&
&القاهرة : ضحى خالد
في المنازل المصرية بل والعربية ، في النوادي ، على المقاهي .. وفي جلسات الرجال والنساء ، ورغم قصص "طالبان" ، لا حديث يعلو علي حكايات الحاج متولي ونسوانه الأربع في المسلسل التلفزيوني المصري الذي بثته الفضائيات العربية في رمضان الماضي ..
بعض المشاهدين ، تعامل مع أحداث المسلسل علي سبيل التندر والفكاهة.. مؤكدين أنه يفتقر للواقعية ، وآخرون تعاملوا مع الأمر بمنتهى الجدية وداعب خيالاتهم ، باعتباره يحدث في بعض المجتمعات ، وتحدث الجميع عن "عبقرية" تحقيق العدالة بين أربع زوجات ، وقد استطلعت "إيلاف" آراء الفنانات اللاتي لعبن أدوار الزوجات ، كما ذرحت القضية على عدد من المتخصصين والخبراء في ها التحقيق .
الزوجة الأولى
في البداية قالت الفنانة فادية عبدالغني: رغم أني كنت الزوجة الأولي للحاج متولي وكنت وش السعد عليه، إلا أن ظروف أحداث المسلسل حكمت برحيلي، ولكني لا أقبل أن يتزوج عليَ ، ولا أقبل أيضا أن يقول لإحداهن "يا نور عيني" والأخري "ياروح قلبي" ولا يتوانى عن مغازلة الأخريات بنفس الأسلوب وأؤكد أن المشاعر والأحاسيس لاتتجزأ ليس فيها صفة العدل بين الزوجات ولا يمكن تقسيمها علي أحد وخصوصا في العلاقة الزوجية فالرجل الذي يمارس هذا الأسلوب في الحياة العامة مشاعره كاذبة وغير صادقة.. الزوج روح وليس مادة وأنه عملية تضامن وليس صفقة شراء، وقديما كان للرجل كل الحقوق وليس للمرأة أي حق كان الرجل ينظر للمرأة علي أنها كائن جميل خلق ليستمتع به وقد استسلمت المرأة بحكم ضعفها طويلا لهذه الفكرة فكان الرجل هو المسيطر عليها والمتصرف في حياتها وكان عليها أن تقضي العمر كله تحت رحمة رجل قد يحبها أو يكرهها وقد يسعدها أو يشقيها وفي جميع الحالات يكون عليها أن تؤدي واجبات الزوجية كاملة دون أن يكون هناك حساب لمشاعرها أو عواطفها وقد انتهي هذا العهد بعد الكفاح الطويل للمرأة وحققت من خلاله مكاسب ساعدتها في السيطرة علي حياتها ومصيرها ومستقبلها وأصبح من حقها أن تقول نعم ولا.. وهل يخفي علي أحد أن الزمن قد تطور ونحن نعيش في عصر الأقمار الصناعية ولذا أرفض أيضا وبشدة فكرة قدوم أي "عريس" لابنتي يكون متزوجا حتي لو كان أغني أغنياء العالم وحتي لو ظلت عانسا طول العمر .. فالأفضل أن تبقى في البيت& .. وأخيرا.. فالمسلسل حدوتة خاصة من الممكن أن تكون حدثت بالفعل أو يكون خيال المؤلف لعب دورا في نسيج أحداثها .
