&

إيلاف- نبيل شرف الدين: في سياق هموم مهنة البحث عن المتاعب ، فقد أصدرت المنظمة العربية لحرية الصحافة ، ومقرها لندن ، تقريرها السنوي حول أوضاع الصحافة وحرية الرأي في العالم العربي ، رسمت فيه صورة بالغة السوء لما تعرض له الصحافيون العرب خلال العام 2001 للعمل تحت ظروف قاسية لم يشهدها أحد في المنطقة العربية من قبل، ونتج عن ذلك ارتفاع حاد في عدد الضحايا الذين فقدوا أرواحهم في تلك الظروف الصعبة التي عاشها الصحافيون في العام 2001 .

وأشار بيان المنظمة إلى أن عدد ضحايا حرية الصحافة في العالم العربي قد قفز خلال العام 2001 إلى ثمانية أضعاف ما كان عليه في العام السابق. وبلغ عدد الصحافيين الذين فقدوا حياتهم خلال ممارسة مهنة المتاعب ثمانية، منهم ستة صحافيين وصحافيتان مقابل صحافي واحد في العام 2000 إستشهد متأثرا بجروح أصيب بها خلال الإنتقاضة الفلسطينية ، وكان وراء هذه القفزة في عدد الضحايا بين الصحافيين الأساليب الوحشية التي تمارسها قوات الإحتلال الإسرائيلي في فلسطين، حيث استشهد صحافيان ، نتيجة قصف الصواريخ الإسرائيلية لمركز دراسات منظمة "حماس" في نابلس ، بينما ادى العنف الفلسطيني إلى مصرع مدير التليفزيون الفلسطيني في غزة ، كذلك كان لاشتداد الصراعات الاجتماعية والسياسية في العالم العربي الأثر الكبير في ارتفاع عدد الضحايا ، خصوصا في الجزائر التي شهدت مصرع ثلاثة صحافيين من بينهم صحافية كانت تقوم بتغطية أحداث مسيرة القبائل إلى الجزائر العاصمة في منتصف شهر يونيو الماضي .

عنف وطوارئ

وأشار التقرير إلى أن هذه هي المرة الأولى ، التي يرتفع فيها عدد الضحايا بين الصحافيين العرب إلى مثل هذا المستوى المخيف والمثير للقلق الأمر الذي يستوجب الدعوة إلى توفير الحماية للصحافيين خلال تأديتهم لعملهم ونشر الديمقراطية وسيادة القانون من أجل خلق بيئة صحية سياسيا واجتماعيا تساعد الصحافيين على تأدية واجبهم في أمان .

كما أكد تقرير المنظمة أن انتشار العنف والإحتكام إلى لغة قوانين الطوارئ والسجون والرصاص من شأنه جميعا أن يخلق بيئة سلبية تجهض أية إمكانية للحوار بين أصحاب الأفكار والاتجاهات السياسية المختلفة ، لقد لعبت الصحافة العربية ولاتزال دورا مهما في محاولة نشر لغة التسامح والحوار وترويج حق الأفراد والجماعات في التعبير عن آرائهم بالوسائل السلمية. وبسبب الإصرار على مواصلة ذلك الدور في ظروف بالغة الصعوبة دفع الصحافيون ودور الصحف المستقلة ثمنا باهظا خلال العام 2001 .

خلف القضبان

وإلى جانب الصحافيين الثمانية الذين فقدوا حياتهم زاد عدد الصحافيين المسجونين والمحكوم عليهم بأحكام سالبة للحريات، وأولئك الذين تعرضوا للإعتقال والتحقيق خلال العام خصوصا في تونس ومصر ولبنان والمغرب والسودان ، كما ارتفع عدد الصحف التي تعرضت للإيقاف أو المصادرة. ولاتزال جريدة "الشعب" الناطقة بلسان حزب العمل المعارض في مصر مغلقة حتى الآن برغم الأحكام القضائية المتعددة التي أصدرتها المحاكم ضد القرار الإداري بإغلاق الصحيفة الذي أصدرته لجنة شؤون الأحزاب في مصر. كذلك فإن المواقف الحكومية العدائية للصحف المستقلة تزايدت إلى درجة توحي بأن معظم الحكومات العربية لايرغب في وجود صحافة حرة مستقلة. ففي السودان دأبت الحكومة على إغلاق ومصادرة أعداد من صحيفة "الخرطوم مونيتور" واعتقال رئيس تحريرها ألفرد تعبان ، ونهجت الحكومة المغربية النهج نفسه تقريبا مع صحيفة "دومان مغازين" الإسبوعية التي يديرها الصحافي علي المرابط. وفي تونس تعرضت صحيفة "الموقف" المعارضة التي يديرها أحمد نجيب الشابي للمصير نفسه.

بيان بالضحايا

وأورد التقرير بياناً بأسماء ضحايا حرية الصحافة في العالم العربي على النحو التالي تفصيله بعد :

1 ـ عماري بن زقير: إغتيل على أيدي مجهولين في 2 يناير 2001 . وقد أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين في الجزائر في حينه بيانا أدانت فيه حادث اغتيال بن زقير ودعت السلطات الحكومية إلى الكشف عن الجناة ومحاكمتهم.

