&
إيلاف- نبيل شرف الدين: نشر الملحق العسكري الأسبوعي لصحيفة نيزافيسيمايا تقريرا رصد فيه بالتفصيل الدور الذي لعبته الحرب النفسية والإعلامية الأميركية في دحر طالبان في إشارة إلى أن جميع المنشورات المصاغة ببساطة ودقة متناهيتين والتي بلغت حوالي ثمانية عشرة مليون نشرة بمضامين مختلفة تراعي دقائق عقلية الأفغان وتركيبتهم النفسية كانت تتم بإشراف مباشر من وزير الدفاع رامسفيلد الذي قال للصحفيين مرة "ستتساقط مناشيرنا فوق أفغانستان كندف ثلوج كانون الثاني/ يناير فوق شيكاغو".
مات أم اختفى ؟
وعلى صعيد البحث عن أسامة بن لادن، فقد صرح قائد الحملة العسكرية في أفغانستان أن القوات الأميركية لم ترصد أي أثر لابن لادن منذ أسبوع على الأقل، كما أشار إلى أن المسئولين لا يعرفون ما إذا كان حيا أو ميتاً.
فقد أفاد الجنرال تومي فرانكس رئيس القيادة المركزية الأميركية بأن المخابرات العسكرية تستند إلى ثلاثة احتمالات. الاحتمال الأول هو أن يكون بن لادن في كهوف تورا بورا حيا أو ميتا. أما الاحتمال الثاني فهو أن يكون في أي بقعة من الأراضي الأفغانية. والاحتمال الثالث أن يكون بن لادن في باكستان.
وقال فرانكس "اعتقد إننا سنسمع عددا كبيرا للغاية من الاحتمالات. لكنني لا أستطيع أن أحدد مكان بن لادن بالضبط."
وعند سؤاله عن المرة الأخيرة التي أعتقد فيها أن لديه فكرة عن مكان بن لادن أجاب فرانكس قائلا "سوف أخبرك بأنني لا أستطيع قول ذلك لأن عيني أو عين أي شخص أخر أعرفه لم تقع على بن لادن الأسبوع الماضي."
وفي وشنطن لم يول الرئيس بوش اهتماما للاقتراحات التي ترجح هروب بن لادن خلال محادثات وقف إطلاق النار. وقال بوش "أنا لا أعلم أين هو. لم أسمع عنه الكثير خلال الفترة الماضية الأمر الذي يعني أنه ربما يكون في كهف انسدت فتحة الخروج منه أو في كهف يمكنه الخروج منه أو ربما يحاول الفرار إلى باكستان."
ويؤيد الرئيس الباكستاني فكرة أن يكون بن لادن قد لقي حتفه خلال المعارك الحامية في الجبال المحيطة بمنطقة تورا بورا.
فقد قال برويز مشرف رئيس باكستان في لقاء أجراه معه التلفزيون الصيني "هناك احتمال كبير أن يكون قد لقي مصرعه هناك. ربما يكون ميتا بسبب كل العمليات العسكرية التي أجريت هناك وقصف كل الكهوف في المنطقة."
وأوضح مشرف الذي يزور الصين حاليا أن باكستان مازالت تراقب حدودها بشكل صارم. وإذا تم العثور على بن لادن فسيتم تسليمه للأمريكيين.
ويذكر أن المئات من مقاتلي القاعدة يحاولون الفرار إلى باكستان بعد أن أزاحتهم القوات الأفغانية التي تدعمها الولايات المتحدة من معقلهم الأخير في تورا بورا الأسبوع الماضي.
قنابل الامتصاص
وعلى نفس الصعيد وفي إطار مساعيها لتمشيط منطقة تورا بورا، بدأت وزارة الدفاع الأميركية نشر قنابل متطورة قامت بالكشف عنها منذ يومين تقوم بامتصاص الهواء من الكهوف والأنفاق وتقتل كل من بداخلها دون تدمير مداخل الكهوف أو الأنفاق.
