موقع مواجه لتورا بورا

إيلاف : نبيل شرف الدين
قال متحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الاثنين ان اعتقال أسامة بن لادن وزعيم طالبان الملا محمد عمر في افغانستان قد اصبح
وشيكا ، وأضاف المتحدث كينتون كيث الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي "في تقديرنا ان كلا من اسامة بن لادن والملا عمر موجودان في افغانستان"
واضاف كيث قائلا "لدينا اسباب تحملنا على الاعتقاد بأن هناك تقدما يتحقق لتضييق الخناق على اسامة.. لم نقبض عليه بعد.. ولكني اعتقد ان السؤال الان هو متى (سنقبض عليه) وليس ان كنا (سنقبض عليه)" .
وقد اختفى الملا عمر منذ ان سلمت حركة طالبان التابعة له قندهار التي كانت اخر معاقلها الحصينة في الجنوب يوم الجمعة. وتواصل القوات الأفغانية التي يؤازرها قصف جوي أميركي لا ينقطع مهاجمة ما يشتبه في انه معاقل حصينة لابن لادن ، بينما يتمركز الجيش الباكستاني على قمم الجبال الحدودية ، وسلاح البحرية الأميركي يقوم بطلعات استطلاع في سماء دولة الصومال للاستعداد للمرحلة التالية في الحرب على الإرهاب .
لا تزال القوات الأميركية تواصل القصف الشديد لمنطقة "تورا بورا" ، مقتنعة بأن أسامة بن لادن ومجموعة من مقاتلي القاعدة يختبئون في ملجأ جبلي في سلسلة الكهوف الحصينة أو بالقرب منها ، وهدف القصف هو تمهيد السبيل نحو غارة أرضية يشنها مقاتلو التحالف ، إلا الجيش الأميركي شدد يوم الأحد على أنه حتى مع القبض على بن لادن، فإن تلبية كل الأهداف الأميركية في أفغانستان سيتطلب بقاء القوات الأميركية وقتاً أطول ، ربما لسنوات طويلة مقبلة وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا أنه حتى مع إقصاء طالبان من السلطة واعتقاد المسؤولين الأميركيين أن بن لادن ومجموعة من مقاتلي القاعدة محاصرون بالقرب من مخبأ جبلي رئيسي، فإنه لم يتم إنجاز المهمة بعد ، ويقول نائب وزير الدفاع الأميركي، بول وولفوفتز: "أهم شيء أن يفهم الأميركيون أننا سنسعى لتحقيق أهدافنا في المستقبل ، فالأعداء المهزومون نصف هزيمة خطرون، وسيستغرق الأمر وقتاً أطول لإخراجهم" ، وأضاف وولفوفيتز أنه من الممكن أن يتم إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى أفغانستان ، إلا أنه لم يقدم جدولاً زمنياً أو تقديراً للقوات التي سيتم إرسالها ، وقال مسئولون أميركيون أن القوات الأميركية لن تحتل أفغانستان إلا أنها ستتتبع ابن لادن وأعضاء القاعدة ، وتستمر في جهود الإغاثة الإنسانية ومساندة حكومة ما بعد طالبان ، وقد قال نائب الرئيس الأميركي، ديك تشيني، في برنامج Meet the Press على شبكة NBC : "إننا لا نحرص على جر الولايات المتحدة لاحتلال أفغانستان ، هذا ليس هدفنا ، نريد أن نتأكد أن ما تركناه سيسمح للشعب الأفغاني بتطوير حكومتهم الشرعية ، وهي الحكومة التي ستضمن أنه في المستقبل لن يجد إرهابي ملاذاً آمناً مرة أخرى في أفغانستان ، وقد يستغرق هذا الهدف سنين ، وهذا سيعتمد على وكالات الإغاثة وربما قوات حفظ السلام من الأمم المتحدة" .
اصطياد ابن لادن
هذا ويعتقد مسئولون أميركيون وبعض الزعماء المناهضين لطالبان أن بن لادن ـ الذي أعلنت الولايات المتحدة عن جائزة قيمتها 25 مليون دولار للقبض عليه أو قتله - يختبئ في متاهة أنفاق وكهوف تورا بورا شرقي أفغانستان. يقول تشيني: تشير الكثرة من التقارير إلى أن بن لادن في هذه المنطقة." ويقول الجنرال ريتشارد مايرز، من القوات الجوية ورئيس أركان الحرب المشتركة: "القوات الأميركية الخاصة مع القوات المناهضة لطالبان للمساعدة في إنجاز أي من هذه الأهداف ولمساندة الضربات الجوية والمعارضة. فقوات القاعدة قد تم نصب الشراك لها في بعض المناطق وهم يقاتلون لإنقاذ حياتهم." وأضاف أنه ليس لديه معلومات تؤكد التقارير القائلة بأن بن لادن قد خرج بنفسه من سلسلة الكهوف ليقود قواته. ويقول أن مسئولين في البنتاجون يعتقدون أنه من الممكن أن يكون زعيم طالبان الملا محمد عمر موجود في منطقة قندهار بعد فراره من المدينة التي كانت آخر معاقل حركته.
