"ايلاف"- خاص: تبدي مصادر ديبلوماسية اهتماماً مركزاً بزيارة رئيس الوزراء اللبناني المفاجئة الى الولايات الاميركية المتحدة للقاء الرئيس جورج بوش لا سيما وأن الحريري كان في واشنطن قبل أسبوعين في زيارة هدفت الى الحصول على الدعم الاميركي لمؤتمر باريس 2 . وتضع المصادر هذه الزيارة في دائرة أوسع من الدائرة "الضيقة" للمؤتمر الاقتصادي الذي ينعقد السبت المقبل لمساعدة لبنان على تجاوز ازمة مديونيته الخانقة، وتربطه بتفاصيل أخرى تشكل اللوحة السياسية الاقليمية الراهنة بكل ما فيها من تعقيدات وتطورات دقيقة.
فإذا كان طبيعيا أن تصدر تأشيرة سفر الحريري الى واشنطن من دمشق، ترجح هذه المصادر أن يكون اللقاء الذي ضم الرئيسين الحريري والاسد قبيل سفر الاول مباشرة، قد وضع جدول اعمالٍ سياسي على هامش مؤتمر باريس 2 يتضمن أجوبة وملاحظات واسئلة يتصل مضمونها بالحرارة العائدة الى خطوط تل ابيب - واشنطن - بيروت - دمشق.
فقد كان لافتاً تصريح الرئيس الحريري الحاسم حول منع الحديث بملف المياه لا سيما الوزاني قبيل سفره وهو الملف الذي تعاملت معه دمشق كمنصة كاتيوشا مائية بديلة عن التزامها غير المعلن بوقف العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية للبنان. وترى المصادر أن هذا التصريح هو بمثابة هدية سورية يحملها الرئيس الحريري الى ساكن البيت الابيض وتذكير سوري حاذق بالتزام دمشق بما تفرضه حساسيات اللحظة السياسية الراهنة ومناورة جيدة لتحويل واقع الامر السياسي الى رصيد تدفع منه دمشق قبل أن يحين موعد الدفع من "اللحم الحي". فإذا كان المطلوب هو رأس "حزب الله" ،العسكري على الاقل، تجيب دمشق أنها تكتفي بحقنه بجرعات تخدير غير قاتلة في انتظار ما ستؤول اليه الامور عقب انقشاع الدخان الصاعد من بغداد ومن أمكنة أخرى في الشرق الاوسط.
وتلفت المصادر الى أنه إذا كان أحد الاسباب الرئيسية التي دفعت بالادارة الاميركية الى رفض قانون محاسبة سوريا هو الخشية من عرقلة مساعيها لتأمين نصاب عربي في ملف الحرب ضد الارهاب فإن السبب الاخر الذي لايقل اهمية هو التروي لدفع عملية السلام في الشرق الاوسط بشقيها السوري والفلسطيني الامر الذي كانت نتيجته المباشرة طلب سوريا من زعامة حماس والجهاد الاسلامي التخفيف من ظهورهما على اراضيها.
ولكن ماذا عن العملية الاخيرة التي نفذها تنظيم الجهاد الاسلامي الذي تقيم قيادته في دمشق ؟ الا تتعارض وجهود بناء الثقة؟ تجيب المصادر أن "المفاوضات" لم تبلغ نقطة ترمي خلالها دمشق أوراق قوتها. فهذه العميلة ليست سوى الوجه الاخر للهدية التي حملها الحريري، أي تذكير الاميركيين أن دمشق التي صوتت في مجلس الامن لصالح القرار 1441 تجيد استخدام أوراق القوة والضعف. فعلى الرغم من موافقتها على أن يجري زعماء حماس الذين تقيم زعاماتهم في دمشق مفاوضات على ارض مصرية مع السلطة الفلسطينية فهي تريد التوكيد على أنها ما زالت تمسك بدفة قيادة المنظمتين.
تدرك سوريا جيداً حدود حجم القوة التي لديها، تقول المصادر، لكنها ترى في تأزم علاقات الولايات المتحدة مع مفاتيح اساسية في العالم العربي ، كالسعودية التي زارها الرئيس الاسد مؤخراً، فرصة لتوسيع المنصة التي تقف عليها ولبيع الاميركيين من أكياس لا تملكها وهو ما لن تفوته الديبلوماسية السورية على الاطلاق.&
&