&
لندن ـ نصر المجالي: اقر المجلس الوطني الاتحادي في دولة الامارات العربية المتحدة وهو بمثابة البرلمان ليل الثلاثاء ـ الاربعاء قانونا يقضي بمكافحة ظاهرة غسيل الاموال.
ويأتي اقرار القانون في دولة الامارات بعد تكشف بيانات وتقارير رسمية من مصادر سياسية في الغرب على انها كانت من الدول التي تتعامل مؤسساتها المالية على نحو عالمي في تمويل جماعات ارهابية وعلى وجه الخصوص تلك المرتبطة بشبكة (القاعدة) التي يتزعمها المنشق السعودي اسامة بن لادن.
وتبين من التحقيقات التي يقوم بها مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي (اف بي آي) مع المشتبهين في حوادث تفجيرات ايلول (سبتمبر) في نيويورك وواشنطن ان عددا منهم زار دولة الامارات وتحديدا امارتي دبي والشارقة وان لهم ارتباطات مالية هناك.
واغلقت امارة الشارقة في الاوان الأخير عددا من وكالات الصرافة لتورطها في تحويلات مالية غير قانونية، وكان مسؤول في شركة الطيران الافغانية كشف النقاب قبل اسابيع عن مطار الشارقة كان محطة لتحركات شبكة القاعدة الارهابية للسنوات الخمس الماضية على صعد تتعلق بتهريب الاسلحة والمخدرات والمقاتلين.
ولكن غانم الهاجري مدير الطيران المدني في الامارة نفى ذلك جملة وتفصيلا، مؤكدا ان مطار الامارة من افضل المطارات العالمية في شؤون السلامة العامة التي تتطلبها قوانين الوكالة الدولية للطيران المدني.
وبعد احداث ايلول (سبتمبر) ارسلت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) عملاء منها للعمل في عدد من عواصم دول الخليج العربية، وكذلك فعل مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) في محاولة منهما لمتابعة خيوط اتصالات جماعة اسامة بن لادن في تلك العواصم.
وتحدثت المصادر الاميركية الرسمية عن مبالغ طائلة من الاموال حولت من مكاتب الصرافة الخاصة ومن مكاتب جمعيات تمثل عمليات الاغاثة الى حسابات في عواصم اوروبية "ولكن ثبت انها محولة في الاساس الى عناصر مرتبطة بشبكات ارهابية".
والقانون الاماراتي الجديد في مواجهة عمليات غسيل الاموال قد يلاقي معارضة في حال التطبيق من جماعات متنفذة في الحكم وهي تمثل مجموع الامارات السبع التي لها مصالح وارتباطات في شؤون الاعمال مع شركات عالمية في الخارج.
وعلى سبيل المثال فان امارة دبي التي لها قوانينها المالية الخاصة قد لا تمتثل الى القانون الجديد، خصوصا وان وزير ماليتها الشخ حمدان بن راشد المكتوم وهو نائب حاكم امارة دبي حضر جلسة المجلس الوطني الاتحادي وطالب بسرية الجلسة الليلة الماضية لربع ساعة من الزمن.
ولا احد يعرف ماذا افاد به الشيخ حمدان المكتوم وهو الرجل القوي على صعيد مالي في دبي من مسألة غسيل الاموال، ودور امارات الاتحاد البع في هذه القضية التي ستظل شائكة رغم القانون الجديد.
ومنذ انشاء دولة الامارات العربية المتحدة في العام 1971 ، لا يوجد قانون يحكم تصرفات أي امارة عضو في المسائل المالية والاقتصادية.
والاتفاق المتعارف عليه بين هذه الامارات السبع ان ابو ظبي وهي الامارة الأغنى توفر 50 بالمائة من الميزانية الاتحادية، وتوفر امارة دبي 25 بالمائة من دخلها النفطي بغض النظر عن المداخيل الاخرى، فيما الامارات الاخرى تعتاش على هذه الميزانية ومع ما يرد اليها من موارد داخلية.
ولكن القانون المالي العام في البلاد لم يتحكم فيه أي قانون ملزم، وبالتالي فان دولة الامارات اصبحت مركزا رئيسا لعمليات غسيل الاموال استنادا الى النشاطات الاقتصادية الهائلة التي شهدتها البلاد في السنوات الثلاثين الماضية. وانتقدت هذا الوضع غير المحكوم بقوانين ملزمة للجميع وكالات عالمية كبيرة منذ زمن طويل.
والقانون الاتحادي الجديد الذي ينتظر يواجه معارضة صامتة قبيل اقراره دستوريا بمرسوم من رئيس الدولة سيعمم في حال اقراره على جميع الوكالات العالمية والجهات المعنية بالتجارة والارتباط اقتصاديا مع دولة الامارات بمختلف اماراتها السبع.
يذكر ان وزارة المال في دولة الامارات العربية المتحدة ونظيرتها وزارة الاقتصاد رغم كونهما وزارتان اتحاديتان تمثلان الامارات امام العالم، الا انهما تصطدمان بعقبة قرارات الدوائر الاقتصادية والمالية التي انشأتها كل امارة على حدة، وهي صاحبة التصرف في القرارت المالية والاقتصادية داخل الامارة او حتى في العلاقات مع الدول الاخرى.
وحال الاوضاع المالية حال الشأن الاعلامي، حيث اقمت كل امارة دائرتها الاعلامية، وبدأت كل امارة ببث تلفزيوني وفضائي حسب مقتضيات واقع حالها.
والشان ذاته ينطبق على الدفاع، حيث الشيخ محمد بن راشد المكتوم وزير الدفاع وولي عهد امارة دبي لا يستطيع من جانبه توجيه امر عسكري الى قطعات الجيش المتمركزة في ابو ظبي او العين، الا باستئذان رئيس هيئة الاركان العامة الفريق طيار محمد بن زايد آل نهيان. حيث بموجب الدستور الاتحادي فان رئاسة الاركان العامة منصب لامارة ابو ظبي، فيما وزارة الدفاع منصب يخص امارة دبي.
والحال نفسه يسري على ادارة الاعلام، اذ لا يتدخل وزير الاعلام الاماراتي في شأن اعلامي يخص الامارات الاخرى، ما دامت كل واحدة لها دائرتها الاعلامية الخاصة، الامر الوحيد الذي يخص الوزير في ابو ظبي هو دفع المعونة السنوية للمؤسسات الاعلامية في تلك الامارات من صحف واذاعات وغيرها.
واذ ذاك، فان كل واحدة من الامارات السبع في الاتحاد الاماراتي لها مجلسها التشريعي الخاص الذي يعينه حاكمها، وايضا مجلسها التنفيذي، كما انها تحتفظ بجهاز شرطتها الذي ينفذ قوانين الهجرة والجوازات المحلية.
ولا تبدي بعض المصادر العارفة في شؤون دولة الامارات محليا تفاؤلا كبيرا في تطبيق قانون مكافحة غسيل الاموال استنادا الى تلك المعطيات على الارض في واقع الترتيب السياسي في الدولة وتداول الادوار محليا وخارجيا.