&
الدار البيضاء-إيلاف:&شهدت فرنسا جدلا واسعا بعد تصريحات مالك مؤسسة "فيفندي" الفرنسية وأحد أقطاب رجال الأعمال العالميين جان ماري ميسيي حول "موت الخصوصية الثقافية الفرنسية". ففرنسا كانت زعيمة تيار "الاستثناء الثقافي"، وكانت تطالب بضرورة عدم ادراج الثقافة في ما يسمى بـ"العولمة"، لذا كان أهم متزعمي تيار مناهضة العولمة فرنسيون.
غير أن خروج إمبراطور الصحافة والمال "جون ماري ميسيي" خلط الأوراق وأربك الإجماع الحاصل في باريس حول هذا الملف الحيوي. ومناسبة هذا الجدل الإعلامي والسياسي هو "تمويل السينما الفرنسية" من قبل مؤسسات خاصة وعمومية مساهمة في ما تسميه فرنسا "الاستثناء الثقافي".
صاحب مؤسسة "فيفندي-أونيفرسال"، أول مدعم للصناعة السينمائية الفرنسية، أوضح في ندوة صحفية بنيويورك، عقب اندماج شركة "نت وورك" مع فيفاندي-أونيفرسال، أن قلق المهنيين الفرنسيين في قطاع السينما من "أمركنة" شركة فيفاندي-أونيفرسال لا مبرر له.
ودافع "ميسيي" على "التنوع الثقافي". وقد ثارت حفيظة مهنيي السينما الفرنسيين عندما تراجعت قناة "كنال+" عن دعم جل المشاريع السينمائية المقدمة لها، واكتفت بأعداد محدودة.
"كنال +" التي يملكها جون ماري ميسيي كانت أحد عوامل النهضة السينمائية بفرنسا، بفضل سياسة إنتاج وترويج الفيلم، حيث تشتري القناة الأفلام مسبقا.
وطالب مسؤولو فبناندي-أونيفرسال بإيجاد تمويلات بديلة للصناعة السينمائية، وبفسخ العقد التي تجمع المؤسسة مع المهنيين، وقد لجأت المؤسسة في المقابل إلى دعم الفيلم التجاري الذي يمكن أن يغطي تكاليف إنتاجه ويساهم في ربح المؤسسة.
هذه الإجراءات والتصريحات أثارت ردود فعل عنيفة من قبل المهنيين والدولة. ففي حوار لها مع يومية "لوموند" الفرنسية أكدت وزيرة الثقافة والاتصال "كاترين توسكا" أن تصريحات "ميسيي" لا تعني الحكومة، وأن "الخصوصية الثقافية الفرنسية أصبحت دفاعا عن التعدد، مقابل قانون السوق، عند الأوربيين وباقي بلدان العالم". وأكدت الوزيرة أن هناك "عقد تجمع فيناندي-أونيفرسال وقطاع السينما" ولا يمكن الإخلال بها.
من جهتهم انتقد مهنيو فرنسا تصريحات ميسيي وجاءت جل الصحف الفرنسية بمقالات مدينة لتلك التصريحات، واعتبرت تصرفاته "كتصرفات مالكي استوديوهات أميركية" وأضاف المنتج الفرنسي باولو بلانكو ل"لومند" أن على أوروبا أن تقرر إذا ما أرادت أن تمتلك صناعة سينمائية خاصة بها".
وذهب البعض الآخر إلى اعتبار المؤسسة ككل مؤسسة أميركية، ويجب البحث عن تمويلات أخرى للسينما الفرنسية. تصريحات "ميسيي" التي أغضبت الفرنسيين ستسعد، لا محالة، الأميركيين، الذين يطالبون بأن تدرج الثقافة هي الأخرى في النظام العالمي الجديد وأنه لا يجب أن تستثنى.