&
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد، فبعد مرور ثلاثة أشهر على الضربات المباركة ضد الكفر العالمي ضد رأس الكفر أميركا وبعد مرور شهرين تقريبا على الحملة الصليبية الشرسة على الإسلام، يطيب لنا أن نتحدث عن بعض دلالات هذه الأحداث.
فهذه الأحداث بينت أمورا كثيرة في غاية الأهمية للمسلمين، فقد اتضح بجلاء أن الغرب عامة وعلى رأسها أميركا تحمل من الحقد الصليبي على الإسلام ما لا يوصف. والذين عاشوا هذه الأشهر تحت القصف المتواصل من الطائرات الأميركية بأنواع مختلفة يعلمون ذلك حق العلم.
فكم من قرى أبيدت بدون ذنب وكم وكم لو حسبنا من الملايين الذين شردوا في هذا البرد القارس، هؤلاء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان تأويهم اليوم الخيام في باكستان لا ذنب لهم، مجرد شبهة، فشنت أميركا هذه الحملة الشرسة.
ولو كان عند أميركا من الأدلة ما يصل إلى درجة اليقين أن الذين قاموا بهذا العمل كانوا ينتسبون إلى أوروبا، كالجيش الإيرلندي مثلا، لكان عندها من السبل الكثير لعلاج هذه المشكلة، ولكن لما كان الأمر مجرد شبهة تشير إلى العالم الإسلامي فظهر الوجه القبيح الحقيقي وظهر الحقد الصليبي على العالم الإسلامي بوضوح.
وبين يدي هذا الكلام أحب أن أؤكد على حقيقة الصراع بيننا وبين أميركا، وهو في غاية الأهمية والخطورة ليس للمسلمين فقط بل للعالم أجمع، فما تتهم به أميركا هذه الفئة المهاجرة المجاهدة في سبيل الله لا يقوم عليه دليل وإنما هو البغي والظلم والعدوان.
فتاريخ المجاهدين العرب بفضل الله سبحانه وتعالى واضح بين أبيض ناصع، فقد خرج هؤلاء منذ 20 سنة عندما ظهر الإرهاب المذموم الحقيقي على أيدي الاتحاد السوفييتي ضد هؤلاء الأطفال وضد الأبرياء في أفغانستان، ترك المجاهدون العرب أعمالهم وجامعاتهم وأهلهم وعشيرتهم ابتغاء مرضاة الله، نصرة لدين الله ثم نصرة للمستضعفين من أبناء المسلمين.
فالذين خرجوا لنصرة المستضعفين لا يعقل اليوم أن يذهبوا لقتل الأبرياء كما يزعم الزاعمون. فهذا التاريخ أميركا كانت تؤيده كل من يجاهد كل من يقاتل ضد الروس، فلما من الله على المجاهدين العرب أن ينصروا المستضعفين في فلسطين أولئك الأطفال الأبرياء غضبت أميركا وقلبت ظهر المجن لكل من قاتل في أفغانستان.
فإن ما يجري اليوم في فلسطين أمر في غاية الوضوح ومحل اتفاق البشرية منذ آدم عليه السلام، فإن الفطر قد تفسد ويختلف الناس في كثير من الأمور، ولكن هناك بعض الفطر يحفظها الله سبحانه وتعالى من الفساد إلا من شذت نفوسهم وبلغت مبلغا عاتيا في الظلم والعدوان، فمن الفطر المتفق عليها أن الناس حتى وإن أصابهم بعض الظلم وبعض العدوان نفوسهم لا تستطيع أن تقتل الأطفال الأبرياء.
وما جرى في فلسطين وما يجري اليوم من قتل متعمد للأطفال هذا أمر في غاية القبح وفي غاية الظلم والعدوان وهو يهدد البشرية جمعاء.
وما عرف التاريخ أن أحدا يقتل الأطفال إلا نادرا وهو مذهب فرعون، والله سبحانه وتعالى منّ على بني إسرائيل هؤلاء، إذ نجاهم من فرعون "إذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب، يذبّحون أبناءكم ويستحيون نساءكم". فتذبيح الأطفال أمر اشتهر به رأس الظلم والكفر والعدوان فرعون، ولكن بني إسرائيل استخدموا نفس الأسلوب ضد أبنائنا في فلسطين، والعالم أجمع نظر وشاهد العساكر الإسرائيليين وهم يقتلون محمد الدرة وغير محمد الدرة كثير.
