نفقات تقديرية تبلغ 202 مليار ريال.
وكان العجز في الميزانية السعودية متوقعا بسبب الظروف الدولية الراهنة وتقلبات أسواق النفط الا انه فاق توقعات الخبراء بكثير خصوصا في ظل الانتعاش الذي شهدته أسواق النفط وارتفاع أسعاره خلال ثلاثة الأرباع الأولى من العام الحالي قبل ان تتدهور مرة أخرى خلال الربع الأخير اذ كان من المتوقع ان يستمر العجز على معدله أو يقلص قليلا لكن يبدو من جهة أخرى ان الحكومة السعودية فضلت ليس فقط استمرار العجز بل زيادته على ان تستثمر الفائض في ايرادات الدولة من النفط لتسديد الدين العام أو جانب منه حيث بلغ هذا العام 630 مليار ريال وكذا ان توجه جانبا آخر من الفائض للتوسع في المشروعات الخدمية كالصحة والتعليم والقوى العاملة, ووصف وزير المالية السعودي ابراهيم العساف العجز في الميزانية بأنه عجز الأقوياء وأكد انه سيقلص بضغط النفقات الحكومية وسيكون أقل في العام المقبل مع تطور سوق النفط, وتوقع العساف ان تصل مديونيات الدولة مع نهاية العام الحالي الى 630 مليار ريال مشيرا الى ان هناك تسديداً مستمراً من قبل الدولة لهذه الديون على المديين المتوسط والطويل ولفت الى انه سيتم قريبا صرف مليار ريال للمزارعين.
وكان من اللافت للمرة الأولى ان الحكومة السعودية لم تعلن عن أرقام الميزانية الفعلية لجهة الايرادات والمصروفات للعام الحالي وهي تعتبر مهمة جدا كونها تمثل مؤشرا للتوقعات الواردة في الميزانية الجديدة ومدى امكان تحقيقها كما يمكن من خلالها استنتاج سعر برميل النفط الذي بنيت على أساسه الايرادات في الميزانية الجديدة, ولكن يمكن توقع ان الايرادات الفعلية للعام الحالي تدور حول الرقم المتوقع لايرادات العام المقبل أو تزيد عنه قليلا فهو 157 مليار ريال بالنظر الى تراجع اسعار النفط وكانت الايرادات التقديرية في ميزانية العام الحالي بلغت 215 مليار ريال وهو نفس مبلغ المصروفات المتوقعة ورغم توقع تراجع الايرادات للعام المالي المقبل 2002 بما يقارب 27 في المئة من 215 الى 157 مليار ريال فمن المتوقع كذلك تراجع الانفاق بنحو 6 في المئة من 215 الى 202 مليار ريال.
ويسجل لميزانية العام 2002 مؤشرات مهمة أبرزها زيادة الانفاق الحكومي على القطاعات التي تمس رفاهية المواطن حيث خصص 22,8 مليار ريال (6 مليارات دولار) لدعم قطاع الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية و10,1 مليار ريال لقطاع التجهيزات الأساسية والصناعة والكهرباء والموارد الاقتصادية كما شملت الميزانية تخصيص 16,6 مليار ريال لمشاريع تهدف لراحة المواطن مثل اعتماد مشروعات جديدة واستكمال أخرى قائمة في مجالات كالمياه والصرف الصحي وسفلتة الشوارع وتصريف السيول والتنمية الادارية والتعليم عبر انشاء المزيد من المدارس والكليات.
وقدمت الميزانية الجديدة على الرغم من الظروف الدولية المحيطة وانكماش الاقتصاد العالمي كأحد تداعيات أحداث 11 سبتمبر وظروف أسواق النفط دلائل قوية على قدرة الحكومة السعودية على التعامل بواقعية مع التطورات الاقتصادية حيث وضعت الايرادات عند مستوى متحفظ جدا في مقابل التوسع في الانفاق ما يترك مساحة أكبر من حرية الحركة والتعامل بمرونة مع أسوأ الاحتمالات في حال استمر الانكماش الاقتصادي العالمي لأشهر أخرى قادمة أو استمر كذلك تراجع أسعار النفط في ظل حال الغموض التي تسيطر على السوق النفطية .(الرأي العام الكويتية)