"إيلاف"- خاص: لم يكن جديداً بالنسبة لرئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري أن يستمع الى مطالب اميركية تتعلق بسوريا في معرض الحديث عن قضايا لبنان الداخلية كما لم يكن جديداً بالنسبة للرئيس السوري بشار الاسد أن يستمع من نظيره المصري الى رأيه في "وسائل اعتماد موقف عربي موحد من التطورات في المنطقة" والذي يعني في الوقت الراهن الاكتفاء بالحد الادنى من استفزاز الاميركيين والاسرائيليين، وهو ما لا يتفق، من وجهة النظر المصرية، مع العملية الاخيرة التي سرعان ما تسابقت حركتي الجهاد وحماس على تبنيها.
غير أن هذا التباين الذي لطالما طبع مجمل المسافة بين القاهرة ودمشق، يقرنه مراقبون بالملاحظات التي سمعها الرئيس الحريري من البيت الابيض حول صلة كل من لبنان وسوريا "برعاية الارهاب وعرقلة جهود السلام في المنطقة" ليستنتجوا أن هذا التباين لم يعد يتصل بطريقة اللعب السياسي، إنما بات يطال قوانين اللعبة نفسها.وعليه، يرى المراقبون أن ثقافة "الما بعد" أو "Post" التي تشكل الذهنية الفكرية لمعظم فريق الرئيس بوش (ما بعد صدام حسين، ما بعد نفط أوبك، ما بعد الشرق الاوسط ....)
وجدت طريقها الى لعبة المفاوضات التقليدية في الشرق الاوسط. وتقضي هذه الصيغة بتجريد الطرف الاخر من كل أوراق الضغط التي لديه قبيل الشروع في الجلوس الى طاولة المفاوضات الامر الذي يعني في الحالة السورية - اللبنانية رأس "حزب الله" واقفال الفناء الخلفي الذي توفره دمشق للمقاومة الفلسطينية عبر دعم حركتي "الجهاد وحماس" كمقدمات أساسية تشق الطريق أمام اتفاق للسلام وهو الامر الذي ما زالت القيادة السورية تحاول تجنبه.
من هنا تشدد مصادر مطلعة على أن اكتفاء واشنطن "بالدعم السياسي" لباريس 2 وحصر تمثيلها بمساعد وزير الخارجية وليم بيرنز بصفته المسؤول الارفع عن ملف الشرق الاوسط في الادارة بدلا عن وزير الخزانة بول أونيل أو وزير الخارجية كولن باول كما كان يتمنى الرئيس الحريري، ينطلق من الفهم الاميركي العميق للحاجة السورية للاستقرار السياسي في لبنان عبر استقراره الاقتصادي.
والحال، تفيد معلومات من مصادر على صلة بالتحضيرات الجارية لباريس 2 أن الموقف الاميركي سينعكس سلباً على الحصيلة المالية للمؤتمر الذي سينعقد السبت المقبل بحيث لن تتجاوز العائدات ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار بدلا عن خمسة مليارات وهو الحد الادنى المثالي الذي كان يتطلع اليه الرئيس الحريري للخروج من نفق المديونية العامة التي تقف عند عتبة الثلاثين مليار، كما أنه الحد الاقصى الذي يشكل صدمة اقتصادية - سياسية قابلة للامتصاص في بيروت نتيجة حجم الامال المعقودة عليه.
الارتباك السوري كبير كما يراه متابعون قريبون من دمشق لا سيما وأن لبنان ليس عنوانه الوحيد. فأعين المسؤولين السوريين مشدودة الى الحرارة العائدة الى خط واشنطن - طهران في الوقت الذي تملك فيه الاخيرة الكثير من الاوراق، التي تضم في ما ضم ....... كل أوراق سورية.