دمشق: رزوق الغـاوي-قال نائب الرئيس السوري محمد زهير مشارقة ان سورية تبذل قصارى جهدها من أجل تعزيز التضامن العربي والوصول به إلى مستوى يمكن الأمة العربية من مواجهة التحديات ودرء الأخطار التي تتعرض لها واتهم نائب الرئيس السوري في حديث لـ"الشرق الأوسط " إسرائيل بالتنكر لعملية السلام وضرب القرارات الدولية عرض الحائط، واتهم رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون بالتفنن في النشاط الإجرامي الذي يمارسه على الشعب العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة، مشيراً إلى أن لا شيء يمكن أن يثني الشعب الفلسطيني عن بلوغ غايته بتحرير أرضه من رجس الاحتلال الصهيوني واسترجاع حقوقه المغتصبة.
وأكد مشارقة ضرورة التفريق بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال، وأشار إلى أن العرب هم من يتعرض للإرهاب، وأن إسرائيل تبقى هي البؤرة الأخطر للإرهاب في المنطقة والعالم.
* وفي ما يلي النص الكامل للحديث:
* يعتبر الاجتماع الذي عقد في دمشق بين 23 و24 الحالي لقيادات فروع الجبهة الوطنية التقدمية، الأول من نوعه منذ إقامة هذه الجبهة في ابريل (نيسان) فما هي العناوين التي انعقد تحتها هذا الاجتماع؟
ـ أجل إن الاجتماع الحالي لقيادات فروع الجبهة الوطنية التقدمية في سورية، والقيادات السياسية للأحزاب الجبهوية فيها، هو الأول من نوعه، منذ قيام الجبهة الوطنية التقدمية في السابع من شهر مارس (آذار) 1972وقد وجه السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، رئيس الجبهة الوطنية التقدمية بعقد هذا الاجتماع حرصاً منه على تفعيل دور الجبهة الوطنية التقدمية، وتعزيز صلتها بأوسع قواعد الجماهير، وتطوير أدائها، وزيادة فاعليتها، في إطار مسيرة التطوير والتحديث التي يقودها. وقد تم تشكيل لجنة، ضمت أعضاء من القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية، يمثلون أحزابها، تولت الإعداد والتحضير لهذا الاجتماع بشكل جيد وملائم، حتى يحقق الأهداف المرجوة منه، والعنوان الذي انعقد تحته هذا الاجتماع هو (نحو مزيد من تعميق وحدتنا الوطنية وتعزيز جبهتنا الداخلية وتنشيط حياتنا الحزبية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد)، ولقد كانت الغاية الأساسية من هذا الاجتماع، هي إتاحة الفرصة أمام فروع الجبهة الوطنية التقدمية على صعيد المحافظات لكي تأخذ بزمام المبادرة وتتفاعل مع جماهير الشعب وتولي شؤونهم وقضاياهم ما تستحقه من اهتمام، وتسهم في تعزيز الوحدة الوطنية وتمتين الجبهة الداخلية وتواصل مسيرة العمل والبناء مسيرة التطوير والتحديث مسيرة الحرية والديمقراطية بقيادة الرئيس بشارالأسد. وقد تقدم المشاركون في الاجتماع من مختلف المحافظات بجملة من الأفكار والآراء والمقترحات لتحقيق الغايات التي لأجلها تم عقد الاجتماع، وسيصار إلى تنسيق تلك المقترحات وتوحيد متماثلها وتمحصيها ليتم عرضها على القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية وإقرار ما يحقق الغاية منها، تمهيداً لوضعها موضع التطبيق.
