بوسطن: جريج ميلر وسباستيان روتيلا: قالت السلطات الاميركية اول من امس ان البريطاني ريتشارد ريد كان يخبئ في حذائه كمية من المتفجرات كانت كافية في حال تفجيرها لإحداث ثقب في بدن طائرة خطوط "اميركان ايرلاينز" التي كان يستقلها في رحلة من باريس الى ميامي. وشهد احد ضباط مكتب المباحث الفيدرالي (إف بي آي) امام المحكمة الفيدرالية في بوسطن اول من امس ان العلماء الحكوميين توصلوا الى ان المادة كانت "ترايستون ترايبر اوكسيد" (تي ايه تي بي) وهي مادة شديدة الاشتعال سبق ان استخدمت في عمليات ارهابية.
&وصرح احد كبار مسؤولي "اف بي آي" في واشنطن، ان هذه المادة كانت تستخدم كمادة اشعال للمادة المتفجرة البلاستيكية "بيتون" التي كانت هي مادة التفجير الاساسية. وهذه المادة هي مكون اساسي من متفجرة سيمتكس، المفضلة لدى الارهابيين، التي استخدمت في تفجير طائرة الـ"بان آم" فوق لوكربي عام .1988 وتزامن ظهور هذه المعلومات والمعلومات الاخرى حول الماضي الاجرامي لريتشارد ريد (38 سنة)، مع قرار المدعي الفيدرالي بحبسه دون ضمان. وقالت السلطات ان محاولته الارهابية اجهضت عندما ضبطه المضيفون وهو يحاول اشعال بعض الاسلاك التي كانت تمتد بارزة من حذائه الرياضي.
&وكانت هذه هي اكثر المعلومات تفصيلا التي تنشر حول المتفجرات التي كان ريد قد صعد بها الى الرحلة 63 لخطوط "اميركان ايرلاينز". وتبقى مع ذلك بعض الاسئلة ومنها كيف استطاع ريد ان يحصل على هذه المتفجرات ووضعها في حذائه، وكيف استطاع الحصول على ثمن التذكرة للرحلة الحالية ولكل الرحلات التي قام بها اخيرا، وهل كان يتصرف وحده ام كان جزءا من شبكة ارهابية اشمل.

مثلت ريد في جلسة الاستماع المحامية تامار بيركهيد، التي رفضت التعليق بعد نهاية الجلسة. وفي وثيقة من سبع صفحات قالت القاضية جوديث غيل داين، ان الادلة المتوفرة ضد ريد "قوية جدا"، وانه يمثل خطرا غير قابل للسيطرة عليه على سلامة الاخرين. اما ريد نفسه فلم يعلق اثناء جلسة الاستماع التي كانت ثاني مثول له امام المحكمة الاسبوع الماضي. وكان مقيد اليدين والرجلين، ويرتدي زي السجن البرتقالي وحذاء جلديا. وكان منحنيا الى الامام اثناء اغلب فترة الجلسة وخصلات شعره مرسلة حول وجهه.
&وقد وجهت له تهمة عرقلة عمل المضيفين الجويين وهي تهمة عقوبتها القصوى 20 سنة سجنا و25 الف دولار غرامة. ولكن السلطات قالت اول من امس ان تحقيقا دوليا يجري الان وانه غالبا ما توجه تهم اخرى اكثر خطورة.وقال تشارلز براوتي، مسؤول فرع "إف بي آي" في نيو انجلاند، ان المكتب "شرع في اجراء تحقيق شامل ودقيق، في الولايات المتحدة وعلى نطاق العالم. وهدفنا في النهاية هو معرفة كل ما يمكن معرفته عن ريد".
&وقالت الموظفة في المكتب مارغريت كرونين، وهي تدلي باول شهادة علنية انابة عن المكتب، ان معمل التحليلات الجنائية بواشنطن، وجد مادة (تي ايه تي بي) في حذاء ريد. وقالت ان ريد اذا نجح في اشعال المتفجرة فان الدمار الذي كان حريا بالحاقه بالطائرة كان يمكن ان يكون كبيرا. وأضافت "اذا وضع الحذاء في تماس مع حائط خارجي، فان المرجح ان هذه المادة اذا انفجرت كانت ستحدث ثقبا في جسم الطائرة".
وقال المدعي مايكل سوليفان، بعد جلسة الاستماع، ان المحققين لم يجدوا ما يدل على ان ريد كان له شريك على متن الطائرة، او على متن طائرة اخرى في اليوم السابق لرحلته، اذ كان قد احتجز للاستجواب من قبل المحققين الفرنسيين. ولكن سوليفان امتنع عن التعليق على ما اذا كان المحققون قد وقفوا على روابط بين ريد ومنظمة القاعدة، او غيرها من المنظمات الارهابية، مع ان هناك ما يشير الى ان مثل هذا الادلة قد بدأت تظهر بالفعل.
و كان بعض اعضاء "القاعدة" المعتقلين قد قالوا ان ريد حضر بعض المعسكرات التدريبية الارهابية، ولكن المسؤولين الاميركيين قالوا انهم لم يستطيعوا التأكد من صحة هذه المعلومات. وكان ريد، الذي اعتنق الاسلام عندما كان بالسجن، كان يواظب على الصلاة في مسجد بريكستون الذي كان يتردد عليه في نفس الوقت زكريا موساوي، المواطن الفرنسي من اصل مغربي الذي اتهم في اميركا بالقيام بدور في هجمات 11 سبتمبر (ايلول) على مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك و"البنتاغون" في واشنطن.
واضافة الى كل ذلك سافر ريد الى مصر واسرائيل في يوليو. وقد سافر على متن طائرة العال المعروفة باجراءاتها الامنية المشددة. وقال مسؤولو الطيران انه خضع لتفتيش شمل حذاءه، وسمح له بعده بالسفر. ويقول المسؤولون انه استقل طائرة العال كتجربة نهائية ليرتكب بعدها عملا ارهابيا. وتوصل المحققون كذلك الى رحلات اخرى عام 1999 و2000 الى باكستان التي كانت بوابة الاصوليين الى معسكرات التدريب في افغانستان.
&واخرى سابقة على هذه تمت عام .1996 وقال المحققون ان ريد يتحدث عربية فصيحة. ويدل نمط هذه الاسفار على ان ريد تلقى تدريبا في احد معسكرات "القاعدة". وركز التحقيق كذلك على الخيوط التي جعلت ريد يذهب الى هولندا، ربما للحصول على المتفجرات التي استخدمها في الحذاء.وقال أحد ضباط تطبيق القانون الغربيين "الافتراض الشائع هو انه حصل على هذه المواد في هولندا".
وأثناء جلسة أول من أمس صور المحققون ريد كرجل متجول، يكاد يفتقر تماما الى العلاقات الاجتماعية. وقد قال مساعد المدعي كولين اويانغ، وهو يعترض على اطلاق سراح ريد بالضمان "انه لا يملك عنوانا معروفا ومؤكدا في أية بقعة من بقاع العالم".
قالت القاضية جوديث داين في حيثيات حكمها ان ريد يدعي انه لم يعمل قط في وظيفة معروفة، اللهم الا عمله لفترات محدودة كعامل بناء ونادل في مطعم في اوروبا. ولم تقدم السلطات أية معلومات حول كيفية حصول ريد على نفقات رحلاته المكلفة الى أوروبا التي قام بها قبل قيامه بهذه الرحلة الاخيرة الى ميامي.
* خدمة "لوس انجليس تايمز" ـ خاص بـ"الشرق الأوسط"