ايلاف- سمر عبدالملك: تعهد البرلمان الاسباني امس بان يعوض على الشاذين جنسيا سنوات الاضطهاد والاعتقال التي عاشوها في عهد الدكتاتور السابق الجنرال فرانشسكو فرانكو،& مؤكدا على انه& سينظف سجلاتهم من التهم الاجرامية التي ألصقت بهم طيلة فترة حكم فرانكو التي دامت أربعين سنة.
وخلال الفترة التي حكم بها فرانكو إسبانيا، سجن آلاف الشاذين جنسيا، واحتجزوا في مصحات للأمراض العقلية أو في مخيمات خاصة عقابا لنزعتهم المثلية، حيث أنه فرض خلال فترة عليهم فترة عقاب كانت تصل أحيانا الى ثلاث سنوات من السجن وفقا لقوانين "الفضائح العامة" أو "الفضائح الإجتماعية".
وكان الشاذون جنسيا، أكثريتهم من الرجال، ينقلون الى المصحات العقلية حيث كانوا يعالجون بالصدمات الكهربائية.
واتخذ أمس قرار يلغي الأحكام بحق الشاذين جنسيا الواردة في ملفات الشرطة، كما يبحث البرلمان بسبل لإصلاح الأضرار التي تسببت بها حكومة فرانكو.
ومن بين القضايا التي هي بحاجة ملحة للتعويض هي قضية أنطونيو رويز شرق فالينسيا الذي سجن خلال الفترة الأخيرة من حكم فرانكو وهو في السابعة عشرة من عمره، بعد أن إعترف لوالدته بشذوذه الجنسي لتطلع الأخيرة راهبة بالامر بهدف الإستشارة والنصح.
أفاد رويز أمس بأن "الراهبة توجهت مباشرة الى دائرة الشرطة وإعتقلتني السلطات وأرسلت الى المحاكمة". وأضاف "أمضيت ثلاثة أشهر في السجن حيث اغتصبت وعذبت نفسيا في خلايا الشرطة من قبل الحراس وأطباء السجن".
واكتشف رويز عندما أوقفه ضابط في الشرطة منذ خمسة أعوام للتأكد من هويته أن شذوذه الجنسي كان لايزال مسجلا في سجلات الشرطة، وقال أحد الشرطيين في حينها "إنتبه، هذا شاذ".
ولم يتمكن رويز من تسوية سجله الرسمي حتى العام الماضي ويطالب اليوم بالتعويض، حيث أفاد بأن "المسألة لا تتعلق بالمال، إنما هي مسألة إسترداد أخلاقي لشخص اضطهد بوحشية ودمرت حياته".
ويصعب تحديد أعداد الأشخاص الذين تأذوا من خلال المقاييس التي حددها البرلمان أمس، حيث أنه سجن في العهد الماضي خلال الفترة التي حكم بها فرانكو ما يزيد عن ألف شاذ. وصرح المؤرخ بابلو فوينتيز بأن "الكثير منهم لا يريد تذكر ما حصل" حيث أن أولئك الذين عانوا الاضطهاد كانوا من الطبقات الدنيا. أضاف " ليس غير إعتيادي أن نسمع بشاذين جنسيا من الطبقات العليا الا أن الأرستقراطيين يعتبرون الفترة التي حكم خلالها فرانكو بأنها عظيمة".
ولم ينته اضطهاد اللواطيين مع موت فرانكو عام 1975، ففي الحين الذي أعفت السلطات بعد موته عن آلاف المتهمين بقضايا سياسية وغيرها من القضايا، أبقت الشاذين جنسيا في السجون الى أن أنهوا مدة الحكم الصادر بحقهم، واستمرت المحاكم بملاحقتهم حتى العام 1979 تحت القانون المسمى بـ"الخطر على المجتمع والاصلاح".
وأثنى رئيس إتحاد اللواطيين والسحاقيات بيدرو زيلورو على قرار البرلمان، الا أنه أمل بأن ينفذ هذا القرار معتبرا "أن ما نطالب به هو إصلاح أخلاقي لأولئك الأشخاص الذين سرقت الحكومة جزءا من حياتهم".
وإعتبر مؤيدو النظام الكتائبي الذي كان يطبقه فرانكو بأن اللواطيين يهددون نظرة الناس الى الذكر الاسباني "القوي"& الذي يعتبرونه مثالهم الأعلى، حيث هدد مرة مذيع الأخبار المفضل لدى فرانكو الجنرال كويبو ديل يانو بأن "أي مخنث أو منطوي على نفسه يقدم على إهانة الحركة سيقتل كالكلاب".
ومن بين اللواطين البارزين الذين قتلوا خلال حكم فرانكو كان الشاعر والكاتب المسرحي اليساري فيديريكو غارسيا لوركا لأن نظام فرانكو المهيمن في حينها صنف مؤلفاته بأنها مدمرة.
واعتبر الشذوذ الجنسي في المرحلة الأخيرة من حكم فرانكو بأنه مرض بدلا من جريمة، حيث كتب العالم النفسي لوبيز إيبور في العام 1968 بأنه "يجب النظر الى الشاذين جنسيا على أنهم أشخاص يعانون من مرض أكثر من إعتبارهم مجرمين، الا أنه يجب أن يمنعهم القانون من الهداية في المدارس، النوادي الرياضية والثكنات العسكرية".
وأدلى رئيس الوزراء الاسباني خوسي ماريا أثنار الذي ينتمي الى حزب حكومة الشعب المحافظة بصوته ضد التعديل الذي كان سيمنح وبشكل آلي تعويضات مالية للذين سجنوا في السابق لشذوذهم الجنسي، الا أنه وافق على إنشاء لجنة لدراسة هذه القضايا.