* قامت الجبهة الوطنية التقدمية في سورية ترجمة للتعددية السياسية التي أطلقها الرئيس الراحل حافظ الأسد، غير أن عضويتها اقتصرت على أحزاب تميزت بيساريتها. هل ننتظر توسيعاً لإطار الجبهة بضم أحزاب جديدة إليها؟
ـ تميزت الجبهة الوطنية التقدمية منذ نشأتها وتأسيسها عام 1972 بصيغتها الحيوية المرنة التي تستجيب لضرورات العمل الوطني ومتطلباته، فتجربة الجبهة الوطنية التقدمية في سورية كانت والحق يقال، تجربة متميزة حققت بها سورية سبقاً على الصعيدين العربي والعالمي في مجال التعددية الحزبية والسياسية وكانت هذه التجربة تزداد غنى وعمقاً بمرور الأيام، فهي تغتني بالتجارب والخبرات وتراعي الواقع وضروراته، ومرونتها تجلت في ما تضمنه ميثاقها ونظامها الأساسي من أحكام، وهذه المرونة تمثلت في صلاحيتها وفي هيكليتها، فأما صلاحية القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية فتشمل ما جلَّ ودقَّ من قضايا الوطن والمواطنين بدءاً من قضايا الحرب والسلام وانتهاء بالقضايا المعيشية والخدمية، وما إليها من قضايا وشؤون تهم المواطنين، وأما هيكليتها فبنية الجبهة ليست بنية جامدة وإنما هي بنية مرنة تستجيب لضرورات الواقع ومتطلبات العمل الوطني القومي ومستلزماته، فقد اتسعت الجبهة غير مرة، إذ انضم إليها الاتحاد العام لنقابات العمال والاتحاد العام للفلاحين عام 1980 كما انضم إليها الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي عام 1988.
* بحث اجتماع الجبهة واقعها بعد نحو ثلاثين عاماً من تأسيسها، وواقع نشاط أحزابها، هل ثمة نية إصدار ميثاق جديد للجبهة بدلاً من الميثاق الحالي؟ ـ إن اجتماع قيادات فروع الجبهة بحث في واقع العمل الجبهوي على صعيد المحافظات وضرورة تطويره وتحسين أدائه وزيادة فاعليته بما يعزز دور القيادات الميدانية، أقصد قيادات فروع الجبهة ويوثق صلاتها بأوسع قواعد الجماهير ويمتن الجبهة الداخلية ويزيدها صلابة وقد ورد بين المقترحات والتوصيات التي تقدم بها المشاركون في الاجتماع توصيةٌ بإجراء مراجعةٍ للميثاق بعد أن انقضى على صدوره ثلاثة عقود، ليتكيف مع المتغيرات والتطورات التي حدثت على مختلف الصعد عربياً وإقليمياً ودولياً وهذا الاقتراح مع ما يماثله سوف يعرض على القيادة المركزية للجبهة لدراسته واتخاذ ما يلزم بشأنه.
* شارك المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي في سورية، في أعمال اجتماع الجبهة بصفة مراقب، هل يعني ذلك انضماماً وشيكاً لهذا الحزب للجبهة؟
ـ كان بين من حضر حفل افتتاح اجتماع قيادات فروع الجبهة الوطنية التقدمية في 22 الحالي عدد من الفعاليات .وقد شارك الحزب السوري القومي الاجتماعي أيضاً بحضور حفل الافتتاح، وأما مسألة انضمام هذا الحزب إلى الجبهة الوطنية التقدمية، فإن هذه المسألة لَمَّا تُبحَثْ بعد في القيادة المركزية للجبهة، ومن الطبيعي أن يكون لأي حزب ينضم للجبهة الوطنية التقدمية مستقبلاً تمثيل في مؤسساتها القيادية ومشاركة في السلطات التشريعية والتنفيذية ومختلف المؤسسات الاخرى.
