كابول ـ من عادل محمد: الكويت من حسين الحربي وجاسم الحمادي: بعد مضي 170 يوما على مغادرته وطنه، و52 يوما من اول بث لصورته على شاشات فضائيات ضمن مجموعة من العرب، أسرتهم قوات التحالف الشمالي، عاد الاسير الكويتي محمد هادي العنزي الى وطنه على متن طائرة خاصة، بعدما افرجت عنه سلطات كابول، في خطوة تعتبر فيها الكويت "أول دولة تتسلم أسيرا لها في افغانستان".
وأعرب العنزي لـ "الرأي العام" في أول لقاء له بعد إطلاقه عن شكره وتقديره للسلطات الكويتية مؤكدا ان جهودها في الافراج عنه "كانت واضحة".
وأفاد انه غادر الى أفغانستان برفقة والده "في مهمة إغاثة مع منظمة وفاء"، مشيرا الى انه كان في كابول عندما علم بسقوطها، "فنزح المقاتلون العرب الى جلال أباد، وذهبت معهم مع والدي واحتمينا في الجبل".
وتابع: "أثناء الليل، كانت هناك هليوكوبتر تحوم فوق الجبل، ولحظتها تحرك أحد من كان معنا"، مبينا ان "الهيلوكوبتر تلتقط الحرارة الجسمانية، ولذا أطلقت نيرانها".
وزاد: "اطلاق النيران كان قريبا من المحتمين بالجبل، فأصيب منا من أصيب، ومات من مات"، لافتا لى انه عندما أصيب شعر بالألم "لكنني بقيت في مكاني".
وأضاف العنزي: "بعد مغادرة الهليوكبتر الموقع أتى أحد أفراد المجموعة التي كانت معنا ويدعى أبو عبدالله وهو جزائري الجنسية، يحصينا ويطمئن الى أحوالنا، وكان معنا طبيب واحد لم يستطع علاجنا جميعا".
وتابع العنزي: "طلبت من أحد الزملاء ان يساعدني لاستند الى إحدى الصخور لكي أنام"، لافتا الى انه بعد استيقاظه من النوم صباحا قيل له ان والده يريده.
وأضاف: "ذهبت الى والدي وأنا مصاب، وطلب مني ماء، فأتيت له بما أراد"، موضحا ان والده لحظتها "كان مصابا".
وتابع: "عندما شرب والدي الماء، قال لي انه يريد أن ينام، وبعد نومه ذهبت الى النوم بجانبه"، مبينا انه استيقظ "وقت صلاة الظهر".
وأفاد ان "أحد الاخوة حاول إيقاظ والدي، الا انه لم يستيقظ وأبلغت بوفاته متأثرا بإصابته"، مشيرا الى انه في تلك اللحظة لم يستطع المشي "وبقيت جالسا في مكاني"، إلى أن أتى مقاتلو حضرة علي حاج قدير وهم المسيطرون على جلال اباد وساعدونا بأن نقلونا الى المستشفى قبل ان يسلمونا الى حكومة "كابول" التي حققت معنا الى ان أفرجها الله عليّ".
وهل حقق معكم أميركيون؟ أجاب العنزي: "في جلال اباد رأينا قوات أميركية، لكنها تركت المكان لأنها لا تريد أي مشاكل"، مشيرا الى ان "هذه القوات أخذت بعض الشباب".
وذكر انه وزملاءه "كانوا في حكم الأسرى لدى الحكومة الأفغانية"، مشيرا الى ان "القوات الأميركية حققت مع بعض زملائه، لكن الغالبية لم تحقق معهم".
وأفاد ان جثة والده "دفنت في أفغانستان وشهدت الدفن وبعدها تركت المكان".
وقال ان اصابته كانت في ظهره ناجمة عن شظايا.
وهل شاهدت مقاتلين كويتيين في أفغانستان؟ أجاب العنزي: "نعم رأيت كويتيين، لكن عددهم قليل، وبعضهم استشهد ومنهم من أسر"، موضحا ان الأوضاع تحسنت في الوقت الحالي، بعدما كانت في بدايتها شديدة والآن استقرت".
وأفاد انه كان يسكن في غرفة خاصة في سجن يتبع وزارة الدفاع في كابول، قبل ان تتسلمه السلطات الكويتية، مشيرا الى ان "راشد الدين راعي منسق الهلال الأحمر الأفغاني أخرجني من السجن لعلاقته مع السفارة الكويتية".
وأضاف ان "راشد الدين راعي وضعني في غرفة خاصة وكل يومين كان يأتي ليرى أوضاعي"، موضحا ان "حالتي كانت جيدة، وأحظى برعاية خاصة".
وذكر العنزي انه عندما وصل الى كابول حقق معي مسؤول في وزارة الدفاع وسألني عن اسمي وجنسيتي وسبب مجيئي الى أفغانستان، الا انني لم أتعرض الى أي أذى".
وأشار الى ان "الأخ عبدالناصر الرشيدي من السفارة الكويتية في باكستان على اتصال بي، وكان مسؤولوها يرسلون لي حاجاتي ونقودا".
وشكر العنزي "الحكومة الكويتية وكل من ساعدني، معربا عن تقديره الشديد لأمير البلاد الشيخ جابر الأحمد وولي العهد الشيخ سعد والنائب الأول الشيخ صباح الأحمد".
وكانت طائرة كويتية خاصة من نوع "هركوليز" حطت في مطار كابول في الثانية عشرة والنصف من منتصف ظهر أمس، وهي تقل وفدا كويتيا رسميا، اجتمع بعد ساعة من وصوله الى وزير الدفاع الأفغاني الجنرال محمد فهيم في مقر وزارته، قبل ان يطلب من أعضائه العودة الى المطار مرة أخرى، باستثناء رئيسهم ممثل جمعية الهلال الأحمر يوسف المعراج الذي انتقل برفقة مسؤولين أفغان الى مكان مجهول لاستلام الأسير العنزي، علم لاحقاً انه وزارة الامن القومي.
ومن موقع الأسر، تولت سيارة خاصة نقل الأسير محمد هادي العنزي ورئيس الوفد الكويتي يوسف المعراج، الى سلم الطائرة، وبعدها مباشرة كان الاقلاع الى اسلام اباد، بهدف التزود بالوقود والراحة، قبل ان تقلع مجددا في السادسة والربع مساء بتوقيت الكويت في طريق عودتها الى البلاد.
يذكر ان الكويت هي الدولة الأولى التي تتسلم أسيرا لها في أفغانستان، إذ ترفض الولايات المتحدة الأميركية حتى الآن تسليم أسرى بريطانيين وفرنسيين الى بلدانهم.
وكان الاسير العنزي وهو من مواليد 27 مايو 1986 غادر الى افغانستان في 11 اكتوبر 2001، برفقة والده الذي كان يعمل ضابطا برتبة رائد في وزارة الداخلية قبل تقاعده ومن ثم قضائه نحبه في 15 رمضان الماضي.
على الصعيد ذاته، علمت "الرأي العام" ان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد أصدر تعليماته بأن تؤخذ أقوال الأسير العنزي بعد يومين من وصوله لضمان راحته من عناء السفر.(الرأي العام الكويتية)