كتب علي الرز: في تصريح لافت صدر في 2/12/2001، توقع القائد السابق للباسدران (الحرس الثوري الإيراني) محسن رضائي ان تشن الولايات المتحدة هجوماً على العراق قبل أقل من خمسة اشهر, لم ينتظر المسؤول الإيراني حتى يونيو 2001 موعد تطبيق العقوبات الجديدة، وكأنه يلمح الى ان هذه العقوبات ستكون نتيجة الحرب لا مقدمة لها.
اذا حصلت عمليات عسكرية فكيف سيكون السيناريو؟
مع تزامن الاتفاق على قرار في مجلس الأمن، صدر تعميم حزبي بعثي عراقي يحذر من عمليات جوية في الشمال والجنوب، للسيطرة الكاملة على المناطق بمساعدة تركيا شمالاً والكويت جنوباً، مع احتمال حصول انزال قوات اميركية في البصرة, وتزامن هذا التعميم مع تقرير نشرته "اوبزرفور" يفيد بأن "مسؤولي الاستراتيجية في البنتاغون يستعدون لتنفيذ ضربات جوية لدعم المعارضة المسلحة لصدام في الشمال والجنوب مع تقديم وعد بانزال قوات اميركية لحماية آبار النفط في البصرة"، واضاف التقرير ان اتصالات حصلت بالفعل مع مجموعات معارضة قيادتها في لندن بهدف تشكيل حكومة بديلة للنظام العراقي.
وتصدر تقارير اخرى في صحف بريطانية تتحدث عن سيناريو عسكري في معرض تناولها لاختلاف وجهات النظر بين اميركا من جهة وبريطانيا وفرنسا من جهة اخرى, تفيد التقارير ان الرئيس جورج بوش "قرر عملاً عسكرياً ضد صدام لكنه لم يقرر التاريخ" وانه امر وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية وقادة عسكريين كباراً وضع خطط مفصلة لعملية عسكرية قد تبدأ خلال اشهر.
وتتصور "الخطة الاميركية" السرية "عملية مزدوجة" تشمل مقاتلات اميركية تستهدف بالقصف مواقع عسكرية رئيسية، بينما تساعد القوات الاميركية جماعات المعارضة في جنوب العراق وشماله في انتفاضة مدبرة، ولا تستبعد الخطة مشاركة قوات اميركية برية, أما الهدف المعلن فهو رفض العراق الرضوخ مجدداً لعمليات التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل.
التخطيط للعملية يتم تحت اشراف القيادة المركزية الاميركية في قاعدة ماكديل الجوية في تامبا في فلوريدا بقيادة الجنرال تومي فرانكس، يساعده في شكل اساسي مدير "سي, آي, ايه" السابق جيمس وولسي الذي التقى مراراً قادة المعارضة العراقية, وستنفذ الخطة بعد انتهاء الترتيبات السرية مع ثلاث مجموعات: الاكراد وجماعات سنية في الوسط والمعارضة الشيعية في الجنوب.
ويلخص مسؤول رفيع المستوى في المعارضة العراقية لـ "الرأي العام" السيناريو المتوقع بعد تأكيده ان اشارات قوية صدرت من الولايات المتحدة عن تغيير النظام.
ويشير المسؤول المعارض الى سيناريوهين اساسيين: الأول تأمين الولايات المتحدة غطاء جوياً لانقلاب عسكري، فيتم تدمير البنى التحتية ومقار الحرس الجمهوري والقوة الجوية والاذاعة والتلفزيون ثم يقود ضابط عراقي كبير بعض الفرق فيحتل القصر والاذاعة ويذيع البيان الأول.
ويحدد المسؤول المعارض ثلاث شخصيات مؤهلة لقيادة هذا السيناريو "في الوقت الراهن ومن دون اسقاط احتمال وجود آخرين", الاول هو عز الدين المجيد زوج شقيقة حسين كامل الذي رفض العودة معه الى العراق ومازال هدفاً رئيسياً للنظام, ويقال ان عز الدين اجرى دورة قيادة اركان لمدة ستة اشهر في الولايات المتحدة وزار تركيا قبل شهر ونصف الشهر، ومنها انتقل إلى شمال العراق ليلتقي ضابطاً كبيراً في الحرس الجمهوري, وتكمن اهمية عز الدين في انه تكريتي ويعرف العائلة وله علاقات قوية جداً بالضباط اضافة الى امكاناته المالية الكبيرة.
والشخصية الثانية هي الفريق أول الركن نزار عبدالكريم الخزرجي، الذي يرى المسؤول المعارض انه "محبوب من السنة والشيعة، فهو سني وزوجته شيعية ولم يتصرف اي تصرف طائفي عندما كان رئيساً لاركان الجيش، حتى ان ابنه محمد اصيب بجروح في السماوة خلال انتفاضة 1991، فعالجه الثوار وارسلوه بالسيارة الى قرب بغداد".
