استجاب عرفات للضغوط الأميركية والأوروبية بحل وتفكيك منظمتي حماس والجهاد‏,‏ ولكن ذلك لم يمنع إسرائيل من القيام بغارات عنيفة علي المدن الفلسطينية‏,‏ استخدمت فيها طائرات ف ــ‏16‏ الأميركية‏,‏ لقصف مقر عرفات وتدمير مطار غزة‏,‏ وانزال خسائر بالغة بالمدنيين‏,‏ واعطي شارون لنفسه الحق في ارسال قواته إلي مدن الضفة وغزة لاعتقال من تريد اعتقالهم من الفلسطينيين بحجة انهم إرهابيون‏..‏ بعد ان أعلن قطع علاقاته مع عرفات‏.‏
وقد سبق أن فعل نتيانياهو نفس التصرف‏.‏
بقطع علاقاته مع عرفات‏....‏ ولم يسفر هذا الاجراء إلا عن تصعيد درجات العنف‏,‏ كما يحدث حاليا‏,‏ حيث لا يقف أي مانع أمام فصائل المقاومة الفلسطينية في اتخاذ ما تراه من عمليات للرد علي العدوان الإسرائيلي والإرهاب الشاروني المستمر‏.‏
ومنذ البداية‏,‏ فقد كان الخطأ الفادح الذي وقعت فيه أمريكا وتبعتها أوروبا‏,‏ هي أنها استجابت لشارون وأعطته الضوء الاخضر لضرب السلطة الوطنية واستخدام اقصي درجات القوة العسكرية للرد علي ما اعتبرته عمليات إرهابية ضدها‏...‏ وكان طبيعيا أن يؤدي ذلك إلي اضعاف سلطة عرفات وانهيار سياساته القائمة علي طلب السلام‏,‏ وجاء قرار منعه من السفر إلي الدوحة‏,‏ إمعانا في اذلاله ليقضي علي كل أمل في تحقيق فترة الهدوء المطلوبة‏.‏
المطلوب من عرفات الذي تزداد عقدة الحبل حول رقبته‏,‏ والذي تم تدمير مقره وضرب قواته ومساعديه من رجال الأمن‏,‏ رغم استجابته للضغوط الأمريكية والاسرائيلية باعتقال ناشطي حماس والجهاد‏,‏ أن يحمي مصالح اسرائيل ويتولي الحفاظ علي أمنها‏..‏
وقد بنت هذه الدول موقفها علي افتراض أن حماس والجهاد تشكيلات تخضع لأوامر عرفات‏,‏ وأن عرفات هو الذي أشعل الانتفاضة ويستطيع أن يطفئها‏..‏ وهو ما يؤكد درجة الجهل والتجاهل لحقائق الموقف‏..‏ حيث لايملك عرفات سيطرة فعلية علي هاتين المنظمتين‏,‏ اللتين ترعرعتا واكتسبتا تأييدا في صفوف الفلسطينيين بنسبة كبيرة بعد وصول شارون وسياساته الوحشية التي يطبقها دون رادع‏.‏ وطبقا لاستطلاعات أجريت في أكتوبر‏2000‏ فقد ارتفع عدد المؤيدين لحماس والجهاد من‏23‏ بالمائة إلي‏31‏ بالمائة‏.‏ وقد تصل النسبة الآن إلي أكثر من‏50‏ بالمائة‏.‏
ربما تكون حماس أو جناحها العسكري قد أخطأت في تقدير عواقب عملياتها الأخيرة‏,‏ التي قد تؤدي إلي الاطاحة بالسلطة وبعرفات‏,‏ ولن تحرك الدول العربية ساكنا لأنها أضعف من ذلك‏,‏ والدليل هو البيان الهزيل الذي خرج من لقاء الدوحة‏..‏
وقد لا تجد حماس والجهاد خيارا آخر غير العمل السري بعد ذلك‏.‏(الأهرام المصرية)