* هل يمكن اعتبار مؤتمر الجبهة الأول بمثابة بداية مرحلة جديدة من التنسيق الوطني في تاريخ سورية المعاصر؟
ـ لقد عهدت سورية التنسيق والتفاعل الوطني منذ بزوغ شمس التصحيح عام 1970 وكان تأسيس الجبهة الوطنية التقدمية إنجازاً كبيراً متميزاً ومن إنجازات الحركة التصحيحية أسهم في تعزيز الوحدة الوطنية وتمتين الجبهة الداخلية وتسخير كل القوى والطاقات لمسيرة العمل والبناء التي خاضتها جماهير الشعب خلال العقود الثلاثة الماضية بقيادة الرئيس حافظ الأسد. وفي إطار مسيرة التطوير والتحديث التي تخوض خضمها الجماهير بقيادة قائد مسيرة الحزب والشعب الرئيس بشار الأسد، أوليت الجبهة الوطنية التقدمية كل ما تستحق من عناية الرئيس واهتمامه لكي يواكب تفعيل دورها، وتحسين أدائها وزيادة فاعليتها ما تشهده باقي معالم الحياة في سورية ومؤسساتها وهيئاتها من حداثة وعصرنة.
* تضمنت أعمال الاجتماع عرضاً اقتصادياً لرئيس الوزراء،محمد مصطفى ميرو، وعرضاً سياسياً شاملاً، لنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية فاروق الشرع. ما الغرض من تضمين أعمال المؤتمر هذين العرضين؟
ـ الغاية من العرض الاقتصادي الذي قدمه رئيس مجلس الوزراء هو إطلاع المشاركين في الاجتماع على الواقع الاقتصادي في سورية بمختلف جوانبه الزراعية والصناعية والتجارية، وإطلاعهم كذلك على الواقع الخدمي بمختلف جوانبه، كي يكونوا بصورة ما تم تحقيقه من منجزات وما اعترض من عوائق وصعوبات خلال الحقبة الماضية من عمل الحكومة ويطلعوا على الخطط الطموحة للمرحلة المقبلة في مختلف ميادين الحياة الاقتصادية، وللاستماع منهم إلى ما لديهم من مقترحات وآراء تتعلق بهذا الشأن بغية متابعة مسيرة العمل والبناء بكفاءة واقتدار. أما العرض السياسي، فالغاية منه أن يكوّن المشاركون في اجتماع قيادات فروع الجبهة صورة لأحدث المستجدات السياسية على الصعيد العربي والإقليمي والدولي، ومواقف سورية منها التي تنسجم والتطلعات الوطنية لجماهير الشعب ونزوعها القومي، والإجابة على ما يطرحه الحاضرون من تساؤلات واستفسارات بصراحة ووضوح.
* كيف ترون واقع التنسيق العربي في مواجهة التحديات الماثلة أمام الشعب العربي، في ظل صمت دولي تجاه ما يتعرض له العرب من تهديدات؟ وما هو السبيل برأيكم لدعم الانتفاضة الفلسطينية وتمكينها من الاستمرار ضد الاحتلال؟
ـ تبذل سورية قصارى جهودها لتعزيز التضامن العربي والوصول به إلى مستوى يمكن الأمة العربية من مواجهة التحديات ودرء الأخطار التي تتعرض لها المنطقة العربية والظروف الراهنة في المنطقة العربية،تشهد تصاعداً في التوتر على وقع السياسة العدوانية التي تنتهجها إسرائيل وأعمال الإرهاب التي تمارسها في الأراضي العربية المحتلة، وحرب الإبادة التي تشنها على الشعب العربي الفلسطيني، فإسرائيل تتنكر لعملية السلام، وتضرب عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية، ومجرم الحرب شارون يتفنن في النشاط الإجرامي الذي يمارسه على الشعب العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة. إنه يمارس أبشع وسائل البطش والتنكيل وأشرس ضروب القمع والإرهاب، فالقتل والاغتيال والسجن والاعتقال وهدم البيوت وتجريف الأراضي والمزروعات وقلع الأشجار، ممارسات يومية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى الحصار الجائر الذي تفرضه على الفلسطينيين، مما يجعلهم بأشد الحاجة لأبسط ضرورات البقاء. ورغم أعمال الإرهاب التي يمارسها المحتلون الصهاينة والجرائم المروعة التي يرتكبها شارون، فإن الشعب العربي الفلسطيني يواصل جهاده ومقاومته للاحتلال، وقد ضرب أبطال الانتفاضة أمثلة رائعة في البطولة والتضحية والفداء، ولا يمكن أن يثنيهم شيء عن بلوغ غاياتهم بتحرير أراضيهم من رجس الاحتلال الصهيوني واسترجاع حقوقهم المغتصبة وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير، وإقامة دولتهم كاملة السيادة على أرض وطنهم وعاصمتها القدس الشريف. وهذا يتطلب موقفاً عربياً رسمياً يتسق والموقف الشعبي في الشارع العربي من جهادهم ونضالهم، ويشد أزرهم ويدفع بالمجتمع الدولي ولاسيما راعيي عملية السلام إلى إحياء تلك العملية بعد أن عمدت إسرائيل إلى وأدها.