فالعالم بأسره في شرقه وفي غربه على اختلاف ملله مجرد كون الناس ناسا استنكروا هذا الفعل، ولكن أميركا سادرة في غيها تؤيد هؤلاء الظلمة هؤلاء المعتدين على أبنائنا في فلسطين، والله سبحانه وتعالى بيّن أن النفس إذا بغت واعتدت ووصلت إلى حد أن تقتل نفسا بغير حق فهذا أمر في غاية البشاعة، ولكن أبشع منه أن يقتل الأطفال الأبرياء، يقول سبحانه وتعالى "من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".
فهؤلاء في الحقيقة كأنما قتلوا جميع الأطفال في العالم، إسرائيل ومن ورائها أميركا، وما الذي يرد إسرائيل عن قتل أبنائنا غدا في تبوك وفي الجوف وفي حولها من المناطق، وما سيفعل الحكام إذا وسعت إسرائيل من أرضها المطبوعة في كتبهم الظالمة الجائرة الزائفة كما يزعمون، وقالت إن حدودنا إلى المدينة، ماذا سيفعل الحكام وهم يرضخون لهذا اللوبي الصهيوني الأميركي.
فلابد للعقلاء أن يستيقظوا، وأن ما أصاب محمد الدرة وأخوانه سوف يصيب غدا أبناءهم ونساءهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالأمر في غاية الخطورة والإرهاب المذموم تمارسه أميركا على أبشع صوره في فلسطين وفي العراق، وبوش الأب هذا الرجل المشؤوم كان سببا في قتل أكثر من مليون طفل في العراق فضلا عن غيرهم من الناس من الرجال والنساء.
وأحداث 22 جماد الثاني الموافق الحادي عشر من سبتمبر ما هي إلا رد فعل للظلم المتواصل الذي يمارس على أبنائنا في فلسطين وفي العراق وفي الصومال وفي جنوب السودان وفي غيرها كما في كشمير وآسام. فالأمر يخص الأمة بأسرها فينبغي على الناس أن يستيقظوا من رقادهم وأن يهبوا لإيجاد حل لهذه الكارثة التي تهدد البشر جميعا.
وأما الذين أدانوا هذه العمليات فهؤلاء نظروا إلى الحدث بصفة مستقلة ولم يربطوه بالأحداث الماضية والأسباب التي أدت إليه، فنظرتهم قاصرة ولا تنطبق ولا تنطلق لا من أصل شرعي ولا من أصل أيضا عقلاني، وإنما رأوا الناس ورأوا أن أميركا والإعلام يذم هذه العمليات فقاموا يذمونها.
وهؤلاء مثلهم كمثل ذئب رأى حملا فقال لهذا الحمل -ولد النعجة- أنت الذي عكرت عليّ الماء في العام الأول، قال يا هذا لست أنا قال بل أنت، قال إنما أنا ولدت في هذا العام، قال إذن أمك التي عكرت عليّ فأكل هذا الحمل، فما كان من هذه الأم المسكينة التي رأت ابنها يمزق بين أنياب هذا الذئب إلا أن دفعتها عاطفة الأمومة فنطحت هذا الذئب نطحة لا تقدم ولا تؤثر، فصاح الذئب وقال أنظروا إلى هذه الإرهابية، فقام هؤلاء الببغاوات يرددون ما يقول الذئب ويقولون نعم نحن ندين نطح النعجة لهذا الذئب. أين أنتم من أكل الذئب لابن هذه النعجة.
فإن هذه الضربات المباركة الموفقة إنما هي ردود فعل لما يجري على أرضنا في فلسطين وفي العراق وفي غيرها، وإن أميركا في مواصلتها لهذه السياسة بمجيء هذا الابن جورج بوش الذي ابتدأ حكمه بغارات جوية عنيفة على العراق أيضا ليؤكد على سياسة الظلم والعدوان، وعلى أن دماء المسلمين لا ثمن لها.
فكان هذا الرد المبارك بفضل الله سبحانه وتعالى، وهذه الضربات المباركة لها دلالات عظيمة، فقد أوضحت بجلاء أن هذه القوة المتغطرسة المتكبرة هبل العصر أميركا تقوم على قوة اقتصادية عظيمة ولكنها هشة ما أسرع أن تهاوت بفضل الله سبحانه وتعالى.
