أثارت البقعة النفطية التي امتدت في غاليسيا بعد انشطار ناقلة النفط "بريستيج" الثلاثاء وتسرب عشرة آلاف طن على الأقل من الوقود منها، حالة استنفار على طول الساحل الأطلسي الأوروبي، حيث تخشى فرنسا والبرتغال من انعكاس أثار هذه الكارثة البيئية عليهما.
&وفي حين شكلت السلطات البرتغالية خلية ازمة ووضعت خطط تنظيف يمكن تطبيقها عند الحاجة، اعلنت وزيرة البيئة الفرنسية روزلين باشلو امس الجمعة ان مخاطر تلوث السواحل الفرنسية "مرتفعة جدا".
&فالتيارات البحرية والرياح الجنوبية الغربية تدفع منذ بضعة ايام البقعة النفطية نحو سواحل غاليسيا بسرعة 4 كلم في اليوم، بحسب قياسات اجراها البروفسور غابريال روسون، عالم فيزياء المحيطات في فيغو.
&ويجنب الاتجاه الحالي للرياح في الوقت الحاضر السواحل البرتغالية التي تبعد اكثر من مئة ميل بحري (185 كلم) عن البقعة النفطية، بحسب رئيس دائرة البحار في شمال البرتغال تافاريس ميريليس، غير انه قد يهدد على المدى البعيد السواحل الفرنسية.
&وغطت البقعة النفطية بشكل متقطع 400 كلم تقريبا من سواحل غاليسيا الصخرية. والضحايا الاولى لهذه الكارثة البيئية هي الطيور التي يعثر متطوعو منظمات حماية البيئة على العشرات منها يوميا جاثمة تحت بطبقة كثيفة من الوحل الاسود السام.
&ومنع صيد السمك الذي يشكل المورد الاقتصادي الرئيسي في غاليسيا على القسم الغربي من سواحل المنطقة، على طول 250 كلم بين رأس بريورينو شمال كورونيا، وريبيرا، وذلك في ذروة موسم ثمار البحر والاسماك مع اقتراب فترة اعياد الميلاد وراس السنة.
&وتؤثر اضرار البقعة النفطية على 2500 سفينة وزورق وستة الاف صياد سمك في غاليسيا بحسب الحكومة الاسبانية. وقدرت السلطات ب43 مليون يورو حجم الاضرار الناتجة عن الكارثة، واتخذت اجراءات عاجلة للتعويض عن الربح الفائت في هذا القطاع الاقتصادي.
&وقد حال الطقس العاصف احيانا دون خروج عدد كبير من سفن مكافحة التلوث من المرافئ. غير ان عدم التنسيق مع السلطات من اجل نقل المعدات الضرورية او نشر حواجز تمنع امتداد البقعة الى مناطق جديدة زاد من صعوبة اعمال التنظيف واثار في بعض الاحيان استياء السكان.
&وتقدر مدريد كمية الوقود التي تسربت من سفينة "بريستيج" ب10 الى 11 الف طن على دفعتين.
&غير ان منظمتي "غرينبيس" و"ناشطو حماية البيئة" تقدران الكمية بعشرين الف طن، وهو من الوقود الثقيل الذي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت مثل الوقود الذي تسرب من الناقلة اريكا واثار في 1999-2000 كارثة بيئية مماثلة في منطقة بريتاني غرب فرنسا.
&كذلك تختلف الاراء بشأن وضع هيكل الناقلة التي ترقد على عمق 3500 كلم في عمق البحر، على مسافة حوالي 260 كلم غرب ساحل غاليسيا. وتعتبر مدريد ان الوقود الذي ما زال مخزنا فيها ويقارب 66 مليون طن قد تجمد، باستثناء كمية تسربت حين انشطرت الناقلة الثلاثاء قبل ان تغرق. غير ان البقعة النفطية التي ظهرت في هذا القطاع تبعث مخاوف من تسرب الوقود الى سطح المياه.
&واقترحت فرنسا على اسبانيا ارسال الغواصة الصغيرة "نوتيل" لتفحص هيكل الناقلة بهدف التحقق مما اذا كان الوقود يواصل تسربه من السفينة.
&وحركت هذه الكارثة البيئية الجديدة الجدل حول امن البحار والمسؤوليات في حال الغرق.
&وتعتبر الناقلة بريستيج مثالا نموذجيا في هذا الصدد. فهي ناقلة نفط ليبيرية بنيت عام 1976 وترفع علم الباهاماس، تتم ادارتها من اليونان وتنقل وقودا ثقيلا لحساب شركة روسية وتبحر بطاقم افراده يونانيون ورومانيون وفيليبينيون.
&وسبق ان اتهمت هذه الناقلة مرتين بمخالفة القواعد الامنية. وكانت خلال ابحارها الاخير تقوم برحلة بين ريغا (لاتفيا) وسنغافورة عبر مضيق جبل طارق.
&وطالب رئيس الوزراء الاسباني خوسيه ماريا اثنار والرئيس الفرنسي جاك شيراك بان يبحث الاتحاد الاوروبي في قمته المقبلة في منتصف كانون الاول/ديسمبر المقبل في كوبنهاغن في اجراءات عاجلة من اجل تعزيز امن البحار ورفع قدرة الدول الخمس عشرة على مواجهة مثل هذه الكوارث.
&كما سيدرج هذا الموضوع على جدول اعمال القمة السنوية الفرنسية-الاسبانية التي تعقد الثلاثاء في ملقة (جنوب اسبانيا).