* أكدت سورية وما تزال حرصها على التضامن العربي ووقوفها ضد أي عدوان يتعرض له أي بلد عربي، وخاصة بعد التهديدات التي تطلق بين الحين والآخر بتنفيذ ضربة عسكرية ضد العراق، ما هو برأيكم مستقبل العلاقات بين دمشق وبغداد في ضوء ما وصلت إليه في غضون السنوات الأربع الماضية؟ ـ لقد كان موقف سورية جلياً واضحاً من أي عدوان يمكن أن يتعرض له بلد عربي أو إسلامي، في إطار التهديدات التي أصبحت تطلق مع تداعيات أحداث 11 سبتمبر (ايلول) في الولايات المتحدة الأميركية، وجددت سورية دعوتها التي أطلقتها في أواسط الثمانينات إلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة يُعَرِّفُ الإرهاب ويحدد أعماله ويبين أسبابه وأعمال المشاركة فيه بغية اجتثاث الإرهاب من جذوره، وحذرت من خطورة محاولات إسرائيل ومن يمالِئُها لأن تُلبِسَ الحقَّ بالباطل وتجعل المقاومة الوطنية للاحتلال في عداد أعمال الإرهاب. هذا وسورية تقف ضد أي عدوان يمكن أن يتعرض له العراق أو أي بلد عربي آخر، وتطور العلاقات بين سورية والعراق يرمي إلى التخفيف من معاناة الشعب العراقي الشقيق من جراء الحصار المفروض عليه منذ أكثر من عشر سنوات.
* تواصل سورية تأكيدها على ضرورة التفريق بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال وأن العرب هم من يتعرض للإرهاب، هل تعتقدون أن من الممكن التوصل إلى تعريف دولي متفق عليه للإرهاب والإرهابيين؟
ـ من الضرورة بمكان،التفريق بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال فالإرهاب وأعمال الإرهاب أمرٌ مدان، أما مقاومة الاحتلال فأمر مشروع، تقره الأعراف والمواثيق الدولية، والعرب في حقيقة الأمر هم من يتعرض للإرهاب وإسرائيل تبقى هي البؤرة الأخطر للإرهاب في المنطقة والعالم، وقد دعت سورية إلى عقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب برعاية الأمم المتحدة، وإن عقد مثل هذا المؤتمر أمر ممكن وضروري إذا لم توضع في طريقه عوائق وعقبات،وأما الصمت الدولي عن الإرهاب الإسرائيلي فيعود إلى الولايات المتحدة ومواقفها الممالئة لإسرائيل ودفعها الآخرين إلى عدم التعرض إلى ممارسات إسرائيل الإرهابية، بل وأكثر من ذلك دفعهم إلى اعتبار المقاومة المشروعة للاحتلال الإسرائيلي على أنه عمل من أعمال الإرهاب، إلا أن ذلك لا يمكن أن يقلب الحقائق ولن تستطيع إسرائيل ومن يمالئها أن تُلبِسَ الحق بالباطل، وتبقى المقاومة الوطنية للاحتلال في كل زمان ومكان أمراً مشروعا تقره المواثيق الدولية ويحظى بتأييد كل أحرار وشرفاء العالم. (الشرق الأوسط اللندنية)