فالذين قاموا بالعمل ليسوا تسعة عشر دولة عربية ولم تتحرك الجيوش ولا وزارات الدول العربية التي ألفت الخنوع والظلم الذي يصيبنا في فلسطين وفي غيرها، وإنما تسعة عشر من طلاب الثانويات -أرجو الله سبحانه وتعالي أن يتقبلهم- هزوا عرش أميركا وضربوا الاقتصاد الأميركي في صميم فؤاده وضربوا أكبر قوة عسكرية في عمق قلبها بفضل الله سبحانه وتعالى.
فهنا دلالة واضحة على أن هذا الاقتصاد العالمي الربوي الممحوق الذي تستخدمه أميركا مع قوتها العسكرية لفرض الكفر والإذلال على الشعوب المستضعفة يمكن بسهولة أن يتهاوى، فتلك الضربات المباركة قد ألحقت بأميركا باعترافهم هم في أسواق نيويوك وفي غيرها, أكثر من تريليون دولار خسارة بفضل الله سبحانه وتعالى، وبامكانيات بسيطة استخدموا طائرات العدو ودرسوا في مدارس العدو فلم يحتاجوا إلى معسكرات تدريب، وإنما فتح الله عليهم وأعطوا هذا الدرس القاسي لتلك الشعوب المتكبرة التي لا ترى للحرية معنى إلا أن تكون للجنس الأبيض، وأما الشعوب الأخرى فيروا أنها ينبغي أن تكون ذليلة مستعبدة لا يحركون ساكنا بل يصفقون لرؤسائهم عندما يضربوننا كما حصل من قبل في العراق.
فأقول إن القوة العسكرية الأميركية وإن أظهرت أميركا استعراضها لهذه القوة في أفغانستان في الفترة الأخيرة وصبت جام غضبها على هؤلاء المستضعفين، فقد أخذنا بفضل الله سبحانه وتعالى دروسا عظيمة ومهمة في كيفية مقاومة هذه القوة المتكبرة.
فعلى سبيل المثال، لو أن خط الجبهة مع العدو يبلغ في طوله إلى 100 كلم فينبغي أن يكون هذا الخط عريضا, بمعنى لا نكتفي بخط دفاع بعمق أو بعرض 100م أو 200م أو 300م بل ينبغي أن يعرض هذا الخط إلى عدة كيلومترات وتحفر الخنادق على طول الجبهة وعلى عرضها، فكثافة القصف الأميركي تستنزف قبل أن تصل إلى نهاية تدمير هذه الخطوط وتكون هناك قوات خفيفة وسريعة للحركة من خط إلى خط ومن حزمة دفاعية إلى حزمة دفاعية.
فاستفدنا هذا بعد القصف الكثيف الذي مارسه الأميركان على خطوط الشمال وعلى خطوط كابل، وبهذه الطريقة تمر السنوات ولا تستطيع أميركا بإذن الله سبحانه وتعالى أن تكسر خطوط المجاهدين.
ومن جهة أخرى كما هو معلوم إن القتال لا بد له من عنصرين؛ عنصر الأنفس المقاتلة وعنصر المال مثل شراء السلاح، وهذا الأمر مؤكد في كتاب الله سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه وتعالى في آيات كثيرة يؤكد على هذا المعنى منها قوله سبحانه وتعالى "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة".
فبالمال والنفس، فالقاعدة العسكرية الأميركية وإن كانت المسافة بيننا وبينها بعيدة جدا وأسلحتنا لا تصل إلى طائراتهم فبالإمكان بواسطة الخطوط الدفاعية العريضة امتصاص هذه الضربات، وطريقة أخرى ضرب القاعدة الاقتصادية التي هي أساس للقاعدة العسكرية فإذا انتهى اقتصادهم شغلوا بأنفسهم عن استعباد الشعوب المستضعفة.
فأقول من المهم جدا التركيز على ضرب الاقتصاد الأميركي بكل وسيلة ممكنة، وهؤلاء الذين يدعون الإنسانية ويدعون الحرية رأينا هنا إجرامهم الحقيقي، فالإنسان تكفيه شظية وزيادة عليه، تكفيه شظية وزيادة عليه وزنها سبع جرامات. فأميركا من حقدها على هؤلاء الطالبان ومن حقدها على المسلمين كانت ترمي على إخواننا في الخطوط قذائف تصل القذيفة الواحدة إلى 7 طن، يا أهل الحساب يعني 7 آلاف كيلو يعني تساوي 7 مليون جرام بينما يكفي الإنسان 7 جرام وزيادة عليه.
