بيروت-يرى باحث لبناني في كتاب جديد انه ليس من السهل الجزم بصحة قول البعض بانتهاء دور حزب الله اذ يرجح اخرون ان يكون دوره الفعلي قد بدأ الان.وقال الباحث فضيل ابو النصر ان بعض المراقبين "يجزمون" بان دور حزب الله "الرائد والمميز انتهى أو كاد وأنه في سبيل تحوله الى حزب محلي عادي."أضاف متسائلا " فهل حقا دور حزب الله هذا انتهى.. ليس من السهل الجزم أو حتى التكهن في قضية بمثل هذه الاهمية والخطورة. فبعض المطلعين المقربين من حزب الله يرون ان دور حزب الله الفعلي المستقبلي قد بدأ منذ 25 ايار (مايو) 2000 (تاريخ اضطرار اسرائيل الى الانسحاب من جنوب لبنان). فالانتصار لم يفقده توازنه بل عزز نضجه كحركة سياسية وفكرية اسلامية."
وقال ان الحزب "عزز موقعه الداخلي اللبناني بصورة منقطعة النظير ودعم الانتفاضة الفلسطينية وأبقى على متانة اللحمة السياسية مع سوريا والرابطة العقائدية مع ايران. انتهز فرصة استراحة المحارب النسبية ليقيم الاحداث السابقة وليرسم الخطوات اللاحقة بهدؤ واطمئنان."
ولخص أبو النصر الادوار القديمة والجديدة "التي ترشح حزب الله لتبوأ منزلة انتزعها انتزاعا" فقال ان هذه الادوار هي دوره كحركة كمقاومة ودوره في استنهاض الواقع العربي والاسلامي ودوره في الكفاح ضد امريكا ودور يتعلق بمنع مشاريع التسوية والتطبيع ودور تحرير فلسطين أولا".الكتاب الذي حمل عنوان (حزب الله ـ حقائق وابعاد) صدر عن الشركة العالمية للكتاب وجاء في 278 صفحة من القطع المتوسط وتوزعت مواده على 11 فصلا وثبت بالمراجع العربية والاجنبية وملاحق بينها مقابلات وشهادات من باحثين وسياسيين ومسؤولين في الحزب وشخصيات من مختلف الطوائف اللبنانية.
استهل الكتاب بالحديث عن الحزب ووصفه المؤلف بانه "ظاهرة لبنانية محلية ذات مؤثرات وأبعاد اقليمية ودولية تتشابك وتتقاطع في اكثر من مكان وعلى أكثر من صعيد. كما أن حزب الله حركة ذات هوية اسلامية شيعية لا تفقد وهجها وبريقها كونها لبنانية الموقع. فهي بكلمات محمد شري احد الاعلاميين العاملين في تلفزيون المنار (التابع للحزب) حركة شيعية بنكهة لبنانية مميزة."وتحدث أبو النصر عن نشأة حزب الله كحركة مقاومة فقال انه عمل في الاطار اللبناني الوطني والاطار الفلسطيني والاطار الاقليمي والاطار الدولي والاطار الاسلامي.
وفي رأيه ان اسمين كبيرين كان لهما فضل كبير في التأسيس للمقاومة الاسلامية التي شكل حزب الله عمودها الفقري وهما الامام موسى الصدر والعلامة محمد حسين فضل الله.وعلى الرغم من ان الامام موسى الصدر الذي اختفى وانقطعت اخباره اثر زيارة لليبيا سنة 1978 كان بعيدا زمنيا عن عام 1982 عام انطلاقة المقاومة الاسلامية "فان الفضل يعود له في زرع بذور التغيير في المجتمع الشيعي اللبناني. فاطلاق حركة المحرومين وتأسيس افواج المقاومة اللبنانية (أمل) وشخصية الامام الكارزمية وتوجهاته الفكرية والدينية والاجتماعية والسياسية تركت اكبر الاثر في نفوس العديد من الشبان الطامحين الى اجراء التبديل في الوضع داخل الطائفة الشيعية على مستوى الوطن...
