&
* انها ثارات قديمة وعلينا فعل الكثير لردم الهوة
لندن ـ نصر المجالي: حمل الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون الدول الغنية مسؤولية تنامي الارهاب في العالم داعيا الى حوار فكري وثقافي واقتصادي لسد الثغرات بين الاغنياء والفقراء في العالم.
ودعا الرئيس السابق دول العالم الثالث الى تقنين الديمقراطية والعمل على تثبيت اسس المشاركة الشعبية الراسخة في الحكم، وكان الرئيس يتحدث في ندوة ليل الاحد ـ الاثنين اعدتها هيئة الاذاعة البريطانية تحت اسم "محاضرة جوناثان ديمبلبي".
وديمبلبي يعد من اشهر المحاورين الاعلاميين في قنوات التلفزة البريطانية، وهو سيستضيف في اوقات لاحقة عديدا من ذوي الاختصاص والمفكرين والسياسيين واصحاب القرار في العالم لالقاء محاضرات تتعلق بالانسانية في مستهل القرن الواحد والعشرين.
وقال كلينتون ان علينا كدول غنية ان نسعى من جانبنا الى تجسيير الهوة مع فقراء العالم في الدول الاخرى لتجنيب انفسنا اولا وهم ثانيا اية تطورات غير محسوبة.
واعترف ان احداث ايلول (سبتمبر) الماضي في اميركا كانت نتيجة لفهم حسابات خاطئة، واكد ان تجسيير الهوة لا يتم من خلال حوار فكري بل يتعداه الى الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية.
واضاف "نحن دول غنية.. نعم.. ولكننا لم نقدم ما يجعل الآخرون في العالم الثالث ان يثق بنا وبنياتنا نحوهم ايضا"، وقال "كلما وضعنا نحن في الغرب في قفص منفصل عن الآخرين، فانهم ايضا يكونون في اقفاصهم". وهنا تكون مسؤوليتنا نحن الاغنياء ان نتحاور ونستثمر ونتفاعل مع الطرف الآخر.
واعترف الرئيس السابق الذي ترك منصبه مع نهاية العام الماضي للرئيس الاميركي الجديد جورج دبليو بوش ان الغرب الغني لم يفعل شيئا تجاه العالم الثالث الفقير.
وقال "لو فعلنا ذلك لجنبنا انفسنا وهم ايضا، كارثة من مثل ما حدث في نيويورك وواشنطن".
واشار الى ان هنالك عشرات من تريليونات الدولارات يمكن استثمارها بين الجانبين الغني وهو نحن في الغرب، وهم في العالم الثالث حيث المصادر الطبيعية والثروات التي تستغل احيانا في الاسلوب الغلط.
وطالب الرئيس الاميركي الاسبق في ضرورة تدعيم انتهاج ديمقراطيات حديثة في دول العالم الثالث، وقال "ليس المهم ان ندفعهم الى ما نمارسه من ديمقراطية امتدت لعقود طويلة ولكن ان نبدأ بمشوار بسيط قد يعطي آثاره الكبيرة مستقبلا".
وضرب الرئيس كلينتون مثالا على ذلك ما كان حققه العاهل الاردني الراحل الملك حسين حين قرر النهج الديمقراطي، وقال ان الملك احتوى في قراره جميع التيارات المتطرف، واضافها الى برلمانه عبر انتخابات حرة ومشاركة في القرار.
وقال كلينتون "التجربة الاردنية مستمرة وناجحة، فهذا البلد لايعاني صداعا من المتطرفين او المتشددين، وهم ممثلون في مجالس عديدة في البلاد، وهي تعتبر صغيرة في المنطقة ومشاكلها اكبر منها مع وجود لاجئين فلسطينيين ومجاورة لاسرائيل ودول راديكالية اخرى، ولكن التجربة نجحت، فالجميع في الاردن طامح الى مستقبل بلد موحد رغم جميع الاختلافات".
واشار الرئيس الاميركي السابق الى ضرورة التعامل مع الدين الاسلامي وهو صاحب الرسالة العظيمة في منتهى الشفافية والفهم والتفهم من جانب جهات عدة في الغرب.
وقال علينا اولا ان نشير الى ان 500 مسلما كانوا من بين ضحايا تفجير برجي التجارة الدولي في نيويورك، اضافة الى الآف من اديان واثنيات اخرى، وعلينا ان نطرح السؤال :هل الاسلام العظيم بمبادئه هو الدافع لأفعال تلك المجموعة الارهابية التي لا ترى اية فوارق بين الناس حين تنفذ مهماتها الاجرامية؟.
