&
إيلاف: نبيل شرف الدين
ترددت شائعات في أوساط الأصوليين العرب، بأن بن لادن قتل في أحد كهوف تورا بورا· وقالت مصادر نقلا عن شهادات بعض مقاتلي القاعدة الأسرى ان بن لادن كان موجوداً في الجبال البيضاء حتى مطلع هذا الاسبوع، وبرفقته احدى زوجاته، واضافت انه رغم اشتداد القصف الا انه لم يكن ينوي مغادرة المنطقة، الأمر الذي يثير الاعتقاد بأنه قتل ودفن في أحد الكهوف بتلك المنطقة، بينما نقلت أسرته لمنطقة القبائل حيث تعيش في كنفها، قبل أن تتحرك في طريقها إلى باكستان، تمهيداً للعودة إلى المملكة العربية السعودية حيث لم يزل يحمل أفراد الأسرة الجنسية ولم تنزع عنهم مثل أسامة
وعلى صعيد متصل، فقدأكد زعيم افغاني محلي ان بن لادن والملا محمد عمر ما زالا على قيد الحياة، مشيرا الى ان الاول موجود في جبال شرق افغانستان، وكشفت باكستان عن انها تعتقل خمسة فرنسيين من عناصر القاعدة، وفيما تتهيأ الحكومة الافغانية الانتقالية لتسلم السلطة غدا في حفل رسمي في كابول، فقد اعلن الملك السابق ظاهر شاه انه سيعود الى افغانستان قبل 21 آذار/مارس المقبل.
ومن جانبه قال الزعيم الافغاني حاجي حضرة علي ان اسامة بن لادن المشتبه في انه مدبر اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر في الولايات المتحدة، "ما زال في الجبال" شرق افغانستان، وأضاف حضرة علي المسؤول الامني في ولاية ننغرهار ان الملا محمد عمر زعيم طالبان ما زال حيا يرزق ولكنه لم يحدد مكانه.
ولم يوضح الزعيم الافغاني المعلومات التي يستند اليها للاعتقاد بان زعيم القاعدة ما زال هناك بينما كان اعلن الاسبوع الماضي قبل تفكيك القاعدة في تورا بورا، ان بن لادن شوهد قبل ايام قليلة ولكنه لم يكن يعرف اين يوجد آنذاك.
وانتشرت قوات افغانية محلية وقوات خاصة اميركية في هذه الجبال وتقوم بتفتيش المغاور التي هي جزء من هذه القواعد كما تبحث عن مغاور اخرى اكثر اتساعا قد تكون ابعد في الجبال البيضاء. وقال حضرة علي "هناك مغاور اخرى في الجبال"، في حين اعتبر زعماء افغان محليون اخرون انه تم "تطهير" المنطقة من شبكة القاعدة اعتبر حضرة علي ان الوضع بعيد على التطبيع.
المشهد الأميركي
ولم تزل واشنطن مهتمة باعتقال وقتل أفراد القاعدة.. وأيضا قلقة لأنها تخشي من أن عددا من كبار زعماء القاعدة وربما طالبان قد فروا من أفغانستان.. كهوف وأنفاق أفغانستان وحدودها مع باكستان تعتبر أهم التحديات التي تواجهها القوات الأمريكية وهي تحاول القضاء علي القاعدة.. و"تقديم الارهابيين إلي العدالة" وهو المطلب أو الهدف الذي تكرر ذكره علي لسان الرئيس الأميركي وكبار معاونيه.
دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي لم يتردد في أن يؤكد للصحفيين مرة أخري بأن الحرب لم تنته بعد.. وأشار إلي أن الموقف الحالي يعكس ما يقرأه في الصحف ويشاهده علي شاشات التليفزيون.. والذي يوحي بأن النصر قد تحقق.. أي أن المهمة لم تكتمل بعد.. وهناك اعتراف بأن "جيوبا من الارهابيين" ـ حسب تعبيره ـ مازالت باقية في أفغانستان.
