باريس - اضفت اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر والاولوية الممنوحة الى مكافحة الارهاب، تعقيدات واضحة على دور الاتحاد الاوروبي في الشرق الاوسط حيث كان نفوذه ضئيلا جدا في الاصل، على ما يرى محللون. ويعكس بيان الدول ال15، الذي اعتمد الاثنين بعد مفاوضات شاقة ودعا للمرة الاولى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الى تفكيك "الشبكات الارهابية لحماس والجهاد"، الوضع الصعب الذي تواجهه دول الاتحاد.
&وقال دبلوماسي غربي طلب عدم ذكر اسمه "كل شيء تغير منذ اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر والوضع الجديد" الذي برز بعد انضمام الشركاء الاوروبيين الى الولايات المتحدة في اطار الائتلاف المناهض للارهاب. ومساء الاربعاء اثارت الاعتداءات ضد المستوطنين الاسرائيليين على الفور ادانة مشتركة من قبل الرئيسين الفرنسي جاك شيراك والاميركي جورج بوش.
&واعتبرت المفوضة العامة لفلسطين في فرنسا ليلى شهيد "اجد في اعلان الاتحاد الاوروبي لهجة وعبارات اقرب الى مواقف الاميركيين منها الى مواقف الاوروبيين. وانني اعرب عن اسفي لان تكون مساهمتهم الاساسية منذ بدء الانتفاضة (ارسال مراقبين محايدين الذي ايدته مجموعة الثماني) سقطت من برنامجهم". والملفت في بيان الاتحاد الذي قدم على انه نص "متوازن" من وحي الماني، اعتماده لهجة شديدة حيال عرفات.
واعربت اسرائيل على الفور عن ترحيبها بالبيان في حين انه اثار حرجا كبيرا في صفوف العرب والفلسطينيين بمن فيهم عرفات الذي وصفه بفتور بانه "متوازن". وانتقدت سوريا وايران البيان علنا واكدتا بانه يقلل من اهمية الاحتلال الاسرائيلي والانتفاضة الناجمة عنه. كما وصفتا الاتحاد الاوروبي بانه "منفذ" لمشيئة الولايات المتحدة واسرائيل. وطلب البيان من السلطة الفلسطينية "تفكيك الشبكات الارهابية في حماس والجهاد الاسلامي بما في ذلك اعتقال جميع المشتبه فيهم وملاحقتهم قضائيا". كما طلب "اصدار نداء علني بالعربية يعلن انتهاء الانتفاضة المسلحة".
&من جهة اخرى طلب البيان من اسرائيل "سحب قواتها العسكرية ووقف عمليات القتل دون محاكمة ورفع الاغلاق وجميع القيود المفروضة على الشعب الفلسطيني وتجميد الاستيطان". وفي باريس تفيد مصادر ان الدبلوماسية الفرنسية بذلت طوال ايام جهودا حثيثة، بعد موجة الاعتداءات المناهضة لاسرائيل التي لا سابق لها منذ بدء الانتفاضة والتي اوقعت 30 قتيلا، لتفادي اعتماد بيان يكتفي ب"تعداد" مطالب موجهة الى السلطة الفلسطينية فقط.
واوضحت هذه المصادر ان النص النهائي يتحدث عن تفكيك "الشبكات الارهابية" لحماس والجهاد اللتين لم تصنفا رسميا على انهما "منظمتان ارهابيتان" ويدعو الى وقف "الانتفاضة المسلحة" في اشارة الى الهجمات المناهضة لاسرائيل بدلا من الاكتفاء باستخدام كلمة "انتفاضة" التي تعني التمرد الشعبي. وتثير هذه "الدقة" في اختيار التعابير استياء الاوساط الدبلوماسية العربية في باريس اذ لم يتردد البعض في وصف النص بانه "سخيف ولا يمت الى الواقع بصلة". وقال جان فرنسوا لوغران الباحث الفرنسي الخبير في القضية الفلسطينية ان "الاوروبيين يعطون الانطباع بانهم مستعدون لجميع التسويات للاحتفاظ بدور حتى ولو كان ثانويا (...) ويبدو انهم موافقون على التشبيه الذي يعتبر حماس مرادفا لبن لادن".
ومنذ 11 ايلول/سبتمبر تحاول دول عدة من الاتحاد خصوصا بريطانيا والمانيا ارضاء الولايات المتحدة واسرائيل. وبعدما تخلصت من عقدها التاريخية، انتهجت برلين قبل اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر دبلوماسية ناشطة في الشرق الاوسط تتماشى مع ما ترغب به دول مثل فرنسا. وقال دبلوماسي عربي ان "كل شيء تغير منذ ذلك التاريخ. ولم يبق سوى الاميركيين الذين باتوا في موقع قوة بفضل "انتصاراتهم" الاخيرة، واتباعهم".