أصبح التهاون في الحقوق القانونية والإنسانية للمواطن المصري أو العربي الذي يتعرض للتعذيب والاعتقال وسوء المعاملة بغير وجه حق من جانب دولة اجنبية‏,‏ أمرا شائعا ومقبولا من السلطات الرسمية المسؤولة‏,‏ ينتهي عادة باعتذار لا ينبغي أن تقبله دولة علي نفسها وعلي كرامتها وكرامة مواطنيها‏.‏
وقد أخفت الدولة رأسها في الرمال في حالة عشرات المصريين المسجونين بغير اتهامات في السجون الأمريكية في اعقاب حادث سبتمبر الملعون‏,‏ ولم تحصل سفارتنا ولا وزير خارجيتنا حين زار واشنطن علي قائمة بعدد الموقوفين وأسمائهم ولا اسباب القبض عليهم‏,‏ وهل تم اتخاذ اجراءات قانونية بتوكيل محامين عنهم أمام سلطات التحقيق الأمريكية‏,‏ التي يبدو وأنها قررت اعطاء القانون إجازة في ظل حالة الهياج التي اجتاحت الادارة الامريكية‏,‏ وكل ما حصل عليه الرأي العام في مصر ــ عشرات أو مئات الأسر التي لها أبناء في أمريكا ــ أن كولين باول وزير خارجية أمريكا وعد بدراسة الموضوع‏,‏ ثم أفرج عن ستة منهم أحكمت الشرطة المصرية الحصار حولهم حتي لا يعرف أحد شيئا عن الظلم الذي وقع عليهم‏.‏
يحدث هذا في المحروسة بينما نقرأ في الصحف أن دولا عربية أخري مثل السعودية والأردن واليمن عرفت وأعلنت عن عدد مواطنيها المحتجزين في سجون أمريكا‏,‏ وأنها تبذل جهودا مكثفة مع السلطات الأمريكية لإطلاق سراحهم‏...‏ وطبقا لتصريحات سفير الاردن في واشنطن فإن عدد المحتجزين العرب يبلغ ألف عربي ومسلم‏,‏ لم توجه اليهم أية اتهامات باستثناء أنهم عرب ومسلمون‏.‏
لم يكن غريبا إذن أن تقدم السلطات الهولندية علي القبض علي المواطن المصري بدعوي الاقامة بطريقة غير شرعية في هولندا‏,‏ ويتم ترحيله بعد ضربه وتعذيبه واصابته إصابات بالغة‏,‏ ثم تقييده بالسلاسل‏,‏ وكأنه حيوان مفترس‏,‏ أثناء سفره بالطائرة في صحبة أربعة ضباط هولنديين‏.‏
ومن المثير للدهشة أن يفرج عن الهولنديين الاربعة دون عقاب بحجة أنه لا يوجد في القانون المصري ما يجرم مخالفات وقعت في دول أجنبية‏!!‏
إن توتر الظروف الدولية بسبب ما يسمي بقضية الإرهاب‏,‏ سواء كانت حقيقية أم مصطنعة‏,‏ أصبحت تستخدم ذريعة لاساءة معاملة المواطنين العرب بدون وجه حق‏,‏ وأي تهاون من جانب الحكومات والدول العربية في الاستمساك بحقوق مواطنيها والدفاع عنهم سوف يقضي علي مابقي من احترام للدول العربية بين أمم العالم‏!(الأهرام المصرية)