وتعرف القنبلة الجديدة باسم "بي إل يو-118 بي". ويمكن تزويدها بنظام توجيه بالليزر مما يجعلها تصيب أهدافها بصورة غاية في الدقة.
وكان قد كشف إدوارد ألدريدج نائب وزير الدفاع الأميركي عن السلاح الجديد يوم الجمعة في كلمة ألقاها بوزارة الدفاع الأمريكية، فقد قال "تم اختبار القنبلة الجديدة في نيفادا، وهي شئ كنا نحتاجه في أفغانستان وهي في طريقها إلى هناك".
وتقوم ذخيرة القنبلة الجديدة، التي تعرف أيضا باسم "قنبلة الامتصاص"، بإصدار بخار وقود مضغوط ينتشر في النفق قبل أن يشتعل فتيل القنبلة فتمتص الأوكسجين وينشأ عنها ضغط رهيب عند الاشتعال.
وتتشابه تلك التقنية مع تقنية القنابل من طراز "بي إل يو-82" التي تعرف باسم "ديزي كتر"، ويذكر أن القوات الأميركية قد قصفت القاعدة وطالبان بتلك القنابل من قبل، وفي الوقت الذي تنفجر قنبلة "ديزي كتر" على الأرض وتسوي مساحة أرض توازي في مساحتها خمسة ملاعب لكرة القدم، فإن القنابل من طراز "بي إل يو-118" يمكنها دخول كهف أو نفق ثم تنفجر بداخله بعد ذلك.
وتعمل "قنابل الامتصاص" استنادا إلى نفس المبدأ الذي يسبب الانفجارات في مصاعد الغلال وغيرها من الأماكن المتربة حيث تعتبر سحب الجزيئات الدقيقة شديدة الانفجار، ومثل هذه الانفجارات تحدث موجات صدمة يمكن توجيهها وتضخيمها في أماكن مغلقة مثل المباني أو الكهوف أو الأنفاق.
وبما أن موجات الصدمة والحرارة الناجمة عن الانفجار عالية فإنه لا يهدم الكهف أو النفق لكنه يمتد في شبكة الأنفاق بالكامل.
خرافات طالبان
ومع الاستعداد لاستخدام القنابل الجديدة هدأت عمليات البحث التي تقوم بها القوات الأفغانية والقوات الخاصة الأميركية في منطقة تورا بورا عن مقاتلي القاعدة وقائدهم أسامة بن لادن، وعلى الرغم من القضاء على معظم مقاتلي القاعدة وطالبان إلا أنه من المعتقد أن بعضهم مازال مختبئا في الكهوف، وكان قد صرح وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد يوم الجمعة بأنه سيتم إرسال المزيد من القوات الخاصة لتفتيش كهوف تورا بورا.
وعودة إلى صحيفة "فيك" الروسية، التي أشارت إلى أن سبب الاندحار السريع لطالبان هو أن قوتها كانت مبنية على عدة أساطير منها أن أميركا ستواجه في أفغانستان مصيرا أسوأ من مصير القوات السوفيتية فاختارت القصف عن بعد واستخدمت سلاحا آخر أشد مضاء هو "الأفغان ضد الأفغان"، ومنها أن العالم الإسلامي سيهب دفعة واحدة للدفاع عن "محبوبه" بن لادن ونظام طالبان وزعيمه "أمير المؤمنين" ملا عمر الذي حول أفغانستان إلى دولة تعيش وفق قوانين القرن السابع مدعيا أنها تشبه نموذج دولة الخلفاء الراشدين، لكن الضربات القاصمة الأولى والتراجع السريع لقوات طالبان دفع المسلمين إلى الإمعان بالتفكير والعودة إلى النفس، وثالثها أن حلول فصل الشتاء وتساقط الثلوج سيجعل خوض المعارك عملا شبه مستحيل فتغرق أميركا في "المستنقع الأفغاني"، لكن الشتاء لم يحل إلا بعد كسر"العمود الفقري" لحركة طالبان وتنظيم القاعدة مما يعني ان العمليات الفدائية غير المستبعدة ستكون على الأرجح عشوائية ولن تأتى بنجاح يذكر.