الجزائر- شهدت الجزائر مجددا سنة صعبة اتسمت بالاضطرابات العنيفة التي هزت منطقة القبائل وغيرها من انحاء البلاد وامطار غزيرة سببت سيولا اسفرت عن مقتل اكثر من 760 شخصا، في حين انتهت الاسرة الدولية لاول مرة الى الاعتراف بمكافحة السلطات الجزائرية للارهاب. ولم تتمكن سياسة الوئام المدني التي انتهجها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالعفو عن الاف الاسلاميين والتي كانت تهدف الى استتباب السلم في الجزائر بعد سقوط اكثر من مئة الف قتيل منذ 1992، من احتواء ارهاب الجماعات الاسلامية المسلحة التي اغتالت الفي شخص خلال السنة الجارية حسبما افادت الصحف المحلية.
ولكن الجزائر التي اعربت على الفور عن دعمها للولايات المتحدة اثر اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر، اعربت عن ارتياحها لما لقي كفاحها ضد المجموعات الاسلامية من اعتراف في ختام المطاف. واعربت عن ارتياحها بالخصوص للاجراءات التي تم اتخاذها ضد القواعد الخلفية لهذه المجموعات لا سيما في اوروبا. وبالموازاة مع ذلك اندلعت اضطرابات عنيفة في منطقة القبائل المعروفة اصلا بتمردها، وذلك اثر اغتيال طالب في مقر الدرك الوطني في بني دوالة بالقرب من تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة) في الثامن عشر من نيسان/ابريل
. وكان ذلك بمثابة شرارة اشعلت النار في منطقة فقيرة ومتخلفة تعيش اساسا مما يرسله المهاجرون من موارد مالية. واستمرت هذه الاضطرابات اكثر من ثلاثة اشهر واوقعت نحو ستين قتيلا واكثر من الفي جريح وفق المصادر الرسمية. وما زالت هذه التظاهرات مستمرة بشكل متقطع في منطقة القبائل حيث مازال السكان يطالبون بانسحاب رجال الدرك من منطقتهم. واسفرت اضطرابات اندلعت في السادس من كانون الاول/ديسمبر في مدينة القصر بالقرب من بجاية (260 كلم شرق العاصمة) عن جرح 17 شخصا. ويطالب سكان منطقة القبائل، علاوة على خطة انقاذ اقتصادي للحد من البطالة، بالاعتراف بهويتهم الامازيغية ولا سيما بلغتهم "التمازيغت".
&وبعد اعمال شغب عديدة وتظاهرات لا سيما التي شهدت تدفق مئات الالاف من سكان منطقة القبائل على العاصمة الجزائرية في الرابع عشر من حزيران/يونيو، قررت الحكومة الاعتراف باللغة الامازيغية كلغة وطنية في محاولة لفتح الحوار مع ممثلي العروش (كبرى عائلات منطقة القبائل). ووافق عدد من مندوبي القبائل على عقد لقاء مع رئيس الوزراء علي بن فليس الذي يشرف على ادارة الملف القبائلي ولكنهم سرعان ما تعرضوا الى الشتم ووصفتهم العروش بانهم "خونة" لانها ترفض اي حوار مع السلطة طالما لم تعترف هذه الاخيرة بما جاء في مذكرة المطالب التي اعتمدتها في الخامس عشر من حزيران/يونيو في القصر (القبائل الصغرى)
وجاء في هذه المذكرة بالخصوص ان سكان منطقة القبائل يطالبون بانسحاب رجال الدرك من مناطقهم والاعتراف بالتمازيغت وملاحقة المسؤولين عن مقتل الضحايا وتعويض عائلات هؤلاء وبخطة اقتصادية واجتماعية. وقد وافقت الحكومة على القسم الاكبر من هذه المطالب حتى ان بوتفليقة اعلن ان الاعتراف بالتمازيغت "لغة وطنية" سيدرج في اطار تعديل دستور سنة 1996.
&وانتشرت ازمة منطقة القبائل التي زادت في تفاقهما الازمة الاجتماعية التي تشهدها البلاد (نسبة البطالة وصلت الى 30%) الى مناطق اخرى من البلاد حيث معظم السكان وهم من الشباب الذين فقدوا الامل في الحصول على وظيفة حتى انهم باتوا لا يترددون في المشاركة في اي اعمال شغب تعبيرا عن سخطهم وبدون اي مبرر. ولذلك باتت المواجهات بين قوى الامن والشبان منتظمة كما وقع في شرق البلاد في سكيكدة وباتنة وتبسة وقالمة وبسكرة وفي غرب البلاد في سيدي بلعباس ومعسكر وتيارت.
وهطلت على الجزائر التي كانت تعاني من جفاف دام طويلا، امطار غزيرة تحولت في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر الى فيضانات ماساوية اوقعت اكثر من 760 قتيلا من بينهم نحو 700 في حي باب الواد الشعبي بالعاصمة. واثارت هذه الفيضانات التي لم يسبق لها مثيل موجة واسعة من التضامن في الجزائر وخارجها. واكدت الحكومة ان بامكانها ان تواجه هذه الكارثة التي خسرت فيها خمسة الاف عائلة كل ما تملك. وبالفعل فان الجزائر لديها موارد مهمة من النفط والغاز. الا ان هذه الاموال التي تشكل 95% من موارد البلاد الخارجية قد تشهد تراجعا لانخفاض اسعار النفط منذ ثلاثة اشهر.