اهم سفير عرفه العالم في الأشهر الثلاثة الماضية هو الملا عبد السلام ضعيف ممثل حكومة طالبان في العاصمة الباكستانية. فبعد ان طردت حكومته من آخر معاقلها خلعها بدوره وطلب حق اللجوء السياسي من حكومة مشرف التي كانت هدفا لدعوات طالبان بالسقوط. وسبقه الى ذلك وكيل وزارة الداخلية الذي كشف ان وزير الخارجية الطالباني هو الآخر كان محبوسا في بيته بأوامر من امير المؤمنين الملا محمد عمر قبل فراره بعد الهزيمة. حبس الوزير لأنه حاول افهام رئيسه ان المواجهة العسكرية المقبلة ليست مثل محاربة قوات مسعود. ولأن الملا عمر لم يكن يملك تلفزيونا قبل عشر سنوات فقد فاتته مشاهدة الحرب الحضارية الاولى، كما يسميها احد مدعي الثقافة العرب. ولو كان في بيت امير المؤمنين تلفزيون آنذاك لما صدق بن لادن ولسلمه حيا وظل اميرا.
ولا نعرف بعد ماذا تريد ان تفعل واشنطن بكبار اعمدة الحكم الافغاني المعادي، فهل تنفذ بحقهم ما فعلته بحكومة اليابان المهزومة في الحرب العالمية الثانية وما فعله الحلفاء في حكومة هتلر، اي اعدام كل الوزراء باستثناء من عجل باعلان البراءة، مثل السفير ضعيف الذي تدارك امره قبل ان يصله خطاب استدعاء المحاكمة من المدعي العام الاميركي فطلب حماية الحكومة الباكستانية.
ولحسن الحظ ان بعض الوزراء والسفراء احياء حتى يكونوا شهودا يوجعون آذان اولئك الذين يحبون تكذيب كل ما سمعوه من قبل. وهو بنفس القدر من الحظ في القبض على الرجل الذي حاول تفجير الطائرة وهي في الجو في طريقها من العاصمة الفرنسية الى الولايات المتحدة. ولحسن الحظ ان الركاب اثناء غضبهم وهلعهم لم يشبعوه ضربا حتى الموت، وقبل ذلك تأتي مشيئة الله عكس حظ المكذبين حيث ان الراكب ضبط ولم تنفجر الطائرة حتى لا يقال انها ضلع آخر في مكعب المؤامرة.
فهو الآن شاهد آخر حي يضاف الى شهود نيروبي وعدن وكابل وغيرها من المحطات التي لم يعد هناك سبب عند متشكك في ربط احداثها وفهم ابعادها. هؤلاء الشهود ومعهم المئات من رفاقهم الذين في طريقهم للمحاكمات سيسمعوننا قصصهم لعام آخر كامل. سنسمع كيف فقد هؤلاء الناس عقولهم، واذا كنا نستغرب كيف صدق هؤلاء الشباب دعاوى "القاعدة" ووعودها، فلنتذكر ان الملا عمر نفسه صدق بن لادن بأنه زعيم لا يقهر فسار خلفه حتى تهدم كل ما جمعه وبناه في غمضة عين.
انه امر محير كيف يصدق شباب في كامل وعيهم وكلاء "القاعدة" وباعة احلامها فينطلقون باحثين عن الجنة من دون محاولة واحدة جادة في التحقق من طريقها ودليلها وغاياته وأهدافه. ليس الفراغ ولا البطالة ولا الفاقة ولا العجز السياسي كما يحاول كثيرون إلقاء اللوم على كل هذه المشاجب او بعضها، انها مشكلة ثقافية ولا شك وهذه نتائجها. (الشرق الأوسط اللندنية)