أمينة ونعمة
وتحكي الفنانة ماجدة زكي الزوجة الثانية للحاج متولي تجربتها في الزواج الحقيقي وتقول: في البداية يجب العلم بأن المسلسل يقدم شكلا غير تقليدي ليس بغرض عرض نموذج يساعد علي تعدد الزوجات لتقليل نسبة العنوسة عند البنات، في حين وجود بنات تعدي سنها ال 35 عاما ولم تتزوج حتي الآن ولذا فالعمل يسخر من الوضع الحالي بالمجتمع.. كما أن هناك "ضرائر" يعيشن في مشاكل مع بعضهن وهذا طبيعي وبالنسبة للسلبيات التي نشاهدها فإما أن نغيرها أو نتفق معها حسب ظروف كل فرد، وبحكم نشأتي الصعيدية فقد اشترينا كما يقال رجلا بعيدا عن النظر للماديات وذلك عندما تقدم لخطبتي زميلي الفنان كمال أبو رية وكان مازال طالبا بمعهد الفنون المسرحية وقد أعجب به والدي وشعر بأنه سيكون مفتاح السعادة لي ولم ينظر وقتها لأي أمور مادية وتركنا نغوص ونكافح في بحور الحياة وها نحن نحمد الله علي كل خطوة نجاح حققناها أنا وزوجي الفنان كمال أبو رية، كما أني لا أوافق علي مسألة تعدد الزوجات فقد تغيرت العادات والتقاليد والأفكار الخاصة بالخطوبة والزواج ولم يعد الوالد أو الوالدة أن يستغربا أن تأتيهما الابنة لتقول لهما إن زميلها في الجامعة أو العمل يرغب الزواج منها فهي لم تخلع برقع الحياء بل سيتم مناقشتها بموضوعية في صفات وأخلاق العريس.. والمهم أن يكون مناسبا لها في السن وكريما في أخلاقه وعواطفه تجاهها وقادرا علي تحمل أعباء الحياة بالكفاح والعمل ومن هنا سأطبق أنا وكمال أبو رية ذلك مع أول عريس يأتي لابنتنا "حبيبة" سنرفض بشدة أي عريس كبير في السن والمتعدد للزوجات وحتي لو عنده الملايين والسيارات الفخمة..
وتقول الفنانة غادة عبدالرازق : إن المسلسل بشكل عام جميل تألق فيه كل النجوم استنادا لقصة وسيناريو وحوار المؤلف مصطفي محرم وتناوله للمشاكل الموجودة في حياتنا بشكل قريب من القلب والوجدان علاوة علي إبداع المخرج محمد النقلي ويضاف لذلك وجود فاكهة العمل الفني وهو المتألق دائما الفنان نور الشريف وأفتح قلبي وأوافق علي أي عريس لو كان يتمتع بشخصية نور الشريف ومزاياه الفريدة في حب ومعاملة زوجاته، وما دام سيعطي الزوجة حقوقها ويحافظ علي مشاعرها سوف أمسك فيه بأيدي وأسناني..
وتؤكد غادة أن العريس المجرب يقابل دائما بالرفض ويرسب في امتحان الأسرة لأنه في نظرهم رجل شقي ولا أمان له فكيف يسلمونه ابنتهم وهذا خطأ كبير فالرجل المجرب هو أكثر الناس معرفة بطباع المرأة وأخلاقها ويصبح أكثر حرصا علي رضاها وبالنسبة لو تقدم لابنتي عريس ثري ماديا وسبق له الزواج ويتمتع بصفات حميدة سوف أوافق عليه ولكن الأهم موافقة والدها عليه..
مونيا ونورهان
وتتبنى الفنانة مونيا .. الزوجة الأخيرة للحاج متولي موقفاً مغايراً مؤكدة إنها تؤمن إيمانا راسخاً بأن الحب "صانع المعجزات" ، وتطلب رجلا يخاطب قلبها قبل كل شيء.. وهناك فتيات كثيرات متزوجات من رجل متزوج بأكثر من زوجة ومع هذا سعداء وعندما يكون الزوج محترما فالزوجة تضحي من أجله مادامت تحبه وقد تعرضت شخصيا لهذا الموقف عندما أحببت زوجي المخرج والمنتج ممدوح يوسف تغاضيت عن مسألة زواجه وتربطني به حياة أسرية جميلة وهو يقف بجانبي بكل حواسه في إعدادي لرسالة الماجستير عن "حورية حسن وشهرزاد في المسرح الغنائي" الذي أعتبره حلم عمري، وكذلك تجهيز ألبومي الغنائي الأول ألحان فاروق الشرنوبي وعصام كاريكا ومحمد رحيم ومجدي داود .. وأؤكد أن زواج الحب في نظري خير زواج لأنه القوة الوحيدة التي تحث علي التآلف والتفاهم.. وبالنسبة لو تقدم لابنتي التي أتمني أن يرزقني بها الله فلن أوافق علي تزويجها بأي عريس ثري ماديا لشعوري بأني كيف أضمن أن يتمتع هذا العريس بحنان وعدل واحترام متبادل .