"وبينما كان توجه الامام موسى الصدر توجها سياسيا بصورة عامة كان توجه السيد محمد حسين فضل الله ارشاديا تعليميا يحمل ابعادا سياسية واضحة... لهاتين الشخصيتين العلمائيتين يعود الفضل الكبير لتهيئة التربة لصالحة لقيام المقاومة الاسلامية." وتحدث الكاتب أيضا عن دور الحرس الثوري الايراني في تدريب مقاتلي المقاومة في منطقة البقاع في شرق لبنان لكن دون ان يشتركوا في القتال.
الفصل الثاني حمل عنوان (ما هو حزب الله) استهل بكلمة للسيد حسن نصر الله الامين العام للحزب يقول فيها "نحن نستند في رؤيتنا الفقهية التي تؤمن بولاية الفقيه الى إمكانية امتلاك مشروع سياسي في بلد متنوع الثقافات ومتعدد الاتجاهات والقوى..من دون المساس بصلب الالتزام العقائدي الايماني والاسلامي الديني."
وفي مجال نظرة الحزب اخيرا الى موضوع لبنان يستشهد المؤلف بقول للشيخ حسن عزالدين احد قادة الحزب جاء فيه "ان التنوع الديني والثقافي في لبنان يشكل مصدر غنى وقوة ويشكل نموذجا للاخرين لما تزخر فيه الديانتان المسيحية والاسلام من معارف انسانية متنوعة وقيم اخلاقية ويشكلان بذلك مصدر الهام وابداع للانسانية ويؤديان إلى عيش مشترك يبنى على اسس فكرية متينة وبناء علاقة تقوم على الشفافية الكاملة وعلى المعرفة وصولا الى وحدة وطنية حقيقية ترتكز على اولوية صراع العدو (اسرائيل) باعتباره خطرا وجوديا بكل تجلياته...ومواجهة التحديات التي يواجهها لبنان داخليا وخارجيا وايجاد المناخات السليمة للتفاعل الثقافي والحوار والتنبه الى خطر التسييس الطائفي لهذا التنوع."
وكان "المانيفستو" أو ..الرسالة المفتوحة .. الذي حمل اعلان اهداف الحزب سنة
1985 قد اشتمل على اربعة بنود منها اعلان الحزب " التزامه بحكم الاسلام" وقوله
"اننا مقتنعون بالاسلام عقيدة ونظاما فكرا وحكما وندعو الجميع الى التعرف عليه
والاحتكام الى شريعته كما ندعوهم الى تبنيه والالتزام بتعاليمه على المستوى الفردي
والسياسي والاجتماعي...ومن هنا فاننا ندعو الى اعتماد النظام الاسلامي على قاعدة
الاختيار الحر المباشرمن قبل الناس لا على قاعدة الفرض بالقوة كما يخيل للبعض."
ويقول ابو النصر ان موضوع موقف الحزب "المنادي بان يقرر الشعب ويختار بكامل حريته هذا النظام بالرغم من التزامه بالحكم الاسلامي ...كان ولا يزال مدار تساؤل عما تغير في موقف الحزب الان نظرا للغموض الرسمي بعد اكثر من 17 عاما على صدور لمانيفستو."إلا ان الموضوع الذي يبقى الحزب ثابتا عليه دون اي تعديل هو موقفه من اسرائيل بعد انسحابها من جنوب لبنان عام 2000 ولذا يقول ابو النصر "سنورد حرفيا القسم الذي عالج هذه الناحية في الرسالة المفتوحة تحت عنوان (اسرائيل يجب أن تزول من الوجود).
جاء في القسم ما يلي (أما اسرائيل فنعتبرها راس الحربة الامريكية في عالمنا الاسلامي...وهي عدو غاصب تجب محاربته حتى يعود الحق المغصوب الى اهله...لذلك فان مواجهتنا لهذ الكيان يجب ان تنتهي بازالته من الوجود ومن هنا فاننا لا نعترف باي اتفاق لوقف اطلاق النار ضده او اية اتفاقية هدنة معه او اية معاهدة سلام منفرد او غير منفرد."
ويرى الكاتب ان ظاهرة الحزب فريدة من نوعها الى حد بعيد وان نشاته واكبها كثير من الجدل واللغط. فالطرف المناهض له "وصمه بالارهاب والتعصب الديني والتطرف بينما الطرف الثاني وهو الطرف المؤيد والمدافع عن حزب الله وصفه بالحركة الاسلامية النهضوية المثالية التي باتت نموذجا للحركة الاسلامية الناجحة في كل مكان في العالم العربي والاسلامي."