مازال الشريط الذي أذاعته الإدارة الأميركية أخيرا حول لقاء بين بن لادن وشيخ سعودي‏,‏ باعتباره دليلا لا يقبل الشك علي تورطه وتدبيره لأحداث سبتمبر‏,‏ يثير كثيرا من الجدل‏...‏ بين الذين يقطعون بصحته ويرفضون أي نقاش حول دلالاته القانونية والسياسية وبين الذين لا يستبعدون احتمال تزييفه أو تلفيقه‏...‏
وأهمية هذا النقاش بالنسبة للإدارة الأمريكية‏,‏ والذين يتمسكون بصحة هذا الشريط‏,‏ أنه يكاد يكون الدليل الوحيد في حوزتهم‏,‏ والذي يبرر التطورات الدرامية التي اشعلت حرب أفغانستان‏,‏ وما قد يعقبها‏,‏ ويبرر كل الأجراءات الاستثنائية والحملات الدعائية‏,‏ وسقوط عدة آلاف من المدنيين الأفغان ضحايا القصف الأمريكي ضد الإرهاب وشبكة القاعدة‏,‏ ويعطي للإدارة الأمريكية مزيدا من الأسباب لتمكين إسرائيل من الاستيلاء علي الاراضي الفلسطينية‏,‏ وفرض سيطرتها علي العالم العربي‏.‏
اما الذين يشككون في صحة هذا الشريط‏,‏ فإن مخاوفهم من إرهاب بن لادن وعصابته من شبكة القاعدة‏,‏ لا تقل عن مخاوفهم من الهيمنة الأمريكية والإفراط المبالغ فيه في استخدام القوة العسكرية والانفراد في القرارات دون اعتبار إلا لمصالحها وحدها‏,‏ وهي مخاوف كشفت عنها نتائج أستطلاع للرأي اجرته مؤسسة أمريكية بين صناع القرار في العالم‏,‏ وأكدت عمق الشكوك التي تنتاب دولا كثيرة ازاء سياسات أمريكا الخارجية‏,‏ ويعزو كثيرون ما وقع من هجمات الي اليد الأمريكية الثقيلة والافراط في استخدام القوة والانحياز الأعمي لإسرائيل‏.‏
غير أن هناك أسبابا موضوعية تثير الشكوك حول صحة هذا الشريط‏,‏ دون تكذيب لدور بن لادن في العملية‏.‏
فقد أذاعت شبكة سي‏.‏ إن‏.‏ إن الأمريكية ان السلطات الأمريكية حذفت أسماء ومعلومات مهمة‏,‏ وأسماء من دولة عربية خليجية يرجح أنها السعودية‏,‏ بدعوي انهم ساعدوا بن لادن‏,‏ وقدموا له الدعم‏.‏
وقيل علي لسان مسئولين أمريكيين أن ترجمة الشريط ليست حرفية‏.‏
وفي حدود علمي فإن الذي يستطيع أن يحذف معلومات وصورا من أي شريط‏,‏ يستطيع أيضا أن يضيف إليه ما يشاء‏,‏ وأن يغير من طبقات الأصوات والكلمات بما يحقق أهدافه‏,‏ وهي تقنيات معروفة في العالم كله‏.‏
وقد شاهدت برنامجا قدمته القناة الرئيسية شبه الرسمية للتليفزيون الألماني‏,‏ طرحت فيه تساؤلات عديدة حول مدي صحة الشريط‏,‏ وأكد مترجمان مستقلان المانيان واستاذ باحدي الجامعات الأمريكية أن المقارنة أثبتت أن الترجمة الأمريكية للشريط ليست دقيقة‏,‏ وأن بعض الكلمات حرفت عن معانيها باللغة العربية بهدف تأكيد ادانة بن لادن‏.‏
هذه بعض الرتوش التي تلقي الضوء علي حكاية شريط بن لادن اظهارا للحقائق‏,‏ وليس دفاعا عن بن لادن ولا عن أمريكا‏!!(الأهرام المصرية)‏