حكومة عبيد
القاهرة-ايلاف: عادت مجدداً أنباء التغييرات والتعديلات المتوقعة على تشكيلة حكومة رئيس الوزراء المصري عاطف عبيد مجددا لتشغل موائد افطار وسحور السياسيين، والصحافيين المصريين، ففي الوقت الذي تكهنت فيه مصادر صحافية بتغيير وزاري أصبح وشيكا في مصر سيطال بعض وزراء المجموعة الاقتصادية، وربما تتسع دائرته ليمتد إلى كافة أعضاء الوزارة، مشيرة الى أن وزير الاعلام صفوت الشريف مرشح لتولي منصب رئيس مجلس الوزراء، بينما طرح آخرون أسماء جديدة من خارج الوزارة الحالية لتشكيل الحكومة المزمعة، وكان الطرح الثالث من نصيب وزير الداخلية المصري حبيب العادلي الذي تكهن البعض أن يتم تكليفه بتشكيل الحكومة، ليكون بذلك ثاني وزير داخلية في تاريخ مصر الحديث يصل إلى رئاسة الحكومة بعد ممدوح سالم، مستندين في ذلك إلى ما أنجزه العادلي على صعيد المواجهة مع الجماعات الأصولية، إضافة إلى أن هناك توجهاً ملحاً مفاده حاجة المرحلة المقبلة إلى قدر كبير من الانضباط في الأداء الحكومي، ومواجهة "ثقافة الرشى"، وحالة التفلت السائدة في أروقة المصالح الحكومية، وليس هناك من هو أقدر على إعادة الانضباط من وزير الداخلية كما يذهب انصار هذه التوقعات.

بكري والشريف
أما في شائعة ترشيح صفوت الشريف، فقد كان مصدر الأنباء الخاصة بترشيحه لرئاسة الحكومة هو الصحافي مصطفى بكري رئيس تحرير (الأسبوع) والمقرب من الشريف، لذلك فقد خضع الأمر لأكثر من قراءة، ففي ما ذهب البعض إلى أن هذا قد يكون تمهيداً للرأي العام، ومقدمات للتغيير الوزاري، خاصة وإن أسهم الشريف بالفعل إلى ارتفاع منذ توليه الأمانة العامة للحزب الوطني الحاكم في مصر، غير ان البعض اعتبر الأمر مجرد "تفكير بالتمني"، إذ لا يخرج عن كونه تعبيراً عن أمنيات "صديق لصديقه" خاصة وإنه في حال تحقق هذه "الأمنية" فربما يتحول الصحافي بكري إلى مسؤول كبير في الحكومة، وليس بالضرورة وزيراً، وإن كان استوزاره ليس بالطبع أمراً مستبعداً.
وفي كل حال فقد كان هناك شبه اتفاق في جلسات الساسة والصحافيين المصريين على أن شخص وحكومة عاطف عبيد قد استنفذت كافة الفرص أمامها، وأثبتت فشلاً ذريعاً ، فقد كان اختيار عبيد، كما يقول الخبراء والمحللون، متسقا مع منظومة مهام وردت في خطاب تكليفه بالوزارة، فالرجل يتمتع بسمعة جيدة في الأوساط الدولية وله خبرة طويلة في التعامل معها، خاصة صندوق النقد والبنك الدوليين، وهو مخطط ومهندس عملية الخصخصة منذ بدايتها العام 1991.
ولكن ما حدث ان الفساد استشرى على نحو غير مسبوق ليصل إلى مقاعد الوزراء وتابعيهم المقربين والمتنفذين، وتحولت مشكلة الركود إلى "حالة مزمنة"، في ما يواصل الدولار ارتفاعه مقابل العملة المصرية، وما يترتب على ذلك من تضخم فاحش في السوق، وارتفاع في الأسعار بشكل مطرد أرهق المصريين.