وبالرغم من القصف المكثف والمتواصل لكهوف وأنفاق منتقاة في مناطق جبلية شتى من أفغانستان.. إلا أن لا أحد يستطيع أن يقر بأن الأمر قد حسم وأن عددا كبيرا من زعماء القاعدة قد تم القضاء عليهم.. فحسب ما نقل عن مسئولين أميركيين فان ستة فقط من قائمة تضم أسماء 30 من زعماء القاعدة قد تم التأكد من موتهم.. وأن اثنين أو ثلاثة آخرين من المحتمل أنهم ماتوا وبالتالي باقي الأسماء مازالوا أحياء وبالتالي هناك نحو 20 من هؤلاء الزعماء ـ زعماء القاعدة ـ هم هدف العمليات العسكرية التي تقوم بها أميركا في الوقت الحالي للقضاء عليهم.
القضاء أو الخلاص من حكم طالبان كان أمرا سهلا - فيما يبدو.. أما القضاء أو القبض علي أفراد القاعدة فلايزال أمرا صعبا.. يراه البعض مستحيلا خاصة أن هناك العامل النفسي.. وأيضا رغبة بعض الجماعات في تضليل واشنطن أو احراجها.. أو ابتزازها بتقديم معلومات غير صحيحة أو غير كاملة حول تحركات زعماء القاعدة وتواجدها.. أو فرارها من مكان إلي آخر.. رامسفيلد وهو يصف صعوبة الموقف وتعقيداته.. ذكر انها منطقة بالغة التعقيد يصعب اغلاقها.. ولا سبيل لوضع غطاء محكم علي الزجاجة.. أي لا يمكن حصار الأعداء وتطويقهم.. وتضييق الخناق عليهم وبالتالي.. القضاء عليهم.
انتصارات الأسابيع الأخيرة وتوالي سقوط طالبان في المدن الأفغانية الكبري كانت هامة ـ ولكن الفرحة لم تكتمل.. لذلك يري الكثير من المعلقين أن المطاردة الحالية يجب أن تكون سريعة وحاسمة - لأنها لو طالت قد تكون مستحيلة.. أو تبدو هكذا.. وبالطبع في المرحلة الحالية وفي المراحل المقبلة فان الفصائل الأفغانية ومصالحها وتطلعاتها و.. صفقاتها مع بعضها ومع الولايات المتحدة ستلعب الدور الأهم في تحديد ملامح وتوجيهات الخطوات القادمة.. حتي الآن كان هناك توافق أو تطابق في المصالح بين الولايات المتحدة والأفغان - هكذا ذكر بول وولفويتس نائب وزير الدفاع الأميركي وهو يشير إلي "الرغبة المشتركة" في التخلص من نظام طالبان.. ولكن مع تحقيق هذا الأمر فان الوضع قد تغير - كما اعترف المسئول الأميركي ـ لأن أهداف الولايات المتحدة لم يعد لها الأولوية بالنسبة لهم ـ أي الأفغان وهم يريدون دفع بعض الأهداف المحلية التي قد تتداخل أو تتعارض مع الأهداف الأميركية.
في هذا الاطار كان الحرص الأميركي علي أن تكون القيادة للقوات الدولية لحفظ السلام في أفغانستان من نصيب بريطانيا.. وكانت واشنطن من قبل قد أشارت إلي قوات من دول اسلامية وإلي قيادة تركية.. وأيضا قيادة ألمانية إلا أن الأمر قد حسم أيضا.. علي أساس انها تتوافق مع المصالح والأهداف الأميركية في مرحلة ما بعد 22 ديسمبر بعد تسلم الحكومة الأفغانية زمام الأمور في البلاد.. واشنطن حسب قولها لا تريد أن تبقي في أفغانستان.. ولا تريد اقامة قواعد عسكرية بها.. لكنها تريد اتمام مهامها العسكرية والقضاء علي الارهاب والقاعدة وأفرادها، ومن هنا جاء حرص المسئولين في الأيام الأخيرة علي تذكير الرأي العام بأن الحرب لم تنته، وأن مطاردة القاعدة قد تستمر في العام القادم أيضاً.