&
لندن ـ نصر المجالي: بكلمات ودية وهادئة، طلب العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني من رئيس وزرائه علي ابو الراغب الاستعداد للرحيل في مطلع العام الجديد لفسح المجال اما حكومة قادرة تقود الاستحقاقات الدستورية في انتخاب برلمان جديد.
وحيث توجه الملك مع اسرته الى بريطانيا لقضاء الاعياد الاسلامية والميلاد وراس السنة سواء بسواء فان رئيس الوزراء "المقال" غادر ايضا في ذات اليوم الى جهة لم تحددها الجهات الرسمية الاردنية لقضاء اجازات الاعياد في الخارج ايضا، وهذا امر غير معهود دستوريا.
وابو الراغب يعتبر في العرف السياسي الشعبي والرسمي من خلصاء الملك ، ولكن اخطاء تحملتها حكومته التي لم تفي بمواعيدها المكلفة به حين تقرر تشكيلها لمرتين متتاليتين، واعطى العاهل الاردني لصديقه الفرصة كثيرا.
والمصادر الاردنية تقول ان تشكيل المجلس الاعلى للاعلام من دون استشارة رئيس الوزراء ومجلسه الوزاري ، وغيرها من القرارات الملكية اكدت على ان الملك بات لا يثق في اداء حكومة "الصديق القديم" رجل الاعمال علي ابو الراغب الذي لم يتسلم من قبل منصبا تنفيذيا في الجهاز الحكومي الاردني.
حتى ان تشكيلة مجلس الاعيان الاخيرة برئاسة احد اهم دهاة السياسة العربية زيد الرفاعي لم تكن بمشاورة من رئيس الوزراء الذي اكد انه لا اكثر من موظف حكومي في اشهر رئاسته.
واحتل ابو الراغب قبل عامين مهمة رئاسة الوزارة في حالة وكأنها انقلاب من داخل القصر على اول رئيس وزراء في عهد الملك عبدالله الثاني، الرئيس المقال كان عبد الرؤوف الروابدة الذي اطيح به فجأة ومن دون مقدمات حين استدعي الى دائرة المخابرات العامة التي كان رئيسها آنذاك الفريق اول سميح البطيخي صاحب القرارات غير المرتدة وغير القابلة للنقاش وطلب اليه تقديم استقالته فورا.
واذ ذهب البطيخي الى مجلس الاعيان عضوا مثل الروابده، وجاء سعد خير لرئاسة الجهاز الاقوى والهم في الاردن في نفس وتوجه شبابي لادارة جهاز المخابرات الذي يحكم الاردن عن بعد، فان الصورة تغيرت كثيرا.
ويعرف عن سعد خير الذي نال رتبة الفريق اول في اول شهرين من مهماته وحاز على قرار الملك بتعيينه رئيسا لمجلس الامن القومي موقفه في ان حكومة ابو الراغب كانت رغبة شخصية من الملك لصديق قديم، ولكن مصلحة البلاد الامنية والاقتصادية والسياسية اهم من العلاقات الشخصية، ولا بد من التغيير في اللحظة المناسبة.
وقالت مصادر اردنية لـ"ايلاف" ان جهاز المخابرات ابدى امتعاضا وعلى مضض حين اعلنت حكومة ابوالراغب عن تشكيل مجلس الاعلام الاعلى الذي سيقود المسيرة الاعلامية بعد الغاء وزارة الاعلام.
وتعتقد مصادر الامن الاردنية ان "الامن والاعلام لا ينفصلان في بلد مثل الاردن، استنادا الى الظروف الراهنة داخليا وخارجيا"، ولكن وزراء مثل وزير الخارجية عبدالاله الخطيب ووزير الاعلام طالب الرفاعي غامروا في الاوان الاخير على لعبة غير موفقة، هي في البداية نالت تقدير الملك، لكنه بعد يومين بدأ في اعدة تقديرها مع جهازه المهم وهو المخابرات العامة.
وفجأة ليلة عيد الفطر طلب العاهل الاردني الى الفريق اول سعد خير دعوة مجلس الامن الامن القومي الاعلى وكذلك رئيس الوزراء، وهناك سمع الجميع كلاما من الملك لم يعهدوه من قبل.
فالملك دان في الكلام رئيس وزرائه لفشله وحكومته في تقديم معلومات حقيقية عن التطورات الراهنة سياسيا من افغانستان وصولا الى فلسطين، وقال الملك موجها كلامه لرئيس الحكومة "مشكلتنا يادولة الرئيس، وانت الاخ العزيز، اننا نسمع الى تقارير من صحفنا المحلية من دون اخذ اعتبار لما يقال في الخارج؟".
يذكر ان حكومة ابو الراغب وقبلها من حكومات اعطت لصحافيين محليين مهمة اعطاء المعلومات "وحتى التجسس على الآخرين من المسؤولين في الحكم وخارجه" كما فسحوا المجال لصحافيين المجال في كتابة تقارير الى وسائل اعلام خارجية لخدمة رئيس الوزراء وليس الوطن الاردني.
وسأل الملك رئيس وزرائه عن كمية التقارير السياسية والاعلامية عالميا وعربيا التي قرأها في آخر اربع وعشرين ساعة عن التطورات القائمة، ولم يجب رئيس الوزراء.
واجاب الملك : اذا اتركك مع تقاريرك الخاصة التي تصل اليك وحدك من صحافتنا المحلية التي لا تقرأ اخي دولة الرئيس الا غيرها؟ ولكنني اقول "مع مطلع العام الجديد علينا تغيير كل شيء". وغادر الملك مكان الاجتماع. وفي اليوم التالي وبعد صلاة العيد اخذ الملك في شكل مفاجىء اسرته في زيارة خاطفة بعيدا عن مشاكل نهاية العام الى بريطانيا تحسبا للقرار المقبل المهم.
الاردن مقبل على استحقاقات دستورية لانتخاب برلمان جديد، والملك يشعر بثقل المسؤوليات اذا لم تكن هنالك جهة تنفيذية تساعده على اتخاذ القرار، وكما قال مسؤول اردني : اين هي الحكومة القادرة على اتخاذ القرار اذا كان الملك عبدالله الثاني معني بتعيين مدرس في ابتدائية في مكان ما او تعيين شرطي في واحدة من المحافظات "ساعد الله الملك وله الحق دستوريا في أي قرار ضد أي رئيس حكومة حتى ولو كان صديقه الشخصي".