وعندما فجر الشباب -نرجو الله أن يتقبلهم شهداء- في نيروبي أقل من اثنين طن قالت أميركا هذا ضرب إرهابي، وهذا سلاح تدمير شامل وأما هي تستخدم قذيفتين كل قذيفة 7 مليون جرام فهذا لا حرج فيه.
ويطلع علينا وزير الدفاع بعد أن قصفوا قرى بكاملها بدون سبب وإنما من أجل إرهاب الناس وجعل الناس يخافون من استضافة العرب أو الاقتراب منهم، طلع وزير الدفاع وقال هذا من حقنا، من حقهم أن يبيدوا الشعوب طالما أنها مسلمة وطالما أنها غير أميركية، هذا هو الإجرام بعينه واضح بيّن وكل ما تسمعون من قولهم أنه خطأ هذا من الكذب الواضح البيّن.
فقبل أيام ضربوا كما زعموا مواقع للقاعدة في خوست وأرسلوا قذيفة موجهة على مسجد قالوا وقعت بالخطأ، وبعد التحري اتضح أن العلماء في خوست كانوا يصلون صلاة التراويح وكان عندهم اجتماع بعد صلاة التراويح مع البطل المجاهد الشيخ جلال الدين حقاني الذي كان أحد أبرز قيادات الجهاد السابق ضد الاتحاد السوفييتي والذي رفض هذا الاحتلال الأميركي على أرض أفغانستان، فقصفوا المسجد والمسلمون في الصلاة فقتل منهم مئة وخمسون ولا حول ولا قوة إلا بالله وسلم الشيخ جلال نرجو الله أن يبارك في عمره.
هذا هو الحقد الصليبي، فلينتبه الذين يرددون الكلام دون أن ينتبهون إلى عواهنه ويقولون نحن ندين الإرهاب، نحن إرهابنا ضد أميركا هو إرهاب محمود لدفع الظالم عن ظلمه لكي ترفع أميركا دعمها عن إسرائيل التي تقتل أبناءنا، والأمر واضح بين ألا تعقلون؟.
أميركا ورؤساء الغرب كثيرا ما يرددون أن حماس والجهاد في فلسطين وغيرها أيضا من المنظمات المقاتلة يسمونها منظمات إرهابية، إذا كان الدفاع عن النفس إرهابا فأي شيء هو المشروع؟، فدفاعنا لا يختلف وقتالنا لا يختلف عن قتال إخواننا في فلسطين كحماس، نقاتل من أجل لا إله إلا الله لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ولنرفع الظلم عن المستضعفين في فلسطين وفي غيرها.
فالأمر واضح بين، وما ينبغي لمسلم عاقل أن يقف في ذلك الخندق تحت أي تأويل من التأويلات، فهذه أخطر وأعنف وأشرس حرب صلبية تشن ضد الإسلام، وبإذن الله نهاية أميركا قريبة ونهايتها ليست متوقفة على وجود العبد الفقير، أسامة قتل أم بقي، فبفضل الله قد قامت الصحوة وكان من مكاسب هذه العمليات أرجو الله سبحانه وتعالى أن يتقبل هؤلاء الشباب في الشهداء وأن يجمعهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
فهؤلاء الشباب قاموا بعمل عظيم جدا، بعمل جليل، جزاهم الله خير الجزاء ونرجو الله أن يكونوا ذخرا لآبائهم وأمهاتهم، فقد رفعوا رأس المسلمين عاليا وأعطوا أميركا درسا لن تنساه بإذن الله سبحانه وتعالى.
وقد حذرت فيما مضى في لقاء مع قناة ABC أن أميركا بدخولها في صراع مع أبناء الحرمين سوف تنسى أهوال فيتنام، وهذا الذي كان بفضل الله سبحانه وتعالى وما خفي كان أعظم بإذنه سبحانه وتعالى.
