قاسم سرحان
&
لاشك ان المعارضة العراقية بكل تاريخها الطويل لم تضطرب وتنتفض وتشق الجيوب وتمزق الاردان وتضرب اخماسا باسداس كما هي عليه الان.. معارضتنا العراقية وديعة وهادئة ومطمئنة ..تصدر بيانات& وخطابات جمّة تحدثنا عن تأريخ العالم وتأريخ والانسان وتأريخ الحيوان ..تحدثنا عن امجاد غزاة وطغاة ..تحدثنا عن فنّ تمزيق الارض وقتل الشعب وتشريد الالاف وتجويع وتسقيط كل من يحمل شرفا وطنيا في الداخل والخارج ..معارضتنا تصدر صحفا يومية واسبوعية وشهرية لاصحاب المليارات المهربة من قوت الشعب وعرق الفلاحين والمضطهدين العمال البسطاء ..صحف تنتشرعلى واجهتها الاولى وجوه منتفخة وردية, بقامات فارعة تتزين بارقى الموديلات من البدلات والاحذية الايطالية.. معارضتنا جدا وطنية..تنتشرعلى طول العالم من نهر الكارون الى النيل ومن النيل الى بردى..من بحر الظلمات الى المتوسط& ..معارضتنا تملئ كل فضاء العالم وتمتدّ في كل سماء وترحل مع كل سحابة ..معارضتنا العراقية بركة هذا العالم.. ومطر الصحراء& وملح الارض ..لكنها تستثني من عطفها الالهي هذا شعبا واحدا وارضا وشمسا واحدة ..تستثني ارض بابل وجنائنها وحمورابي ومسلته ..وسومر واكد واشور وحضارتهم ..تستثني ارض علي وكوفته وارض الحسين وثورته نعم معارضتنا ابدا جدا وطنية...
معارضتنا لاتحمل بندقية ولا مسدسا.. خوفا من ان تدخل في قائمة الارهاب الامريكية..معارضتنا لم تقدم شهيدا او قتيلا ..لم تقدم سجينا او اسيرا ..معارضتنا لم يغتصب شرف لها او تنتهك حرمة لها ..معارضتنا لم تعرف جوعا او حاجة ..لمم تتسكع او تهجر او تنفى ..معارضتنا هربت مليارات الفقراء وامست سيدة في كل الدنيا ..معارضتنا تملك كل جناسي هذا العالم ووطنيته وتتحدث كل لغاته الا وطنية العراق ولغته والانتماء اليه.
لابد لنا القول هنا انه لاشرف لمعظم قوى المعارضة العراقية العاملة في الخارج او المنفى الاختياري في ماتدعي من تاريخ نضالي وتصدي ومواجهة النظام العفلقي الجاثم على جسد الشعب العراقي لاكثر من ثلاثين عاما مضت ..هذه المعارضة بكل تاريخها لم ولن تحرر قصبة او قرية عراقية ولا حتى شارع او متر من الارض في العراق..اغلب من يتحدث الان ويدعي ويتزعم المعارضة العراقية قضى عمره في دول الجوار او في الغرب مهتما بشئوون امواله وبنوكه وصفقاته والبعض الاخر كان يعيش على معونات الدول العربية والغربية.. ويكتب المذكرات والقصص والروايات عن تاريخه الماضي التليد ..حين كان الشعب العراقي يمرّ باحرج حقبة دموية في تاريخه الحديث, فمن مجازر ناظم جزار والتصفية الارهابية لمعظم القوى الوطنية الى فاضل البراك الذي لم يقل ارهابا ودمويه عن رفيقه جزار الى الحرب العراقية الايرانية التي اكلت الاخضر واليابس شعبا وثروة الى غزو الكويت وحرب الحلفاء واعادة العراق الى عصور ماقبل التأريخ الى الحصار الظالم المفروض على اطفال العراق وشيوخه .. لم نسمع صوتا او تنديدا او معارضة من قبل هؤلاء الزعماء ...سال لعابهم وانفتخت اوداجهم&& واشرابت عيونهم ومطامحهم وانطلقت صرخاتهم وتوسعت افواههم وقامت قائمتهم بعد ثورة العرب في الجنوب العراقي والفرات الاوسط التي قدم فيها الشيعة العرب اكثر من نصف مليون شهيد واكثرمن ثلاثة مليون مهجر.. اقاموا مؤتمر بيروت والجواهري الكبير يصرخ بينهم حينما كان الشعب العراقي يذبح امام مرأى العالم ومرآهم - امدّ يدي الى من ياخذني الى وطني - لا صوت الجواهري ولا صوت الشعب العراقي ولا دمار الوطن حرك بهم ساكنا وايقظ بهم ضميرا ..منذ ذاك وهم على ماهم عليه من فراق وشقاق وفتنة وتسقيط انفسهم.. بعضهم للبعض الآخر الى ان وصل بهم الامر الى تسقيط الشعب وقواه الثورية وهم الذين لم يعرفوا الشعب ولم يتقربوا اليه منذ ان فارقوا العراق ونهبوا ثروات الوطن والشعب..ابعدوا كل القوى الوطنية العراقية والقادة الفعليين لانتفاضة الشعب العراقي والعاملين على نصرة الشعب والوطن العراق ..وجائوا لنا بمجموعة من العملاء والمرتزقة والمجرمين ومصاصي دماء الشعب ومجموعة التجار من اشباه العراقيين ولا عراقيين ليفرضونهم علينا وعلى الشعب العراقي المظلوم ..الى ان وضح امرهم وانفضح امام الجميع, لتأخذ امريكا زمام الامر وقيادة الشعب العراقي الى ماترغب اليه بعد ان آمنت وتيقنت من ان هؤلاء لايمثلوا الاّ مجموعة من الرعاع والانتهازيين واللصوص المتاجرين بدماء الشعب العراقي ومعاناته ..
