&
دبي ـ من معن البياري: وصف باحث إماراتي الوجود الكبير للعمالة الآسيوية في دول الخليج العربي بأنه قنبلة موقوتة، ستغير وجه المنطقة خلال الخمس والعشرين سنة المقبلة، فيما قال مسؤول أمني بارز انه لا يستبعد مشكلات سياسية في دول الخليج يوما بسبب الخلل الكبير في التركيبة السياسية.
وأفاد مدير عام معهد التنمية الإدارية في الإمارات الدكتور يوسف عيسي الصابري في دراسة له أن العمالة الوافدة، لا سيما الآسيوية، في دول الخليج تقدر بحوالي سبعة ملايين نسمة.
وأوجز الباحث المشكلات التي ترتبط بهذه القوي العاملة الأجنبية في ثلاث فئات، وقال انها في مجملها تشكل تهديدا لجهود بناء الأمة وهويتها وضغوطا علي اقتصادها وخدماتها.
الأولي، هي المشكلات السياسية، وتنحصر في التهديدات المحتملة للأمن والاستقرار من جراء وجود كم هائل من القوي العاملة الأجنبية، والمشكلات التي قد تطرأ نتيجة التكتلات الداخلية في أوساط هؤلاء جراء الاختلافات التي تعود إلي خلفياتهم والجهات التي جاءوا منها.
والثانية المشكلات الاقتصادية، وتنحصر في كمية التحويلات النقدية للخارج، وفي الضغوط المتزايدة علي الخدمات التعليمية والصحية وغيرها من المرافق. والثالثة المشكلات الاجتماعية، وترتبط بالجرائم غير المألوفة، في المجتمع الإماراتي مثلا، مثل التهريب والمخدرات والتزوير. وأوضح الباحث في دراسته أن التقديرات الحديثة للسكان في الإمارات تشير إلي أن عددهم ارتفع منذ 1996 بمعدل 5% تقريبا كل عام، ليصل إلي مليونين وتسعمئة وثمانية وثلاثين ألفا في 1999، كما أشارت الدراسة إلي أن غالبية السكان من الذكور حوالي 67%.
وذكر أن حجم إجمالي القوي العاملة في الإمارات تم تقديره بمليون وثلاثمائة وثلاثة وتسعين شخصا في 1995، يشكل الأجانب حوالي 93% منهم، والإماراتيون نسبة 7% فقط. واستعرض الصابري العمالة الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي، وقال انه في 1995 تبين أن نسبة المواطنين في سكان السعودية بلغت 72%، وفي الكويت 41% وفي قطر 25%، أما نسبة الأجانب في القوي العاملة في هذه الدول في العام نفسه فبلغت 59% في السعودية و82% في الكويت و83% في قطر.
وأوضح أن نسبة الإماراتيين ارتفعت في القطاع العام من 31% تقريبا في 1984 إلي 42% في 1998. وأشار إلي أنه تم الإسراع في عملية التوطين في البنوك والقطاع المصرفي بصورة ملحوظة منذ 1997.
وقد صدر قرار في 1998 حدد فيه نسبة 4% سنويا في البنوك والمصارف العاملة في الدولة، والتزمت العديد من البنوك، وتراوحت نسبة التوطين فيها ما بين 20% و27%. وذكر الباحث أن نسبة التوطين في القطاع الخاص ما زالت متدنية، ويشكل القطاع الأكبر للعمالة الأجنبية بصفة خاصة، وللقوي العاملة بصفة عامة، وأن ما يفوق 90% من القوي العاملة في القطاع الخاص من العمالة الوافدة.
وذكر أن أعداد العمالة الأجنبية في السعودية وصلت نسبتها إلي 37% في الثمانينات. وأن السعودية حققت نسبة توطين بلغت 89% في الأجهزة الحكومية خلال السنوات الأخيرة الماضية.
وعن قطر قال الباحث انها اتبعت أيضا سياسة تمكنت من خلالها من رفع نسبة القطريين في القوي العاملة وخفض معدل الأجانب في قوة العمل بمعدل 5% خلال خمس سنوات، ومع ذلك ما زال الأجانب يشغلون نسبة كبيرة من الوظائف الفنية والمتخصصة في قطاعي الصحة والتعليم.
أما الكويت فنجحت في زيادة نسبة الكويتيين العاملين في القطاع العام من 33% في أوائل الثمانينات إلي 45% في أواخرها. وتوصلت إلي نسبة 10% سنويا، ما يعتبر أمرا مقبولا.
وبالتزامن مع دراسة الصابري، صرح القائد العام لشرطة دبي اللواء ضاحي خلفان أنه لا يستبعد أن تشكل التركيبة السكانية في دول الخليج يوما ما إشكالية سياسية، موضحا أن ما يشفع للإمارات في هذا الوضع أن علاقتها مع دول وحكومات أبناء الجاليات علي أراضيها تتصف بالتواصل والجودة، ما يجعل علاج المشكلة تمر من دون حدوث مشكلة سياسية، علي الأقل في المدي المتوسط.
وقال خلفان في حديث مطول معه نشرته صحيفة الاتحاد الظبيانية انه لو تأخر قرار مواجهة مشكلة التركيبة السكانية عشر سنوات أخري فلن يكون حل لهذه المشكلة. وأقر أن الإمارات ـ حتي الآن ـ لا تواجه هذه المشكلة بالتخطيط الصحيح، وأنه إذا استمر السقف مفتوحا للجنسيات، كما هو عليه حاليا، فسوف تصعد الأرقام ويزيد الخلل إلي ما لا نهاية. (القدس العربي اللندنية)