بورصة التكهنات
لكن مع اتفاق المراقبين على انه يصعب التنبؤ مع القيادة السياسية المصرية خاصة في مسألة التغيير الوزاري، حيث اعتادت على مباغتة المصريين بأسماء واختيارات لا تخطر ببال أحد، لكن هذا لم يقف حائلاً دون فتح بورصة التكهنات ، فقد ذهب البعض إلى أن قائمتين بالترشيحات ، إحداهما أساسية والأخرى بديلة، ستعرض على القيادة السياسية قريباً لتحديد الوزراء الجدد المزمع اختيارهم لتولي حقائب وزارية بدلاً من الذين سيتم استبعادهم من التشكيل الوزاري الجديد وأن كافة الأسماء المطروحة قد أجريت دراسات مكثفة حولها وأعد لكل منهم تقرير كامل لمؤهلاتهم وسيرتهم الذاتية ودورهم في العمل السياسي والعام ، كما توقعت ذات الدوائر أن يكون هناك ما بين اثنين أو ثلاثة على الأقل من فريق جمال مبارك أمين السياسات بالحزب الحاكم من بين الوزراء الجدد المختارين لحقائب وزارية، خاصة الاقتصادية.
واتفق الجميع أن الوزراء السياديين خارج نطاق التغيير وهم وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والاعلام ، كما أخرجت الترشيحات من دائرتها أيضاً احتمالات تغيير الدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة، رغم ما نسب لأبرز مساعديه من اتهامات قضائية أحيل على اثرها على المحاكمة، ومن هذه الحالات الاستثنائية إلى المألوف في بورصة التكهنات التي تنشط في مواسم الحديث عن التغيير ، حيث تتصدر اسماء الوزراء المعمرين قوائم المرشحين للخروج من التشكيل الوزاري المزمع.

سيادة وسياسة
وتسوقنا هذه التوقعات إلى ما ذكرته صحيفة (الاسبوع) التي يرأس تحريرها مصطفى بكري، الذي قال ان هناك اتجاها يرى أن التغيير لابد أن يشمل وزراء المجموعة الاقتصادية وأن هناك ضرورة للالتزام بفلسفة اقتصادية جديدة وفكر جديد لزيادة معدلات النمو الاقتصادي خاصة بعد الكشف عن حقيقة معدلات النمو الاقتصادي والتي لا تتجاوز 2 في المئة.
وأضاف إن ما وصفه بأوساط عليا ترى أن التعديل الوزاري الواسع قد يترتب عليه ضياع بعض المعالم الأساسية التي حققتها حكومة رئيس الوزراء الحالي الدكتور عاطف عبيد مشيرة الى أن بعض التقارير الاقتصادية الرقابية العليا اقترحت عدم اجراء أي تغيير وزاري الا بعد الانتهاء من ملف الشراكة المصرية الاوروبية.
وفي آخر تعديل وزاري جرى في آذار (مارس) الماضي أصدر الرئيس المصري حسني مبارك قراراً بتعيين ثلاثة وزراء جدد من بينهم وزير للنقل بعد استقالة وزير النقل السابق بسبب كارثة حريق قطار الصعيد، كما تم تعيين وزيرا جديدا للصحة والسكان ووزيرا للطيران المدني، ليقتصر التعديل على ثلاثة حقائب وزارية فقط، ليوصف حينئذ بأنه مجرد تعديل محدود لتجاوز أزمة.
تجدر الإشارة إلى أن تعديلاً وزارياً في مصر كان قد جرى قبل ذلك، واشتمل على المجموعة الاقتصادية في الحكومة المصرية ، باستثناء المنصب المستحدث في وزارة الدولة للشؤون الخارجية، ولم يمتد التغيير ليشمل أي وزارة من وزارات السيادة، ما يجعله متسماً بالشأن الاقتصادي المتعثر، والذي نسب جانب كبير من أسباب تعثره إلى آداء الوزراء الذين تم تغييرهم حينئذ لكن ما حصل ان التعثر مازال قائماً، وهو ما فسر بفشل حكومة عبيد برمتها.