جحيم القصف
وقد شنت الطائرات الأميركية هجوماً مركزا اليوم على سلسلة كهوف تورا بورا على مدار الساعة في الوقت الذي يستعد فيه رجال القبائل الأفغانية للهجوم. وفي واحدة من أكثر الهجمات تركيزاً على سلسلة الكهوف الشاسعة والغابات المجاورة إلى الآن، شنت القاذفات الأميركية بي 52 هجمات كل 30 دقيقة لقصف المناطق الجبلية وسفوح الجبال وملأت الوادي بسحب الدخان والتراب. وتسقط الطائرات الأميركية من أربع إلى عشر قذائف في الطلعة الواحدة في الجهود المتزايدة التي تقوم بها القوات الجوية الأميركية لإضعاف دفاعات المقاتلين الموالين لبن لادن حتى تتمكن القوات البرية من الدخول للمنطقة.
وقد صرح مسئولون عسكريون أميركيون لشبكة NBC أنهم قد أسقطوا أثقل القنابل في تاريخ الترسانة العسكرية التقليدية على توره بوره، وهي ديزي كتر التي تزن 15 ألف رطل والتي تقتل أي شيء في محيط 600 ياردة. وقال المسئولون أن هذه هي المرة الرابعة التي تستخدم فيها الولايات المتحدة هذا السلاح في الصراع في أفغانستان. وفي الوقت الذي تحلق فيه طائرة الاستطلاع بي 3 أوريون التابعة للبحرية الأميركية قامت مقاتلة بتنفيذ طلعة وأسقطت قذيفة تزن 2000 رطل على ما بدا أنه كهف في جانب قمة الجبل لتسبب وميضاً برتقالياً لامعاً ودخاناً أسود ودوياً عظيماً. وكان يرقب المشهد المئات من المقاتلين المعارضين لطالبان على بعد بضع أميال بينما تملأ سحب الدخان السوداء والتراب الأودية.
يقول حاجي ظاهر، وهو قائد عسكري وابن الحاكم الإقليمي عبد القادر: إن القصف المكثف وحده لن يخرج مقاتلي القاعدة من سلسلة الكهوف المحفورة في قلب الجبال البيضاء. ولأيام كان مقاتلو التحالف من القبائل الشرقية يشنون هجمات على مواقع القاعدة يساندهم قصف الدبابات العتيقة السوفيتية الصنع وقد نجحوا في السيطرة على بعض المناطق. إلا أن القاعدة يبدون مقاومة شديدة بقذائف الهاون ومنصات الصواريخ والأسلحة الصغيرة. وقال ظاهر أنه وقادة آخرون يجمعون قوة قبلية تقدر بألفي وخمسمائة رجل لشن هجوم قريباً.
الحصار
وفي غضون ذلك، نشرت باكستان قواتها على حدودها مع أفغانستان لسد طرق الهرب أمام بن لادن وزعماء شبكته الإرهابية، القاعدة. ويقول مالك عنايت خان، زعيم قبيلة كوكي خيل: "لقد حصل الجيش الباكستاني، وللمرة الأولى، على إذن من زعماء القبائل البشتونية لنشر قواته في المناطق الحدودية التي تحكمها تلك القبائل لسد طرق الهرب أمام زعماء تنظيم القاعدة. وأضاف أن القوات تخطط لأخذ مواقعها يوم الاثنين. هذا ويعتقد الكثير من الخبراء أن بن لادن وزعماء القاعدة الآخرون يحاولون عبور الحدود الباكستانية والبحث عن مأوى يجدون فيه متعاطفين للهرب من مطارديهم. وما لم يكونوا قد فعلوا ذلك بالفعل فسيكون الأمر صعباً مع حراسة القوات الباكستانية لقمم الجبال التي تغطيها الثلوج على حدود البلدين. وقال تشيني أن مسئولي وزارة الدفاع الأميركية أخبروا زعماء القبائل المناهضة لطالبان أنهم يريدون بن لادن وزعيم طالبان الملا محمد عمر، الذي يعتقد أن كلاهما هارب في أفغانستان، إذا ألقي القبض عليهما. وأضاف: "إذا كانا على قيد الحياة، نتوقع أن نضعهما رهن الاعتقال." وقد أكد تشيني أيضاً وجود شريط جديد للمنشق السعودي الهارب يتحدث فيه عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك ووشنطن وبنسيلفانيا ويشير إلى أنه كان عنده علم مسبق بالمخطط الإرهابي ، وقال: "لقد أظهر معرفة حقيقية بما حدث. إن شريط الفيديو دليل جديد يؤكد مسئوليته عن الهجمات."
تورا بورا
بينما تركز الولايات المتحدة جهودها على "توره بوره" ، فإن بعضاً من القادة المناهضين لطالبان يعتقدون أن بن لادن يختبئ في الجنوب بالقرب من قندهار، آخر معقل سقط لطالبان. وقد أبرز وجهة النظر هذه رجل يتحدث بالعربية عرف نفسه على أنه عضو من القاعدة عندما اتصل بوكالة أنباء أسوشيتد برس ، وقد ادعى الرجل، الذي قال أن اسمه أبو عبد الله من تونس ويبلغ من العمر 27 عاماً، أن أسابيع من القصف الأميركي لم تفعل شيئاً يذكر في "توره بوره" ، فقد قتل اثنان وأصيب ثمانية إصابات خفيفة ، وقد قال الرجل الذي اتصل من باكستان أن 84 من المقاتلين العرب ـ أغلبيتهم من العراق وتونس والجزائر ومصر يختبئون في الجبال. وبعضاً من هؤلاء لديه زوجات وأطفال ، وادعى أن المقاتلين ليست لهم صلة ببن لادن وسخر من فكرة أن يكون أكثر الرجال طلباً في العالم من بينهم : "أقسم بالله أن أسامة ليس موجوداً هناك ، وليس لدينا ملاذ سوى معانقة الموت بدلاً من العار".