يمكن للقمة المقبلة لدول مجلس التعاون الخليجي في مسقط أن تصبح قمة تاريخية بالفعل وتعيد تشكيل استراتيجية المجلس، وتقلب التوقعات المتشائمة التي تصاحب قممه في السنوات الأخيرة، بعد أن ظل عاجزاً عن تحقيق أي خطوة في اتجاه القوانين التي تتيح حرية التعبير، والمشاركة السياسية، وتداول التجربة الديموقراطية التي بدأت في بعض الدول، وإعطاء المرأة دورها المفترض في عجلة التنمية والعمل الاجتماعي والسياسي، واكتفي بالدخول في دائرة التكرار والدوران حول قرارات اقتصادية ينطبق عليها المثل الشهير نسمع جعجعة ولا نري طحناً ، ورضي من تأسيسه بالبقاء حياً وتكريس الوضع القائم.
لكن قمة مسقط تستطيع أن تغير هذه الصورة، وتفتح أبواباً للأمل في تطور مسيرة المجلس التي لم تبرح مكانها منذ أمد بعيد، وتعيد قراءة مفهوم التماثل الذي فرض علي دول التعاون الانغلاق وحرمها من تحقيق مبدأ الشراكة مع الآخرين، وتطوير مفهوم الأمن الإقليمي لمنطقة الخليج والجزيرة العربية، وتتخذ قراراً بانضمام اليمن إلي المجلس، وتحقق أمنية طال انتظارها من أبناء اليمن ودول مجلس التعاون، بل وتسعي، إن استطاعت، إلي طرح فكرة القبول بمبدأ انضمام العراق إذا انتهت أزمته الحالية مع جيرانه.
إن إعادة تشكيل تركيبة المجلس والبت في عضوية اليمن، التي تأخرت كثيراً علي رغم انتفاء مبرراتها، وفتح الباب أمام عضوية العراق سيعطي للمجلس قوة بالمقاييس الاستراتيجية والاقتصادية والعسكرية، ويعيد رسم صورته من تجمع للأغنياء إلي منظمة إقليمية عربية لها وزنها في مواجهة الأطماع الإيرانية والتركية، والتغيرات السياسية وموازين القوة التي ستفرزها حرب أفغانستان، فضلاً عن أن دخول اليمن سيساعد المجلس علي تطوير حواره مع العراق، وربما عجل بانضمام بغداد إلي مجلس التعاون، وسيمكن بعض دول الخليج من التغلب علي مشكلة ارتفاع نسبة الأجانب وتهديد هويتها العربية، بالإضافة إلي أن وجود عمال يتمتعون بحقوق المواطنة وبأجور رخيصة سيساهم في توطين الاستثمارت الأجنبية وينعش اقتصاديات دول المنطقة التي لاتزال تعتمد علي عائدات النفط، وتخضع لتقلبات أسعاره (الحياة اللندنية)