&
لندن ـ نصر المجالي: عقدت في مسقط عاصمة عمان الاحد القمة الخليجية الثانية والعشرين وهي الاولى في القرن الجديد وسط تداعيات هائلة في العالم تلقي بظلالها الخطيرة على تلك المنطقة الغنية بالنفط من العالم.
وهنالك غائبون غائبون عن القمة وآخرون حاضرون حاضرون، فمنذ اعلان تشكيل المجلس الذي حمل اسم مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية مستثنيا العراق في العام 1980 في القمة الاولى في ابوظبي.
يغيب عن القمة اليوم قادة ثلاثة اساسيون في العمل الخليجي المشترك والعمل العربي والاسلامي، اولهم العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز ورئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وامير دولة الكويت الشيخ جابر الاحمد الصباح. والسبب الرئيس هو المرض.
وهؤلاء القادة ممثلين في القمة بمندوبيهم من اولياء عهود او مندوبين. فسيحضر الامير عبد الله بن عبد العزيز على رأس وفد المملكة، وسيشارك الشيخ مكتوم بن راشد المكتوم على رأس وفد الامارات، فيما سيشارك الشيخ صباح الاحمد رئيس مجلس الوزراء بالانابة ووزير الخارجية على رأس وفد دولة الكويت وهذا الأخير عميد الدبلوماسية العربية من دون منازع.
وقبلا غاب من المؤسسين ثلاثة من القادة، اثنان لحسابات القضاء والقدر فقد غاب الملك خالد بن عبد العزيز والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الى ذمة الله، وغاب الامير القطري الوالد خليفة بن حمد آل ثاني بعد ما سمي بالانقلاب الابيض الذي اقصاه عن الحكم على يد نجله الأكبر الامير الحالي حمد بن عيسى آل خليفة.
وامام معطيات الغياب والحضور فان امام القمة قضايا شائكة، اولها الأمن، ثم الامن، ثم الامن. فمنذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي قامت حربان على الكتف الشمالي، الاولى الحرب العراقية الايرانية، والثانية حرب تحرير الكويت بعد غزو قوات الرئيس العراقي صدام حسين للجارة الخليجية الكويت، وقام تحالف دولي لطرده من هناك.
والحرب الثالثة وهي اولى حروب القرن التي قررتها الولايات المتحدة ضد الارهاب انطلاقا من افغانستان وقد تطال اماكن اخرى في العالم ولا أحد حتى اللحظة يعرف الى اين ستنتهي او نتائجها المتوقعة.
اما الحرب الرابعة فهي على حدود الهند وباكستان الجارتين المهمتين لدول الخليج العربية وهي تستضيف على اراضيها مئات الألوف من العمالة الوافدة من البلدين.
وعلى الكتف الشمالي الغربي حدوديا لدول مجلس التعاون الخليجي هنالك القضية الفلسطينية التي لم تحسم بعد وكذا حال قضية الجولان والنزاع السوري الاسرائيلي على سيادتها.
وثمة مشكلة اخرى تتعلق بالجار الايراني الذي لا يزال يحتفظ بالجزر الاماراتية الثلاث طنب الكبرى والصغرى وابو موسى، ولم تبادر طهران الى موقف ايجابي لحل النزاع على الرغم من الدعوات الهادئة التي تحمل الطابع السلمي من الجوار الخليجي العربي، ويعرف ان ايران لا تزال تقول ان الخليج الفاصل بيننا فارسيا.

وبعد عشرين عاما لم تتحقق آمال شعوب المنطقة في استقرار امني واقتصادي دائم، وهذا ما عبر عنه عميد الديبلوماسية السعودية الامير سعود الفيصل يوم امس، حيث قال "لم نحقق السقف المرضي لطموحات ابناء المنطقة في التكامل الشامل على جميع الصعد".
ومن بعد كلام الامير سعود، جاء كلام العم الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز في الرسالة التي وجهها القمة من خلال تصريحاته "الصريحة والبناءة والتوجيهية الى القمة" لوكالة الانباء العمانية ونقلتها "ايلاف".
دول الخليج العربية الست ليس على مفترق طرق واحد فقط، انها على مفترقات كثيرة، وهي تتطلب الحسم في هذه المرحلة اكثر من ذي قبل.
وخطوة تشكيل مجلس دفاعي مشترك، واحدة على طريق الألف ميل لحماية الامن والاستقرار الذي من دونه لن يتحقق أي شيء، وتعتقد المصادر الاستراتيجية ان قوة رمزية هي قوات (درع الجزيرة) لن تكون بديلا حاسما عن قرارات مسؤولة ليس في المجال العسكري فحسب بل في قرارات ناجزة على صعد توحيد الهياكل الاقتصادية والمالية والجمركية والتعليمية والثقافية، وتوحيد القرارات اولا واخيرا.
واضح ان القرار الموحد الذي اتفقت عليه الدول الخليجية الست منذ قيامها الى اللحظة، هو اسم تعاوني للمجلس الاعلى وقرارات موحد في الرقابة على الصحافة واجهزة الاعلام الداخلية منها والخارجية، بقية الامور الحاسمة لكل دولة موقفها محليا وعربيا واسلاميا وعالميا.
ويقول مراقبون انه اذا لم تجد نفسها هذه الدول في التعامل الدولي معها كوحدة واحدة مثل الاتحاد الاوروبي ، فان القمم والاجتماعات وخلافها تظل مسائل بروتوكولية تحفظ ماء الوجه بين قيادات تلك المنطقة.
واشارت أخيرا، الى ان اية قرارات لن تكون لها اهمية تؤخذ في الحسبان في الحسابات الاستراتيجية العالمية.