واشنطن: مايكل ثيودولو *تروج وسائل الاعلام العراقية لأحدث "الروائع الأدبية" التي يصدرها "روائي مجهول". بيد ان كاتب هذه الرواية ليس سوى الرئيس صدام حسين. ويشيد التلفزيون العراقي بما يعتبره كثيرون الرواية الثانية لصدام حسين التي تحمل عنوان "القلعة الحصينة" على انه "عمل أدبي عظيم". كما ستعرض المسارح العراقية قريبا مسرحية غنائية مستوحاة من رواية صدام الاولى "زبيبة والملك" التي حولت ايضا الى مسلسل تلفزيوني لا يزال في طور الاعداد. غير ان القراء النهمين لروايات صدام ليسوا من العراقيين ولكنهم من الجواسيس . اذ ينتظر مسؤولو الاستخبارات الغربيون روايته الجديدة بفارغ الصبر لدراستها واستشفاف حالته العقلية والتقاط اية مؤشرات على حالته الصحية. وربما كان عنوان الرواية يوجه رسالة الى الرئيس الاميركي جورج بوش مفادها انه يضيع وقته اذا كان وضع العراق على قائمة اهداف الحرب على الارهاب. وحسب التلفزيون العراقي فان القراء على موعد مع رواية تروي احداثها المثيرة تفاصيل "مواجهة قوى الشر". وكان العراقيون قد رأوا الاسبوع الماضي غلاف الرواية الذي تعلوه صورة امرأة جذابة. ولا تحمل الرواية اسم مؤلفها ولكن حجم الترويج الرسمي الطاغي لها كاف لمعرفة من يكون صاحبها. ويفترض ان الغرض من عمل صدام الأدبي الاخير هو رفع المعنويات بسرد مواجهته للغرب في سياق يجمع بين الرومانسية والوطنية والمغامرة ومقاطع جنسية صريحة. ويرافق صدور هذه الرواية تحضير المسرح العراقي الوطني لمسرحية غنائية باذخة مستوحاة من رواية صدام الاولى "زبيبة والملك" وتحكي قصة ملك محبوب وحازم. وكانت هذه الرواية قد صدرت السنة الماضية واستلهمها احد الشعراء ليؤديها عدد من نجوم المسرح الذين لا بد وان الخوف الذي يعتريهم من نسيان سطر من الادوار المخصصة لهم اكبر بكثير من نظرائهم في الدول الاقل سلطوية. ويقال ان هذا العمل المسرحي سيكون اضخم الاعمال المسرحية العراقية. اما حجم الدعاية التي يلقاها في وسائل الاعلام العراقية التي تسيطر عليها الدولة فيماثل ما لقيه فيلم "هاري بوتر" من دعاية في وسائل الاعلام الغربية. بيد ان بعض العراقيين غير معجبين باشتغال صدام في الادب بعد مرور اكثر من عقد على فرض العقوبات وتنامي القلق من ضربة اميركية جديدة للعراق. وعلق احد الكتاب العراقيين المقيمين في لندن قائلا "انه يعلن عن صدور روايته الثانية في الوقت الذي لا يجد فيه الناس ما يسد رمقهم ويبدو مثل شخص غير مكترث بمعاناتهم". ورغم تنصيب صدام نفسه مؤلفا واديبا فان ذلك لم يمنعه من نصب تماثيله وتوزيع ملصقاته في معظم شوارع العراق. اما عوائد هذه الاعمال الادبية فانها ستنفق على الفقراء والمحتاجين طبقا للاعلام العراقي. من جهتها، خلصت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) الى ان صدام لم يكتب رواية "زبيبة والملك" ولكنه اشرف عن قرب على كتابتها وغذاها بأفكاره وكلماته الخاصة. فلغة الرواية زاخرة بعبارات التحدي المألوفة في خطابات الرئيس العراقي.
ولكن خلافا لما ذهبت اليه "سي آي إيه" يشك كثير من العراقيين في ان يكون رئيسهم قد اعتمد على خدمات كتاب مجهولين. ويسخر رجل اعمال عراقي في الاردن من ذلك قائلا "ان الملك يتحدث الى زبيبة بنفس الطريقة التي قد يتكلم بها صدام مع احد افراد مجلس قيادة الثورة. فضلا عن ان لغة الرواية مشبعة بعبارات لا تقل عن تلك التي تلمس في خطاباته، كما ان موضوعها حافل بالغرور".
ويقال ان لصدام طموحات ادبية بعيدة، ورغم انه لم يلتحق بالمدرسة الا عندما بلغ الثامنة من عمره، فانه عكف في وقت لاحق على القراءة بنهم، واهتم بشكل خاص بالسير الذاتية للشخصيات التاريخية وبينها سيرة جوزيف ستالين. وبمساعدة كاتب مجهول ذي خيال خصب جمع صدام عددا من المقالات حول مواضيع متنوعة تتدرج بين نقاشات ثقيلة الوزن عن الاشتراكية وحتى اسداء النصائح حول النظافة الشخصية ومن بين ما كتبه ان "على الرجال الاستحمام مرة في اليوم اما النساء فمرتين".
* خدمة "كريستيان ساينس مونيتور" ـ خاص بـ"الشرق الأوسط"
&