وتردد اسم الخزرجي كرئيس لمجلس عسكري يعتزم عدد من الضباط المعارضين تشكيله لاطاحة صدام وملء الفراغ السياسي والإداري والعسكري بعد رحيله, وقيل ان المجلس واسمه "المجلس العسكري للخلاص الوطني" سيضم في هيئته القيادية سبعة من كبار العسكريين يمثلون التنوع العرقي ومختلف الصنوف العسكرية.
أما الشخصية الثالثة، فهي اللواء فوزي حميد الشمري، رئيس أركان الفيلق السابع في البصرة خلال الحرب مع ايران، وهو خرج قبل سنوات الى الهند في مهمة، وهناك اتصل بسفارة دولة عربية رتبت له السفر الى الولايات المتحدة حيث شكل جيشا معارضا من نحو 600 ضابط وعنصر.
وفي ما يتعلق بالسيناريو الثاني يرسم المسؤول المعارض صورة شبيهة بالمشهد الأفغاني: قصف جوي متواصل، وتحرك عسكري على الأرض تقوده في الشمال القوتان الرئيسيتان: الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني، تشاركهما قوات فيلق بدر التابعة للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية المتمركزة في ثكنتين كبيرتين في الأراضي الخاضعة لسيطرة جلال طالباني, اما في الجنوب فالقوة الرئيسية الأساسية هي فيلق بدر.
ويقول المسؤول المعارض، ان لأميركا اتصالات أكثر مما يظن البعض مع مسؤولين عسكريين في بغداد، وهؤلاء سيكونون المفاجأة اذا بدأت العمليات العسكرية, ويشير ايضا الى زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى رايان كروكر الى شمال العراق في 13/12/2001، ولقائه قادة الحزبين الكرديين الكبيرين واتفاقه معهم على تفاصيل المرحلة المقبلة.
وكيف ستكون الخطوة الانتقالية والاتفاق على الحكم ووضع الأكراد خصوصا ان المعارضة العراقية تشهد حالا من التشرذم؟ يقول المسؤول المعارض ان "وضع المعارضة العراقية متقدم كثيرا على وضع المعارضة الافغانية، فالجميع متفقون على الهدف وعلى اقامة البديل الحضاري للنظام, اما في ما يتعلق بالأكراد فلا مانع من منحهم نظاما فيديراليا.
ويتابع: "مؤتمر بون بالنسبة الى التحالف العراقي سيكون أنجح من مؤتمر بون بالنسبة الى التحالف الأفغاني المعارض، فهذا المؤتمر انعقد أساسا عام 1992 في صلاح الدين وانبثق عنه ما عرف بالمؤتمر الوطني ولجنته التنفيذية, وحتى المجلس الأعلى للثورة الاسلامية جمد عضويته من المؤتمر لكنه لم ينسحب, فالتشكيلة جاهزة والحصص كذلك".
في ختام الدائرة، يعيد اقطاب الادارة الاميركية الاحتمالات الى "المربع واحد"، فمستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس تقول ما معناه ان العراق لن يتهاون حاليا ولا مستقبلا مع فرق التفتيش، وتزيد التكهنات بأنه سيُضرب لاستحالة التعايش اقليميا ودوليا مع نظام مثل نظام صدام, اما وزير الخارجية الاميركي فيقول في 20 ديسمبر 2001 وبعد يوم واحد من كلام رايس، انه يجب عدم التسرع في الاستنتاجات فالعراق ليس افغانستان ومعارضته ليست مثل التحالف الشمالي,
ولكن بيان جبر عضو المجلس المركزي للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية يخالف هذا الكلام ويقول ان على الجميع "تجنب القرارات الخاطئة قدر المستطاع".
ويجري جبر مقارنة سريعة بين ما تمتلكه المعارضة العراقية والمعارضة الأفغانية سابقا، فالثانية كانت تسيطر على 10 في المئة فقط من الأراضي الأفغانية وكانت بالنسبة لدوائر غربية ودول الجوار مجرد ميليشيات ضعيفة ومفككة, اما المعارضة العراقية فتسيطر على 25 في المئة من الأراضي العراقية، وتملك ثلاثة جيوش: فيلق بدر وقوات الحزبين الكرديين الرئيسيين في الشمال، وعندها تحالفات اقليمية ودولية لا يستهان بها، "ومع ذلك فإن بعضهم قد يستمر في القراءة الخاطئة لواقع المعارضة ويواصل اجترار النظريات التي تدعي عدم فاعليتها وتفككها وعدم صلاحياتها لحسم حال الصراع مع النظام القائم".(الرأي العام الكويتية)