إيلاف : نبيل شرف الدين
في واحدة من أضخم عمليات التحقيقات في تاريخها ، أكدت مصادر أميركية أن مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI يجري أكثر من 150 تحقيقا منفصلا خاصا بمجموعات وأفراد في الولايات المتحدة حول احتمال تورطهم في علاقات بأسامة بن لادن وشبكة القاعدة ، وقال الليفتانت كولونيل مايكل هيوم المتحدث باسم وزارة الدفاع لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية اليوم ، إن 139 من اجمالي المحتجزين معتقلون داخل سجن متنقل انشأته مشاة البحرية الأميركية في مطار قندهار جنوب افغانستان ، وأن هناك 14 منهم احضروا من شيبورغان غربي مدينة مزار الشريف مؤخراً .
وأضاف ان اثنين اخرين محتجزان في باجرام وواحدا في مزار الشريف ، وقالت وزارة الدفاع ان ثمانية اخرين بينهم الأميركي جون ووكر ليند محتجزون على متن السفينة الحربية البرمائية الأميركية بيليليو في بحر العرب.
وقال ضباط في الجيش الأميركي إنه يجري اخذ بصمات المحتجزين واستجوابهم بغرض الحصول على معلومات من شأنها ان توصل الى اسامة بن لادن وقادته العسكريين.
وفي إطار التحقيقات داخل الولايات المتحدة، أعلن المسئولون أنها تستهدف العديد من الأفراد الذين يخضعون للمراقبة الإلكترونية بمقتضى إذن من السلطات الأمنية، بالإضافة لأولئك الذين يخضعون للمراقبة من خلال رجال المباحث السريين، والهدف من تلك الجهود هو التعرف عن قرب بشكل أكبر بأنشطتهم وزملائهم.
تغلغل القاعدة
وحتى الآن ، لم تكشف سلطات الأمن الأميركية عن العدد الدقيق للأشخاص الذين تخضعهم للتحقيقات ، أو للناشطين في تنظيم القاعدة داخل الأراضي الأميركية، وإن كان العدد الكبير من القضايا المعلنة حتى الآن يشير إلي أن جهود مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي ضد شبكة القاعدة قد ذهبت لمدي جيد خارج ما تم الإعلان عنه من اصطياد المئات من أعضاء التنظيم سواء داخل الولايات المتحدة أم خارجها.
ولا يوجد تحديد قاطع بالنسبة للتحقيقات التي تجريها الولايات المتحدة ضد الإرهاب، تجاه عدد نشطاء شبكة القاعدة أو المتعاطفين معها، رغم التعرف علي أربع أو خمس خلايا نشطة في أعقاب عمليات 11 سبتمبر، والتي خضعت لمراقبة دقيقة ، ومعظم التحقيقات النشطة تتعلق بأشخاص لهم علاقات هامشية أو غير واضحة مع شبكة القاعدة، ويضيف المسئولون أنه من غير المرجح توجيه اتهامات جنائية لهم.
ويقول العديد من خبراء مكافحة الإرهاب ومعهم رجال مكتب التحقيقات في الولايات المتحدة، أن العدد المحدد من التحقيقات النشطة التي يجريها مكتب التحقيقات الفيدرالي يوضح أن وجود شبكة القاعدة أكبر بكثير مما كان معتقدا في الماضي .
ويقول روبرت بليتزر خبير مكافحة الإرهاب السابق بمكتب التحقيقات الفيدرالي" أن تلك التحقيقات تعتبر مؤشر جيد علي الوجود المتغلغل لشبكة القاعدة داخل الولايات المتحدة ، وآمل أن تؤدي تلك التحقيقات إلي تحقيقات أخرى وبالتالي تكون هناك صورة واضحة عن البنية التحتية للقاعدة هنا في الولايات المتحدة. والفكرة من وراء ذلك هي معرفة ماذا يفعل هؤلاء الأشخاص أو الجماعات وما هي خططهم ومحاولة اختراق تلك الجماعات والتعرف عليها عن قرب".
مخاطر محتملة
ويعتبر وجود أعضاء في شبكة القاعدة داخل الولايات المتحدة قلقا مستمرا للمسئولين في إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، والذين أصدروا العديد من التحذيرات من احتمال وقوع أعمال إرهابية جديدة منذ عمليات 11 سبتمبر. كما دأب كل من جون أشكروفت وزير العدل الأميركي ومعه روبرت ميللر الثالث مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي علي التأكيد أن علي رأس أولوياتهما منع وقوع عملية إرهابية جديدة أكثر من تأمين المحاكمات الجنائية. ويقول مسئول كبير بالإدارة الأميركية أنهما يلتقيان بشكل منتظم مع الرئيس الأميركي جورج بوش والذي طالبهما بجعل هدف منع وقوع عملية إرهابية جديدة علي رأس أهدافهما، كما يسأل بوش - بانتظام- مدير مكتب التحقيقات عن الحالة التي وصلت إليها التحقيقات بالنسبة لشبكة القاعدة ويطالبه بأن تكون لها الأولوية.
وكان هذا القلق والخوف وقودا دافعا للعمليات داخل الولايات المتحدة وخارجها علي نطاق واسع بهدف اصطياد شبكة القاعدة وتخريب عملياتها.
