&
&تل ابيب تحبط موقف الاردن نحوها من اجل سلام مع العرب عامة


لندن ـ ايلاف: اجمعت مصادر اردنية عديدة تحدثت اليها "ايلاف" الاربعاء بان ماجرى في اليومين الاخيرين كان فيه احراج سياسي للقيادة الاردنية الداعمة دائما الى سلام كامل ومتكامل مع اسرائيل. وافادت مصادر لـ"ايلاف" بان الاردن تحادث مع اشقاء عرب حول النيات الاسرائيلية في المرحلة المقبلة.
ووقع الاردن واسرائيل اتفاقية سلام متكاملة تعترف بحدود البلد الآخر في العام 1994 اطلق عليها اسم اتفاقية وداي عربة، وهي كانت برعاية اميركية، واعلن الاردن من جانبه رسميا "ان لا حروب بعد اليوم مع اسرائيل التي نتمنى ان تكون جزءا من المنطقة".
ومع الحادث الذي وقع عبر الحدود (الرسمية) بين البلدين في وادي بيسان الشمالي لنهر الاردن، فان الامور تبدو معكوسة من الجانب الاسرائيلي، على عكس الاردن المتمسك باتفاقيات السلام.
فالطيران الاسرائيلي اغار على الاراضي الاردنية من دون اذن رسمي بدعوى مطاردة ارهابيين في حادث اطلاق نار قتل فيه جندي اسرائيلي واحد، فيما قتل اثنان من مطلقي النيران.
وفوجىء الاردنيون ببيان اسرائيلي عسكري رسمي يشير الى ان الحادث جرى بعد اطلاق الرصاص من الضفة الشرقية للنهر، الامر الذي حدا بالجيش الاردني الشروع بعملية تفتيش كاملة للمنطقة من دون العثور على أي دليل قالته سلطات الجيش الاسرائيلي.
والجيش الاردني، كما هو معروف يواصل مهماته امنيا منذ العام 1967 حيث فقد الضفة الغربية ليس لحماية اسرائيل بقدر ما هو اجراء لحماية الاردن ككيان في المنطقة امام طموحات اسرائيلية متشددة كانت ولا تزال تقول ان "هنا فلسطين وهنالك فلسطين ايضا" في اشارة الى ان الضفة الشرقية من النهر هي وطن للفلسطينيين.
والزعامة الاسرائيلية الراهنة بقيادة ارييل شارون لم تخفي الطموحات في شأن الوطن البديل للفلسطينيين على الضفة الاخرى من النهر، وهي لا تعترف باية اتفاقات موقعة بين الجانبين منذ عهد حومة اسحق رابين العمالية في العام 1995.
ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فان الاردن كان حريصا على مواجهة المخطط الاسرائيلي في ابعاد اكثر عدد ممكن من المواطنين الفلسطينييين ممن يحملون جنسيته الى شرقي النهر تحت دعاوى عديدة.
ورغم ذلك فان الاردن سمح لأكثر من مائة وخمسين الف فلسطينيا من حملة جنسيته ومن غيرهم من الفلطسينيين بدخول اراضيه لدواع انسانية واخلاقية.
وهو ايضا استقبل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات لمرات عديدة محاولا اقناعه بالتوصل الى حلول وتنازلات مرضية للطرفين الاسرائيلي ثم الفلسطيني.
ولكن لأن العاهل الهاشمي الملك عبد الله الثاني لم يؤد زيارة الى اسرائيل في عهد ولايته الا مرة واحدة قبل عام كانت في ايلات الاسرائيلية وليس على عهد شارون، فان هذا الاخير عازم على الانتقام في شكل او آخر من عمان التي لم تعين سفيرها بعد في تل ابيب.
والاردن، كما قال العاهل الهاشمي لن يعين سفيرا الا اذا وجد بادرة حسن نية من اسرائيل تجاه التطورات الدموية الراهنة في المناطق الفلسطينية التي تحمل عمان مسؤوليتها على عاتق تل ابيب.
وقاد الاردن حملة عربية وعالمية في اتجاه الاعلان عن دولة فلسطينية مستقلة يمكن بعدها التوصل الى حلول جدذرية لمشاكل المنطقة سياسيا واقتصاديا.
وهو اتفق مع القاهرة والرياض وهما اهم عاصمتين للقرار على ان الحل يأتي عبر مراحل متزامنة تعلن فيها الدول العربية اعرافا رسميا باسرائيل مقابل اعلانها رسميا انها ستعيش في المنطقة وتتعامل معها كجزء منها .
هذا الموقف حادث فيه الملك الاردني لندن واشنطن في زيارات عديدة في الشهرين الأخيرين، ولقي استحسانا كبيرا في العاصمتين ومن موفدين اوروبيين كثيرين.
واقنع الملك عبد الله الثاني عواصم عربية كثيرة باعتباره رئيس القمة العربية بضرورة الاعتراف باسرائيل تحت شرط اعلانها الرسمي في ان تنخرط مع دول المنطقة دولة ذات استقرار وامن دائمين، وكان الرد العربي ، كما علمت "ايلاف" ايجابيا.
الاردن يستضيف اكثر من مليونين ونصف المليون لاجىء فلسطيني، وله دوره في الحل النهائي للمشكلة الفلسطينية برمتها، والحكم الهاشمي لا يزال تحت مختلف الظروف هو المعني في ادارة المقدسات الاسلامية في القدس.
وهو فوق كل ذلك يرى ان ياسر عرفات قد يكون هو المؤهل لسلام مع الجار الاسرائيلي لاعتداله وهوايضا الذي يمكن الاعتماد عليه في استمرار المطالبة بقيام دولة فلسطينية مستقلة.
هذه الطروحات الاردنية، رغم اعتدالها لا ترضي الجانب الاسرائيلي بقيادة الليكود، فعملية عسكرية من الجار الاردني مثل عملية بيسان تجد مبرراتها في الغاء أي قرار او معاهدة وقع عليه الجانبان لسلام دائم بينهما الاثنين.
من هنا كان قدر المؤسسة الامنية الاردنية ومعها الجيش الاردني محاولة الابقاء على ما يمكن الابقاء عليه في التعامل مع القيادة الاسرائيلية.
فقد سمح الاردن لطائرات الهليوكبتر الاسرائيلية وبعض الجند باختراق اراضيه بالتنسيق مع القيادات العسكرية الاردنية بحثا عن منفذي اعتداء الثلاثاء، وكانت الارض المسموح بها حسب مصادر اردنية تحدثت الى "ايلاف": اراض كانت الاردن منحتها الى مواطنين اسرائيليين للاستثمار الزراعي بعد اتفاق السلام.
واكدت المصادر العسكرية الاردنية لـ "ايلاف" قائلة "عدا عن تلك المناطق لم نسمح لقوات با جتياز اراضينا فهذا امر يتعلق بالسيادة الوطنية اولا وأخيرا ولن نتساهل فيها، ونحن ندرك مخططات الطرف الآخر جيدا".
واذ ذاك، فان العاهل الهاشمي تشاور مع عدد من القادة العرب وفي مقدمهم الرئيس المصري حسني مبارك عما يمكن ان يكون عليه الموقف الاسرائيلي لاحقا في مسألة التطورات العسكرية والامنية في المنطقة.