نهاد اسماعيل
&
تعلن السلطات الاردنية عودة الهدوء الى المدينة الجنوبية معان بعد مصادمات دامية في الاسبوعين الأخيرين وهذا امر مفرح لكل الذين قلبهم على الاردن وحاله الذي لا يحسد عليها بين كماشتي الصراع فلسطينيا وعراقيا.
وزيارة الوزراء الخمسة من متخصصي الخدمات للمدينة التي حاصرتها قوات من الجيش للأسبوع الأخير معيار مهم يشير الى ان الحكم في عمان لن ينسى او يتناسى معان مهما كانت الظروف والتداعيات.
كان من المفروض ان ينفذ الجيش الاردني، مهماته كاملة غير منقوصة في اقتلاع جذور الارهاب والتهريب والتشدد مرة واحدة والى الابد، فالأردن ذا المسؤوليات الكبيرة راهنا ومستقبلا لا يحتمل تواجد من يحاول تعثير المسيرة على اراضيه ايا كانت انتماءاتهم عشائريا او سياسيا او لصالح اطراف اخرى.
هذا البلد الصغير بموارده بسكانه كبير في مواقفه والادوار المرتهنة به في عالمنا الشرق اوسطي، ولا مجال هنا لتعميم فكر طوباوي المزاج غير بريء الطموحات والتوجهات.
نعرف ان الاردن عاش لحمة واحدة وجسدا واحدا "اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". والشواهد كثيرة في تاريخ هذا الكيان العربي الذي لا تحتمل تفاصيل بقائه او دوره أي خلل في المنهج والتعامل.
الاردن ليس افغانستان، حتى تنطلق منه افكار الترويج لما يسمى (التكفير والهجرة) وهو ليس الاتحاد السوفياتي السابق حتى تنطلق منه حملة تحرير الشيشان، القضية متصلة ببلدة لها تاريخها المشرف اسمها معان.
وهذا البلد العربي يناضل باظافره واسنانه عبر عالم متغير من اجل توفير لقمة خبز هنا ورغيف هناك، فلماذا صداع جماعات متشددة مسنودة بتهريب المخدرات والسلاح تقض مضاجع صانعي القرار فيه.
مرة واحدة والى الابد، سنقتل الفتنة في مهدها، هكذا قال وزير الاعلام محمد العدوان، الذي حصل ان الجيش غادر مواقعه في المدينة الجنوبية من دون القبض على جماعة (ابو سياف) الاردني، وهو فر متحصنا في جبال وادي رم.
الذي اراه كمراقب عن بعد للحدث الاردني، انه لن تستقيم للحال الراهن قائمة مادامت عصابة العصيان متمترسة في مكان قريب. وهذا يعني ان القنبلة الموقوتة لا زالت تترقب وقت انفجارها.
بلد كالاردن، لا يحتمل وجود اسامة بن لادن جديدا على اراضيه وبين اهله ومعاقل حكمه؟ واذا كانت حكومة الاردن بتوجيه من الملك عبد الله الثاني آلت الحكمة وسحبت الجيش من معان المكلومة، فان جماعة محمد الشلبي (ابوسياف الاردني) لا زالت هناك تعلن انتصاراتها.
الاردن، حال اجتماعي ونسيج متفرد في البقاء اردنيا وفلسطينيا وشركسيا وارمنيا ودرزيا واغرابا ولاجئين من اركان العالم العربي كله وحتى من البوسنة وتركيا، فلماذا يظل المجال مفتوحا لعصابات من البغي تسود القرار وتتحكم به من وادي رم؟.
نعرف ان أي انهيار في قرار السيادة الاردني امر مؤثر على قضايا لصيقة في الجوار عراقيا وفلسطينيا، وامن الاردن يمكن ان يؤثر في المعادلة سلبا وايجابا، ولا مجال لعصابة ان تتحكم في القرار الكبير المرتهن اردنيا.
نعرف كم لحق معان من الضيم، ولكن بالمقابل، فان الفتنة التي لا تعرف حدودا مثلها مثل الارهاب وحيث الدم يستسقي الدم لا بد وان تقتل في مهدها.
الذي اراه كمراقب عن بعد ان الجيش الاردني لم يكمل المهمة؟ عله يكمل قريبا الا اذا كانت هنالك محاذير يضعها صاحب القرار الاعلى وهو العاهل الهاشمي الملك عبد الله الثاني في اطار حساباته التي يمكن ان تكون صحيحة.