كتب- نبيل شرف الدين: في الوقت الذي تتحدث فيه وسائل الإعلام الأميركية والدولية عن العراق كهدف محتمل للحملة الأميركية في محطتها المقبلة ، وبينما تسعى كل الدول العربية للحيلولة دون استهداف العراق ، يصف اليوم طارق عزيز ، نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي ، وأحد عرابي النظام الحاكم في بغداد ، كل الحكام العرب من دون تمييز بأنهم "جبناء" ، وليس بوسعهم تقديم أي شئ للقضية الفلسطينية ، ولا لرئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات .
جاء ذلك في أثناء محاضرة ألقاها عزيز بإحدى الجامعات العراقية ، وبعد أربعة شهور من إقالة الرئيس العراقي صدام حسين لعزيز من منصب وزير الخارجية ، وكان صدام قد عيّن عزيز بهذا المنصب على عجل ليحل محل محمد سعيد الصحاف ، الذي اتهم بالفشل وتضييع فرصة سياسية سانحة تهيأت للعراق خلال قمة عمان العربية ، وقد تضاربت وقتها التقديرات حول اسباب الاقالة التي أعقبت حملة نقد شنتها جريدة "بابل" العائدة للابن الاكبر للرئيس العراقي، متهمة الوفد العراقي للقمة ووزير الخارجية محمد سعيد الصحاف بعدم التقيد بتعليمات الرئيس ، ومن ثم بالتسبب بتلك اللكمة السياسية والدبلوماسية التي كادت تصبح الحدث الابرز في القمة وبين أروقتها.
القفاز الناعم

وطارق عزيز الآن نائب رئيس الوزراء العراقي ، وهو العضو المسيحي الوحيد في حكومة الرئيس العراقي صدام حسين ، وقد ولد في الموصل عام 1936 وتخرج في قسم اللغة الانكليزية وآدابها في كلية الآداب في جامعة بغداد. اشتغل بالصحافة في بواكير حياته العملية، مما مكنه من اكتساب خبرة مباشرة في الشؤون الدولية. وعلى اثر القضاء على النظام الملكي في العراق عام 1958، عمل طارق عزيز في صحيفة الجمهورية، واشترك فترة وجيزة في النشاط الصحفي لحزب البعث السوري ، وحين استولى حزب البعث العراقي على السلطة للمرة الثانية في عام 1968، عين طارق عزيز في العام التالي رئيسا لتحرير صحيفة الثورة، وهي صحيفة الحزب ، ووثق عزيز علاقته بصدام حسين من خلال كتاباته الصحفية.
ولم يحل عام 1972 إلا وكان طارق عزيز قد اصبح عضوا في مجلس قيادة الثورة، ارفع الهيئات الحاكمة في البلاد ، وفيما بين عامي 1974 و1977، عمل وزيرا للاعلام ، وحين اصبح صدام حسين رئيسا للجمهورية في عام 1979، عين طارق عزيز نائبا لرئيس الوزراء. وفي عام 1981 ظهر في الساحة الديبلوماسية لأول مرة حين عين وزيرا للخارجية، وهو منصب احتفظ به حتى عام 1991، اضافة الى استمراره نائبا لرئيس الوزراء.
وقد تمثل دور طارق عزيز، في السنوات الماضية ، في قيامه بمهمة المبعوث الديبلوماسي لبلاده في الخارج، حيث انحصر تعامله اساسا مع الامم المتحدة ، ويراه الغرب الذراع اليمنى للرئيس العراقي، بل ان صدام نفسه اشار الى عزيز باعتباره "قفَّازه الناعم".
عني طارق عزيز بشرح سياسات الرئيس العراقي ومواقفه في الدوائر العالمية، من خلال الاشتراك في مفاوضات رفيعة المستوى وكذلك في مختلف المحافل الدولية، من قبيل مجلس الامن التابع للامم المتحدة، والمقابلات التلفزيونية التي تبثها محطات التلفزيون واسعة الانتشار، كالـ BBC ، والـ CNN ويتقن طارق عزيز اللغة الانكليزية، ويعتبر ناطقا محترفاً طلق اللسان باسم حكومته ، وفي حالة طارق عزيز يصدق المثل القائل ان المبعوث يلقى من الترحيب اكثر مما تلقاه الرسالة التي بعث من اجل تسليمها.
&