فمن بلاد الحرمين خرج خمسة عشر شابا -نرجو الله أن يتقبلهم في الشهداء- من أرض الإيمان، هنالك أعظم كنز للمسلمين حيث يأرز الإيمان كما صح عن نبينا عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة كما تأرز الحية إلى جحرها، وأيضا خرج اثنان من شرق جزيرة العرب من الإمارات، وخرج آخر من الشام زياد الجراح -نرجو الله أن يتقبله في الشهداء- وخرج الآخر من أرض الكنانة من مصر محمد عطا فنرجو الله أن يتقبل الجميع شهداء.
فهؤلاء في تصرفهم هذا أعطوا دلالات عظيمة دلالات عظيمة جدا، وبينوا أن هذا الإيمان الذي في قلوبهم يستدعي مقتضيات كثيرة ويستدعي أن تقدم الروح من أجل لا إله إلا الله، فهؤلاء فتحوا بابا عظيما للخير والحق، ومن يقول إن العمليات الفدائية الاستشهادية لا تجوز إنما هؤلاء الذين نسمع أصواتهم في الإعلام إنما يرددون شهوات الطغاة شهوات أميركا وعملاء أميركا.
أمة من 1200 مليون مسلم تنحر من مشرق الأرض إلى مغربها في كل يوم في فلسطين وفي العراق وفي الصومال وفي جنوب السودان وفي كشمير وفي الفلبين وفي البوسنة والشيشان وفي آسام لا نسمع لهم صوتا، فإذا ما قامت الضحية إذا ما قام المظلوم يقدم نفسه من أجل دينه ارتفعت أصوات هؤلاء، 1200 مليون مسلم ينحرون لا حس لهم فإذا قام رجل ليذود عن هؤلاء قام هؤلاء يرددون ما يشتهي الطغاة، لا عقل لهم ولا فقه لهم.
وفي حديث الغلام والملك والساحر والراهب دليل واضح على تقديم النفس من أجل لا إله إلا الله، وهنا معنى آخر أن النصر لا يعتبر فقط بالكسب الظاهر الذي غلب على ذهن الناس وإنما النصر هو الثبات على المبادئ.
فأهل الأخدود ذكرهم الله سبحانه وتعالى وخلد ذكرهم في سياق المدح لهم إذ ثبتوا على الإيمان، هُددوا بين الإيمان وبين أن يدخلوا النار، فأبوا أن يكفروا بالله سبحانه وتعالى وأدخلوا النار، وفي نهاية الحديث -حديث الغلام- عندما أمر الملك الظالم أن يقحم هؤلاء في الأخدود، وجاءت تلك الأم المستضعفة تحمل ابنها فلما رأت النار خافت على ابنها وتقاعست فقال لها كما قال عليه الصلاة والسلام، اصبري يا أماه فإنك على الحق.
فهؤلاء لا يقول مسلم بحال من الأحوال ماذا استفادوا؟ ضيعوا أنفسهم، هذا جاهل جهلا مركبا، هؤلاء فازوا برضوان الله سبحانه وتعالى وبجنات الخلد التي وعدهم الله سبحانه وتعالى، فليس النصر هو الكسب المادي فقط، وإنما النصر الثبات على المبادئ.
وفي الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام هذا حديث الغلام، عندما أخذ الغلام الحجر وكان مازال قليل العلم وهو يتردد بين الساحر والراهب، وقطعت الدابة الطريق على الناس. قال اليوم أعلم أيهما أفضل الراهب أم الساحر، كان من قلة علمه لم يفقه بعد أيهما أفضل وتطمئن نفسه.
فسأل الله أن يريه أيهما أفضل، فإن كان الراهب أحب إلى الله سبحانه وتعالى فليقتل هذه الدابة، فأخذ حجرا ورمى الدابة فقتلها، فجاء الراهب إلى الغلام وقال: يا بني إنك اليوم أفضل مني. هذه الكلمة رغم علم الراهب وجهل الغلام ولكن نوّر الله سبحانه وتعالى قلب هذا الغلام بنور الإيمان وبدأ يضحي من أجل لا إله إلا الله.
هذه الكلمة العزيزة نادرة ينتظرها شباب الإسلام من علمائهم؛ أن يقولوا لهؤلاء الذين حملوا رؤوسهم على أكفهم من أجل لا إله إلا الله أن يقولوا لهم قولة ذلك العالم لذلك الغلام إنكم اليوم أفضل منا.
