رأى اقتصاديون خليجيون ان امام الدول العربية الخليجية الست التي تسير بخطوات حثيثة لتحقيق التكامل الاقتصادي بينها، خيارات عديدة للتوصل الى اعتماد عملة خليجية موحدة، يتطلب بعضها اتخاذ خطوات لحماية مسيرتها في هذا الاتجاه.
وبينما تحدث بعض الاقتصاديين عن امكانية تحقيق العملة الموحدة حاليا على اساس استقرار اسعار صرف العملات الخليجية الست منذ ثلاثين عاما، اكد آخرون ضرورة اتخاذ اجراءات مالية لتحقيق هذا الهدف، من بينها فك الارتباط بالدولار.
ويفترض ان تقدم المصارف المركزية في الدول الست برنامجا لتحقيق العملة الموحدة الى القمة الخليجية التي ستعقد في مسقط في نهاية العام الجاري، بعد ان قرر قادة المجلس في كانون الاول/ديسمبر الماضي مبدأ توحيد العملة بدون تحديد موعد لذلك.
وقال الاقتصادي السعودي عبد الله المعجل، الذي يدير مؤسسة للاستشارات الاقتصادية مقرها البحرين، ان العملة الخليجية الموحدة "يمكن ان تصدر الان وتصبح مرجعا للصرف ويتعود عليها الناس ثم تطرح بعد ذلك عملة ورقية"
واوضح ان "عملات دول المجلس يجري التداول بها في الدول الست وسعر صرف العملات الخليجية التي ترتبط خمس منها بالدولار ثابت منذ اكثر من ثلاثين سنة".
واضاف انه "حتى الدينار الكويتي المرتبط بسلة عملات (يهيمن عليها الدولار) لا تطرأ عليه اي تغييرات"، مؤكدا ان "الاسراع في طرح العملة الخليجية الموحدة ممكن".
يذكر ان عملات سلطنة عمان والبحرين والامارات ترتبط منذ 1980 بالدولار، بينما اعلنت قطر في العاشر من الشهر الجاري ربط عملتها رسميا بالدولار بعد ان كانت مرتبطة نظريا بوحدات حقوق السحب الخاصة المكونة من عدة عملات رئيسية.
اما السعودية فقد ثبتت منذ 1968 سعر صرف الريال بالدولار ايضا.
من جهته، اشار المحلل الاقتصادي في بنك البحرين والكويت خالد عبد الله، الى "العديد من الخطوات التمهيدية قبل الوصول لتوحيد العملة (...) اولها تحقيق المواطنة الاقتصادية" التي اقرتها القمة الخليجية في البحرين. وكانت هذه القمة قررت ان يقتصر "عدد العملة الخليجية بأي عملة اخرى يجب ان يكون "مؤقتا".
واضاف ان "التعويم" الذي يؤدي الى تحديد سعر العملة وفق آليات السوق هو "الخيار الافضل" لتحقيق افضل سعر صرف لعملات دول منتجة يعتمد اقتصادها على سلعة واحدة، لانه يسمح "بامتصاص تأثير الصدمات المحتملة على الاقتصاد نتيجة تغير اسعار النفط".
واكد اليوشع ان "السوق افضل اداة لاعطاء السعر او الثقل الحقيقي للعملة من الناحية الاقتصادية لانه يحدد السعر بقراءات معينة مرتبطة بالاداء الاقتصادي".
وتابع ان اتجاه دول الخليج، التي تشكل عائدات النفط 80% من مواردها، نحو تنويع مصادر دخلها "يوجب عليها فك الارتباط مع الدولار لصالح التعويم لان تقليل الاعتماد على النفط له تبعات أحدها التخفيف من تأثيره لأنه مسعر بالدولار".
واضاف ان "استيفاء شروط التعويم ممكن تدريجيا في الوقت الحاضر وبوتيرة متسارعة (...) لكنه يمثل تربة خصبة بالمقابل لانهيار العملات المربوطة".
وكانت دول الخليج ربطت عملاتها اولا بحقوق سحب خاصة قبل ان تنتقل الى الدولار الذي ازدادت اهميته مع بروز دور النفط في السبعينات، على حد قول اليوشع محدد من الانشطة الاقتصادية والمهن مرحليا" على كل دولة.
وتحدث عبد الله عن صعوبات لتحقيق ذلك، من بينها "غياب محاولات تحقيق انسجام على مستوى السياسات الاقتصادية والمؤشرات والمقاييس والخصخصة والموقف من الاستثمار الخارجي وسياسة تدفق الاموال والميزانيات".
واكد ان "الوحدة النقدية تعتبر مرحلة متقدمة جدا من الاندماج الاقتصادي" بين دول المجلس (السعودية والكويت وقطر والبحرين والامارات وسلطنة عمان) التي تشهد حاليا "مرحلة متوسطة من التكامل الاقتصادي".
اما الباحث الاقتصادي البحريني احمد اليوشع فقد رأى ان هناك خيارين أمام دول المجلس لتحقيق العملة الموحدة اولهما ان "تتفق هذه الدول مرحليا على ربط عملاتها الوطنية بعملة خليجية واحدة".
واوضح ان هذا الخيار "الاكثر واقعية مع انه قد يكون مكلفا في البداية ويحتاج الى التزام قوي"، يقضي باتفاق الدول الست مرحليا على ربط عملاتها الوطنية بعملة "اكبر اقتصادياتها اي السعودية" التي لا بد ان تكون مربوطة بدورها بالدولار مؤقتا.
واضاف انه "في المستقبل يتم فك الارتباط وتعويم العملة امام العملات الاخرى في العالم"، مؤكدا ضرورة "التزام البنوك المركزية للدول الست الدفاع عن سعر صرف هذه العملة لأنها تمثل البلدان الست وانهيارها يؤدي الى انهيار العملات الوطنية ايضا".
اما الخيار الثاني فيقضي باتفاق هذه الدول "على تعويم العملة الرئيسية في الدول الست (اي فك ارتباطها باي عملة خارجية) وتلجأ هذه البلدان الى ربط عملتها بعملة الدولة الكبرى على ان تلتزم في الوقت نفسه الدفاع عن سعر صرف العملة الرئيسية".
مرفق صورة
"
&