2 ـ هشام مكي: إغتيل في غزة على أيدي مسلحين ملثمين في 17 يناير 2001. وأعلنت "كتائب شهداء الأقصى" مسؤوليتها عن اغتيال مكي مدير التليفزيون الفلسطيني.

3 ـ هداية سالم الصباح: إغتيلت في مدينة الكويت في 21 مارس 2001 وهي في طريقها إلى مكتبها في مجلة المجالس. وقال ضابط الشرطة المتهم باغتيالها أنه فعل ذلك انتقاما لقبيلته بسبب مقالات نشرتها هداية السالم الصباح في المجلة التي تملكها وترأس تحريرها .

4 ـ محمد جميل بندي روزبياني: إغتيل في منزله في بغداد على أيدي رجال المخابرات العراقية على الأرجح. وكان بندي قد نشر بعض المقالات التي اتهم فيها النظام العراقي بممارسة سياسة "التطهير العرقي" ضد الأكراد في منطقتي خانقين ومندلي. ووجدت جثته مشوهة في منزله في 26 مارس 2001.

5 ـ فضيلة نجمة: دهسهتها إحدى مركبات النقل العام في مدينة الجزائر أثناء عملها في تغطية أحداث مسيرة رجال القبائل في العاصمة الجزائرية في 14 يوليو 2001.

6 ـ عادل زروق: لقي مصرعه خلال تأديته لواجبه في تغطية أحداث مسيرة رجال القبائل في العاصمة الجزائرية في 14 يونيو 2001.

7 ـ محمد بيشاوي: إستشهد في القصف الإسرائيلي لمكتب دراسات "حماس" في 31 يوليو 2001نابلس أثناء قيامه بإجراء مقابلة صحافية.

8 ـ عثمان إبراهيم قطناني: إستشهد في القصف الإسرائيلي لمكتب دراسات "حماس" في 31 يوليو 2001 نابلس أثناء قيامه بإجراء مقابلة صحافية.

وقد تعرض عدد من الصحافيين الفلسطنيين والمراسلين العرب والأجانب العاملين في تغطية الإنتفاضة في الضفة الغربية وقطاع غزة للإصابة برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي. ومنهم من تعرض لإطلاق الرصاص عليه في أماكن بعيدة عن الصدامات مثل مراسلة قناة تليفزيون أبوظبي الفضائية ليلي عودة التي تعرضت لإطلاق الرصاص عليها في رفح في 20 أبريل 2001. كما تعرض مراسل التليفزيون المصري طارق عبد الجابر لاعتداءات متكررة من الجنود الإسرائيليين.

إشادة بالجزيرة

وأشار التقرير إلى أن قناة الجزيرة الفضائبة كانت هي النجم اللامع للإعلام العربي الجديد خلال تغطية الحرب في أفغانستان ، وأثبتت الجزيرة بطاقمها وسياستها التحريرية الجريئة أن إفساح المجال للمبادرات وإطلاق حرية التعبير عن الرأي داخل غرفة الأخبار وخارجها والسماح لكل الأفكار والاتجاهات بحيز معقول للظهور على شاشة النليفزيون من شأنه أن يعزز مكانة الإعلام ويرفع درجة مصداقيته ويساعد على تحويل الإعلام العربي إلى مصاف الإعلام العالمي. لقد تحولت الجزيرة إلى مصدر عالمي للأخبار وذلك بصرف النظر عن الاتهامات التي وجهت إليها بالانحياز إلى بن لادن وإلى نظام حكم طالبان ، فقد جاء هذا التطور في مكانة الجزيرة إمتدادا طبيعيا للدور الذي قامت به منذ نشأتها في طرح كل القضايا المثيرة للجدل ومناقشتها من كل الزوايا حتى وإن كان هناك ميل ملموس إلى وجهات النظر التي تتبناها التيارات الإسلامية السلفية. لقد فتحت قناة الجزيرة باب المنافسة في مجال الريادة الإعلامية في العالم العربي، ولم يتمكن أحد من اللحاق بها حتى الآن.

خاتمة

واختتمت المنظمة العربية لحرية الصحافة بتوجيه التحية لأرواح ضحايا الصحافة العربية الثمانية الذين فقدوا حياتهم في العام 2001 ، وتناشد نقابات الصحافيين والمؤسسات الصحافية والإعلامية أن تهتم بحماية مراسليها الذين يعملون في مناطق الخطر من أجل تحقيق السبق الإعلامي لتلك المؤسسات. كما أن المنظمة تناشد الحكومات العربية بتوسيع نطاق حرية التعبير عن الرأي والحريات الصحافية بشكل عام وتوفير الإطار الصحيح لعمل الصحافييين من النواحي المادية والقانونية والسياسية. إن الصحافيين العرب وهم يتقدمون كتيبة الكفاح من أجل الديمقراطية والحريات العامة في العالم العربي يستحقون منا جميعا كل مساندة وتقدير .