هذه هي الحقيقة فميزان التفضيل في هذا الدين هو كما في الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام، ميزان الإيمان ليس جمع العلم فقط بل جمع العلم والعمل به، فميزان الإيمان فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن كما قال عليه الصلاة والسلام، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان، فهؤلاء جاهدوا الكفر الأكبر بأيديهم وأنفسهم نرجو الله أن يتقبلهم في الشهداء.
هؤلاء، كما قال عليه الصلاة والسلام سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل -رجل هنا نكرة- ولكن نور الله قلبه بالإيمان، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فزجره فقتله، كما في صحيح الجامع.
هذا فاز فوزا عظيما لم يدرك التابعين بل لم يدرك الصحابة الكرام رضي الله عليهم، وإنما رفعه الله سبحانه وتعالى إلى منزلة سيد الشهداء فهذا أمر حض عليه رسولنا -عليه الصلاة والسلام- فكيف يمكن لمسلم عاقل أن يقول ماذا استفاد هذا، هذا ضلال مبين نسأل الله العافية.
فهؤلاء الفتية فتح الله عليهم أن يقولوا لرأس الكفر العالمي لأميركا ومن حالفها أنتم على باطل وأنتم على ضلال، وضحوا بأنفسهم من أجل لا إله إلا الله.
فالحديث يطول معنا عن هذه الأحداث العظام ولكنني أختصر كلامي وأركز على أهمية استمرار العمل الجهادي ضد أميركا عسكريا واقتصاديا، وأن أميركا قد تراجعت بفضل الله سبحانه وتعالى وأن النزيف الاقتصادي مستمر إلى اليوم ولكن يحتاج إلى ضربات أخرى وأن يجتهد الشباب في البحث عن مفاصل الاقتصاد الأميركي ويضرب العدو في مفاصله بإذنه سبحانه وتعالى.
وقبل الختام يطيب لي أن أذكر أولئك الأبطال أولئك الرجال أولئك العمالقة العظام الذين رفعوا العار عن جبين أمتنا، يطيب لي أن أذكرهم ببعض الشعر مادحا إياهم وكل الذين يسيرون على درب محمد صلى الله عليه وسلم.
وقبل ذلك أؤكد على نقطة, إن هذه المعارك التي تقوم اليوم في أفغانستان على مدار الساعة على المجاهدين العرب خاصة والطالبان, أظهرت بوضوح مدى عجز الحكومة الأميركية ومدى الضعف الأميركي ومدى هشاشة الجندي الأميركي.
فرغم التطور الهائل في التكنولوجيا العسكرية لم يستطعيوا أن يحدثوا شيئا إلا باعتمادهم على المرتدين وعلى المنافقين فما هو الفرق اليوم بين بابريك كرم الذي جاء بالروس لاحتلال بلاده وبين الرئيس المخلوع برهان الدين -والدين منه بريء- أي فرق بين الاثنين؟ هذا جاء بالروس لاحتلال أرض الإسلام وهذا جاء بالأميركان لاحتلال أرض الإسلام. فهذا يدل كما ذكرت بوضوح على ضعف الجندي الأميركي بفضل الله سبحانه وتعالى فينبغي أن تغتنم الفرصة ويواصل الشباب الجهاد والعمل ضد الأميركان.
وأختم بأبيات في ذكر أولئك الأبطال الذين خرجوا من أرض الحجاز من أرض الإيمان من غامد وزهران ومن بني شهر ومن حرب ومن نجد نرجو الله أن يتقبل الجميع، والذين خرجوا من مكة المكرمة سالم ونواف الحازمي وخالد المحضار أو الذين خرجوا من المدينة المنورة تركوا الدنيا ونعيمها من أجل لا إله إلا الله.
إني لأشهد أنهم من كل بتار أحدّ
يا طالما خاضوا الصعاب وطالما صالوا وشدوا
شتان، شتان بين الذين لربهم باعوا النفوسا
الباسمين إلى الردى والسيف يرمقهم عبوسا
الناصبين صدورهم من دون دعوتهم تروسا
إن أطبقت سدف الظلام وعضنا ناب أكول
وديارنا طفحت دما ومضى بها الباغي يصول
ومن الميادين اختفت لُمع الأسنة والخيول
وعلت على الأنات أنغام المعازف والطبول
هبت عواصفهم تدك صروحه وله تقول
لن نوقف الغارات حتى عن مرابعنا تزول
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.