ورغم أن هناك أكثر من 1200 شخص تم احتجازهم داخل الولايات المتحدة، إلا
أنه من المعتقد أن القليلين منهم هم أولئك الذين لهم علاقة بشبكة القاعدة، بل إن هناك رجلا واحدا هو الذي وجه له الاتهام بعلاقته بعمليات 11 سبتمبر وهو زكريا موسوي.
وبالإضافة للاحتجاز داخل الولايات المتحدة، قامت وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA بتمرير معلومات لنظرائها من أجهزة المخابرات في العالم والتي قامت بدورها باعتقال أو احتجاز أكثر من 500 من المشتبه فيهم.
وبينما جرت حملة مكافحة الإرهاب والتحقيقات الجارية بشأنها داخل الولايات المتحدة انتقادات من أنصار الحريات المدنية، فقد أفرزت أيضا قلق بعض خبراء مكافحة الإرهاب والمسئولين الأمنيين السابقين الذين يرون أن وزارة العدل لا تستهدف بشكل دقيق شبكة القاعدة. إلا أن مصادر أميركية أوضحت أن الحكومة الأميركية توسع من حربها ضد الإرهاب من خلال أدوات وأساليب جديدة تركز علي عدد من الإرشادات.
صورة متكاملة
فعلي سبيل المثال كانت اللقاءات التي تجري مع قرابة 5200 شخص من الشباب الذين دخلوا الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين، إيجابية وأدت لزيادة عدد التحقيقات الداخلية بها وتوسعة نطاق الأفراد الذين يتم التحقيق معهم حول علاقتهم ببن لادن، طبقا لما ذكره مسئولو مكتب التحقيقات الفيدرالي.
بالإضافة لذلك، فقد وفر القانون الجديد الذي أصدره الكونجرس والخاص بالإرهاب هامش حركة أكبر لعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي والمدعين الفيدراليين، حيث أصبح لهما القدرة علي فتح تحقيقات جنائية بناء علي معلومات تم جمعها بناء علي أهداف مخابراتية. ويقول المسئولون بمكتب التحقيقات الفيدرالي وفي وزارة العدل الأميركية، أن القانون يزيل المشكلة الأساسية الخاصة بتحقيقات الإرهاب وبخاصة المتعلقة ببن لادن وشبكة القاعدة.
ويقول أحد المسئولين" هذه المعلومات الجديدة أدت إلي قضايا جديدة تتعلق بعمليات 11 سبتمبر مما زاد من عدد تلك القضايا بشكل ملموس"
ويرفض المسئولون الأميركيون الكشف عن تفاصيل التحقيقات الجارية وعددها 150 تحقيقا، أو الكشف عن هوية الأشخاص موضع التحقيق باستثناء موسوي. في حين يوضحون أن تلك التحقيقات يتعلق بعضها بأشخاص قيد الحجز داخل الولايات المتحدة مثل موسوي، ولكن معظمها يتعلق بأشخاص تم التحقيق معهم وأطلق سراحهم أو لم يتم اعتقالهم. وتأمل تلك التحقيقات أن تصل في النهاية إلي إقامة دعاوى جنائية قوية الأدلة ومراقبة أي تطور بالنسبة لأي محاولة إرهابية محتملة.
وقال مسئول بمكتب التحقيقات الفيدرالي" إننا لا نريد أن نقول أن كل الذين تجري معهم التحقيقات هم إرهابيون في شبكة القاعدة. بعضها هام للغاية والبعض هم مجرد مشتبه في أن لهم علاقات أو اتصالات مريبة. والهدف من تلك التحقيقات هو أن نكون فوق أي خطط محتملة".
اصطياد ابن لادن
بعض التحقيقات بدأت بالفعل يوم 11 سبتمبر عقب وقوع الهجمات، وأجريت في المقر الرئيسي لمكتب التحقيقات الفيدرالي في وشنطن، واشترك فيها رجال من المخابرات المركزية وفريق خاص من مكتب التحقيقات ووكالات أخري، والتي كانت تقوم بالتنسيق فيما بينها من أجل اصطياد بن لادن في أعقاب تفجير السفارتين الأميركيتين في أفريقيا عام 1998.
ويقول مسئولو مكتب التحقيقات الفيدرالي أنهم اصبحوا علي تفهم أعمق لعمليات واستراتيجيات شبكة القاعدة من خلال التحقيقات الجارية، إلا أن بعض خبراء مكافحة الإرهاب خارج مكتب التحقيقات يتشككون في ذلك، قائلين أن العدد الكبير من التحقيقات والأشخاص موضع التحقيق يشير إلي أن مكتب التحقيقات لا يتعامل بفاعلية مع المخاطر الإرهابية.
وقال فينسينت كانسترارو خبير مكافحة الإرهاب السابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية أنه حتى الآن فان المسئولين الأميركيين لا يستطيعون الجزم بما إذا كانت عمليات القاعدة تتركز في الولايات المتحدة أم في الخارج ، ويختتم قائلا" من بين كل من هم قيد الاحتجاز، هناك شخص واحد لا شك في كونه من أعضاء شبكة القاعدة، وهناك شك في اثنين آخرين، وهناك الكثير من الأفراد قيد المراقبة وهؤلاء هناك عدم يقين تجاههم حتى الآن وبالنسبة لوجود شبكة القاعدة في الولايات المتحدة، فلم يتم التوصل إلي الكثير في طريق الكشف عنهم أو اختراقهم بعد " .
&