وتقول الفنانة "نورهان" وهي الوحيدة التي رفضت الزواج من الحاج متولي في المسلسل: إنها ترفض بشدة هذه النوعية من الأزواج فمن وجهة نظرها أن الحاج متولي رجل رأسمالي يسعي لشراء الناس بفلوسه وأنا مازلت صغيرة علي الزواج فعمري لا يتعدي 19 عاما والوحيد الذي يشغل حياتي بجانب دراستي الجامعية بكلية الآداب هو العمل بالفن .. وعندما أفكر في الزواج سوف أفضل في زوج المستقبل أن يكون من طراز آخر يتمثل فيه الحب والثقة فيه عصري لا ينفرد بالرأي ويترك لأسرته فرصة المناقشة في حدود الاحترام المتبادل في كل المشاكل التي تتعلق بحياتنا ويربي أبناءه علي الحرية .
الخبراء يتحدثون
وإذا كانت هذه هي آراء نسوان الحاج متولي.. فماذا عن رؤية بعض الشخصيات العامة.. الدكتورة عزة هيكل الناقدة والأستاذة بكلية الألسن فترى أن المسلسل غير جيد لأنه لا يتضح فيه.. هل هو مسلسل اجتماعي يقدم نموذجا وقيمة أخلاقية وشخصية من الممكن أن يحذو حذوها المواطن الشاب المصري أم هو مسلسل كوميدي يقدم نمطا من أجل السخرية والإضحاك.. وهل هناك 'ردة' في فكر الرجل المصري والمرأة المصرية لأن يتدني مستوي العلاقة بينهما لمجرد علاقة مادية وليس هناك أي نوع من المشاركة في تربية الأبناء وتكوين أسرة، وليس معني هذا أنني ضد فكرة تعدد الزوجات ولكن ذلك عندما تكون هناك ضرورة وإن كانت مثلما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "هوي القلب" ، ومما يعيب علي العمل أيضا أن الحوار في بعض الأحيان يقلل من شأن وقيمة المرأة في حياة الرجل ويجعلها مجرد كائن يرغب في المادة والعلاقات العاطفية، وتتحول المرأة أيضا إلي دمية أو أداة لإشباع نزوات ورغبات الرجل وبعد أن كبر ذلك الرجل فهو يريد أن يجدد شبابه ويتزوج بمن في سن ابنته وتناسي أن العمر خبرات حياتية متراكمة وليس مجرد مظهر .
ليست ظاهرة
وفي الجانب القانوني يرى المستشار محمد يوسف رئيس محكمة استئناف القاهرة أن ما يحدث في المسلسل ليس ظاهرة على الأقل في المجتمع المصري .. لأنها صور مختلفة موجودة في المجتمع بين تجار الأسواق أمثال الحاج متولي يعيشون نفس المشكلة ويسعون لتحقيق مصالحهم بنفس الطريقة وبرغم أن متولي كان يسعي لإقناع المشاهدين بالمساواة والعدل والحب لجميع زوجاته إلا أنه سيضعف أمام الفتاة الجامعية صغيرة السن فمن هنا باتت الأحداث فاترة وليست مقنعة ، وهذه الحكاية محكوم عليها بالفشل فعندما تكون الزوجة في عمر الزهور ويكون الزوج في عمر النخيل العتيق ، ومهما حاول كبير السن أن يتصابى فإنه سيبقي عجوز القلب ، مثقل بهموم العمر وخبراته ، ولن تفيد النقود ولا السلطة ولا غيرها في توفير مناخ الحب والتفاهم المشترك مع الزوجة أو الفتاة الشابة ، وستبقى دائماً هناك ظلال من شبهة الصفقة تلوح في الآفاق مهما اجتهد الطرفان في تجاهل الأمر .
ويؤكد الدكتور سمير البنا أستاذ علم الاجتماع أن المسلسل يحمل دعوة لهدم قيم سامية بالمجتمع فهو يرجعنا لعصر "سي السيد" المسموح له بالزواج بأكثر من زوجة والسيدات مكسورات الجناح لا تخرجن من المنزل ، ولا يتعلمن وليس لهن أي حقوق ، بينما للرجل كل الحقوق واليوم بعدما أصبح للسيدات كل الحقوق والمجتمع يخطو نحو المدنية والتحضر نوجه دعوة بالعودة للعصور الماضية والمؤلف يبرر بأن هناك نسبة زائدة في العوانس وأن الرجل القادر يتزوج أربعا لتقليل نسبة العنوسة فهنا سعي المؤلف لحل مشكلة العوانس.. فكيف يتم حل مشكلة الشباب غير القادر علي الزواج فهذا سيخلق أنماطاً غير متحضرة ، تدفع إلى تشيؤ العلاقات الإنسانية الحميمة والمحترمة .