وعرض كلينتون الى احداث ارهابية ضد الانسانية وضد السلام وقال ان الارهاب لا يعرف الا حدود واهداف نفسه وينفذها على نحو يخيف الاخرين للتراجع عن تصميمهم في تنفيذ المهمة السامية الملقاة على عاتقهم.
وقال لنأخذ امثلة من التاريخ الحي الشاهد على الافعال، فالمهاتما غاندي الزعيم الهندي وصانع السلام اغتيل ليس على يد مسلم اومسيحي او يهودي او اثنية اخرى انه اغتيل على يد وتحد من ابناء جلدته العرقية التي ترفض التفاهم العرقيات الاخرى في بناء بلد كبير مثل الهند وهي اكبر ديموقراطية في العالم.
واضاف: والمثل الآخر اغتيال الرئيس المصري انور السادات، فهو قتل على ايدي متطرفين من جيشه لا يريدون لمصر صاحبة الحضارة الانسانية الكبيرة ان تقيم سلاما في المنطقة، وهذا حال ما حدث لاسحق رابين رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق حين اغتاله واحد من ابناء جلدته، انه كان اسرائيليا ولم يكن فلسطينيا او مسلما.
وقال كلينتون "الارهاب ليس له حدودا، لا احد يعلم اننا حين ذهبت قواتنا الاميركية الى الصومال في العام 1993 تحت رعاية الامم المتحدة، انما ذهبت لوقف مجازر كان يقوم بها القائد الصومالي محمد فرح عيديد الذي ذبح انصاره عددا من جنود القوة الدولية الباكستانيين المسلمين، وفي النهاية دفع الجنود الاميركيون الثمن"..
وتابع "ما يجري حاليا بين الفلسطينيين والاسرائيليين امر مثير في القتل والدماء اليومية واعمال العنف في الجانبين، ولا احد يعرف اننا كنا قررنا قبل عام بالتحديد الاتفاق في كامب ديفيد على الاسس التي تكفل قيام دولة فلسطينية مع الحق الكامل والمشروع للدولة الفلسطينية في رعاية الحرم الشريف وجبل المعبد في القدس".
واخيرا، قال الرئيس الاميركي السابق "هنالك في مكان ما من العالم جهات لا تريد ان تسمع ولا ان تنضوي تحت مسيرة الحوار المثمر نحو خلق افاق جديدة في التعامل بين ابناء الانسانيةّ.
وقال ان لهم ارءهم الخاصة في تصحيح المسارات عبر القتل والبح والتفجير وافتعال الازمات، ولكن علينا كعالم متحضر ان نخلق الاجواء التي تبعدنا نحن اولا عن حال الخوف من المستقبل وعن حال الرهبة من افعالهم الارهابية بفعل المزيد ليس لانفسنا في التحصن وراء ترسانات الاسلحة.
واشار الى هنالك الكثير علينا فعله في دول الغرب الغني، علينا ان نتفاعل مع مطالب تلك الدول الفقيرة في مسائل الصحة ومحاربة الاوبئة والتعليم، وقال هذه الخطط هي بحد ذاتها مجالات استثمارية لرجال الاعمال والحكومات والاشخاص ايضا.
وكشف الرئيس الاميركي اللسابق ان هناك عشرات من التريليونات من الدولارات غير مستثمرة في العالم الثالث ومهمتنا نحن وهم اشراكهم في استثمار ثروات بلادهم على اسس من العدالة الحقيقية والشروع في بناء انسانية متكاملة في الحقوق والواجبات.
وخلص كلينتون الى القول "التاريخ تحدث لنا عن اننا في الغرب فعلنا الكثير من المجازر في الشرق، وقصة الحروب الصليبية شاهد على ذلك، وبالتالي فان ما يجري اليوم هو خلاصة عشرة من القرون من الكراهية والبغضاء، وعلينا في الغرب ان نبدأ بتصحيح المسار قبل ان نلقي التبعة على الآخرين".
واخيرا، قال "هل احد هناك يعرف انه حين انطلقت الغزوات الصليبية نحو الشرق الاسلامي في العام 1095 ان القوات الغربية قتلت الاطفال والشيوخ والنساء والرجال المسلمين على جبل المعبد من دون رحمة او هواده؟ كيف& يمكن لهم ان ينسوا ذلك؟ وكيف يمكن لنا ان نفعل ما يجعلهم ينسون ويبدأون معنا الحوار الذي ننتظر؟".&&