انقضت عشر سنوات وهم في حيص وبيص لاشرف ولا وطنية ولا كرامة لهم.. يتاجرون بمآسي اهلنا ..يقدمون ويؤخرون في قضية لم يؤمنوا بها ابدا ولم يعملوا لها اخلاصا ..ملئوا حسابتهم بالدولار والاسترليني باسم العراق والمناضلين الشرفاء ..يطيرون مع كلّ طائر ويسقطون مع كل ساقط ..يمزقوا الوطن ويذبحوا الشعب من اجل مصالحهم ومكاسبهم الدنيئة ..اكثر من اربعة ملائين من العراقيين في المنفى لم يتعرفوا على هؤلاء ولم يسمعوا بهم ولم يلتقوا بهم ..يظهرون على الفضائيات ويتحدثون من المذياع وينشرون بيانات هنا وهناك ..يلتقون بالامريكان والانكليز ويعقدون اتفاقيات ويثبتون قوانين من عندهم ومن اسيادهم بعيدا عن الشعب والوطن العراق..اتى صدام وزمرته الى الحكم في العراق على متن دبابة امريكية ..وهؤلاء سيأتون الى الحكم وفرض ارادتهم على الشعب المظلوم على طائرة الشبح الامريكي والبوارج والجيوش الامريكية& ..اكثر من ستة اشهر مضت وهم يتصارعون فيما بينهم على من سيستأسد على العراق وشعبه ويقمعه مرة اخرى ..لاشرف ولا ضمير لهم غير تحقيق مآربهم على حساب اهلنا في العراق ..انتهى وسقط مؤتمر بروكسل المزمع عقده ..وسيسقط مؤتمر لندن والناعقين خلفه, طالما ان الارادة الوطنية الجماهيرية العراقية والقادة الفعليين مغيبين عنه ..
كلّ يوم يظهر لنا قائد جديد وزعيم جديد وكأننا من سكان القمر ولا نعرف اهلنا وشعبنا وتأريخ نضالنا وتضحياتنا ومواجهتنا مع النظام البعثي الساقط ..الكل امسى وطنيا وشريفا.. من العراقي الغارق في حضن الموساد والسي آي اي.. الى اللصوص وسرقة قوت الشعب.. الى بعض مراكز المرجعيات التي هربت& المليارات من اموال الزكاة والخمس الى الغرب باسم المرجعية والتي شاركت في قتل الامام الشهيد محمد باقر الصدر..الى الغزاة واللاوطنيين الذين قدموا من كل اصقاع الارض من احفاد الساسانيين واحفاد تيمورلنك والسفاح بدرخان.. الى العراقيين الانجلوامريكيين ..الكل يريد الان ان يثبت نفسه وحكمه وتأريخه المنحط على حساب المعذبين والمقهورين من ابناء شعبنا الجريح ..يطالبون الان بتكوين حكومة انتقالية في المنفى لتنتقل مع الهجوم الامريكي الى العراق ..يطالبوننا ان نعترف ونقرّ بفرض ديكتاتورية ونظام قمعي جديد باشراف اسيادهم الامريكان بعيدا عن رأي الشعب وقادة الشعب ومناضلي الشعب العراقي الحقيقيين ..هؤلاء يملكون الاموال ويملكون تأريخا عظيما من النصب وامتصاص دماء الشعوب ..ونحن العراقيين ابناء النهرين لانملك الاّ الحب الوطني وعشق الارض والشعب ..لانملك الاّ الغربة والمنفى والمأساة التي الّمت بنا بسبب صدام وهؤلاء ..لانملك الاّ كلمة وشعبا منفيا وشعبا في الداخل يحتضر..لانملك الاّ بندقية وثورة ستنطلق يوجه هؤلاء المرتزقة والعملاء ..كل من هؤلاء يدرك ان الشعب وقواه الحية لم تمت بعد وان الغضب العراقي والبركان العراقي سينفجر قريبا ليسحق كل المأجوريين والجبناء والشوفينيين والمرضى والمجانين من حثالات الشعب وممن يريد ان ينتسب اليه مؤخرا ..
نقولها لكل هؤلاء عليهم ان يعرفوا بانه لاشرف لهم فيما يدعى ا لمعارضة العراقية ..التغيير القادم امريكي رغما عن انف المعارضة العراقية الوطنية وغير الوطنية.. السوقية او التجارية اوالمستوردة ..الشعب العراقي لاينظر الى اجتماعاتكم ولا الى بنودكم وبياناتكم وقراراتكم ..بقدر ماينظر الى القرار الامريكي والتحرك الامريكي الذي انتم ساهمتم في اثباته ودعمه.. ومن ثمّ تسقيط الشعب العراقي وقواه الحية ..نحن كعراقيين لانحتاج منكم الى حكومة مؤقتة ولا الى حكومة دائمة ..فقط عليكم ان تتنحوا قليلا عن الشعب العراقي الذي انتم شاركتم في قمعه وارهابه وتسقيطه وذبحه ..فقط تنحوا عن العراق وشعبه ..واتركوا القرار للشعب العراقي وحده .