طهران- لوران لوزانو: اشتدت المواجهة السياسية بين المحافظين والاصلاحيين في ايران، فانتقلت من مجلس الشورى الى الشارع حيث تصلب كل من الطرفين في مواقفه.
وشهدت المواجهة تصعيدا في 17 تشرين الثاني/نوفمبر عندما هاجم متطرفون اسلاميون احدى قاعات المحاضرات في جامعة طهران حيث كان حوالي 600 طالب يستمعون الى كلمة تاييد للمثقف والاستاذ الجامعي هاشم اغاجاري الذي صدر بحقه حكم اعدام بتهمة "الاساءة الى الانبياء".
ومنذ صدور هذا الحكم، تدور مواجهات بين الطلاب والمتطرفين الذين اعتبروا ان المحتجين "شتموا" المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي. وقد تعزز موقفهم بعد ان هدد هذا الاخير باللجوء الى "قوة الشعب" اذا شهدت البلاد ازمة.
وهاجم عناصر الميليشيا الاسلامية امس الجمعة تجمعا شارك فيه الاف المعارضين لحكم الاعدام تلبية لدعوة شبكات تلفزيونية فضائية مقرها خارج ايران. ونظمت التجمعات في جميع انحاء ايران احياء لذكرى داريوش وبراونة فوروهار، المعارضين اللذين قتلهما في 1998 عناصر من اجهزة الاستخبارات الايرانية.
فمنذ صدور حكم الاعدام في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر، انتقلت حركة الاحتجاج من مجلس الشورى حيث انتشرت بين النواب الاصلاحيين الذين يشكلون غالبية نيابية، الى الشارع حيث اثارت اضخم تظاهرات منذ تلك التي قام بها الطلاب في تموز/يوليو 1999 وقمعتها الشرطة والميليشيا الاسلامية بعنف.
واعتبر دبلوماسي اجنبي طلب عدم ذكر هويته ان "حكم الاعدام على اغاجاري كان المحفز. فقد انتقلنا بصورة موقتة على الاقل في انتظار عودة مشروعي القانونين اللذين اقترحهما (الرئيس محمد) خاتمي امام النواب، من الجدل النيابي الى حركة مطالبة اشمل".
&ويهدف مشروعا القانونين الى الحد من هيمنة المحافظين على السلطة. وقد تبلورت حولهما منذ الصيف المواجهة الدائرة بين المعسكرين.
غير ان الطلاب الذين يدينون "طالبان من كابول الى طهران" وسعوا مطالبهم ويدعون محمد خاتمي الى الاستقالة، باتت مطالبهم اكبر. ويهتف الطلاب ان "الضرب بالعصي والاعدامات لم تعد تخيفنا" مؤكدين انه "لا خيار لايران سوى الحرية" وانهم "مستعدون للثورة".
وردد المتجمعون امس الجمعة "استفتاء استفتاء". وهدد رئيس الحزب الاصلاحي الرئيسي محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس بدوره بالمطالبة باجراء استفتاء اذا ما تم رفض مشروعي القانونين. وقد تحدث عن احتمال استقالة الرئيس الايراني. واذا كان مجلس الشورى الايراني قد اقر النصين، فان الهيئات التحكيمية العليا في ايران التي يسيطر عليها المحافظون قد ترفضهما.
وفي محاولة لحلحلة الازمة، امر المرشد الاعلى للجمهورية القضاء المحافظ والمتشدد بمراجعة حكم الاعدام الصادر في حق اغاجاري. غير انه حذر في الوقت نفسه الطلاب من ان تحركهم سيكون مصيره الفشل لانه تحرك مجموعة "مشاغبين". واتهم خامنئي "اعداء الثورة" بالوقوف خلف تلك التظاهرات.
وتجمع امس مئات الآلاف من المصلين للاستماع الى خامنئي يلقي خطبة الجمعة، في حين جمع الطلاب خمسة الاف متظاهر في استعراض قوة يفترض من غير المتوقع ان يكون الاخير من نوعه. وسيخصص الاسبوع الذي بدأ في ايران لتكريم الميليشيا الاسلامية حيث سيستقبل المرشد الاعلى للجمهورية ممثلين عنها.
وقد اعلنت الميليشيا تنظيم تظاهرات يفوق عدد المشاركين فيها خمسة ملايين شخص بمناسبة يوم الاحتجاج على "احتلال القدس" في 29 تشرين الثاني/نوفمبر. ودعا الطلاب من جهتهم الى تظاهرات جديدة غدا الاحد، مما قد يعرضهم لهجمات جديدة. وقد دعاهم العديد من القادة الاصلاحيين الذين ساورهم القلق الى الحد من حركتهم.
وكتب رئيس تحرير صحيفة "كيهان" حسين شريعتمداري (محافظ متطرف) اليوم انه بات "واضحا الان انه سيتحتم من اجل وضع حد لازمات مماثلة، تطهير وزارة العلوم (المشرفة على التعليم العالي) والجامعات من الاعداء عناصر الطابور الخامس ومن جميع الافراد ذوي الماضي الغامض".