&
لظرف صحي لم أتمكن من حضور احتفاء الشيخ عثمان الصالح بالأمير الوليد بن طلال في أثينيته المعتادة لكني قرأت تغطيتها الصحفية بعناية لأن الأمير الوليد كعادته مارس هواية "الخروج عن النص" التي نحتاجها في هذه المرحلة والتي لها تسمية أخرى تدعى (الشفافية).. إنه وسط هذا الازدحام الهائل من الآراء والاتهامات والتباين ومحاولات خلق تيارات غير صحية تقود المجتمع أو تؤثر فيه في ظرف دولي بكل تفرعاته السياسية والاقتصادية والعسكرية يكاد يتم تعميم خلط عبثي على خارطة العالم يستأثر به من هو الأقوى ومن هو أيضا المعزول في الوقت نفسه عن مصادر الضرر بدءاً بضرب الكفاءات العسكرية والاقتصادية وانتهاءً بفرض وجوه وجاهات عربية أو إسلامية صغيرة قد ينصب فيها من لا يستطيع مكاناً وعلماً وقدرة عسكرية واقتصادية على ملء فصول مدرسة ابتدائية وقد يلحق الظلم بمجتمعات إسلامية أو عربية كبيرة لم تلتفت لظروف ذاتها ولكنها ركبت موجة ابتداع التيارات المتصارعة لتؤخذ وهي تكيد لبعضها قبل أن تنال من هو بعيد عنها بأي ضرر.. الشفافية مطلوبة لأننا نملك وطناً ثميناً من العبث التلاعب بقدراته وإهدار ما هو معروف من أهميته حيث لا تستطيع أي دولة أن تدعي زعامة إسلامية وهي تفتقد المسجدين التاريخيين في مكة والمدينة ولا تستطيع أي دولة في محيط العالم الثالث أن تدعي قدرة في التخاطب بكفاءة مع المستقبل لأنها لا تملك مخزون وقود لا يستطيع العالم أن يستغني عنه في أمد قصير وفي الوقت ذاته مجموع سكاني مناسب وسط امتداد جغرافي مرموق. هذه الأهميات هي التي يجب أن نلتقي خلف شعار المحافظة عليها وحمايتها بوحدة المجتمع الواحد وبصراحة العقل اللماح الناقد.. الجانب الإنساني الذي تطرق له الأمير الوليد بن طلال ليس بالجديد في المعلومات عن حجم مساهماته فيه لكن الأرقام التي وردت وتحتسب بمئات الآلاف من المواطنين المستفيدين من تلك المساهمات بشكل مبرمج ومنظم ومتعدد المواقع والأغراض هو دون شك قدوة يجب أن تحتذيها الرأسماليات الأخرى خصوصاً وأن أساليب دفع الاحسان القديم مع توسع المجتمع وتكاثر سكانه لم تعد تلبي الاحتياجات الملحة لفئات من المجتمع تجد هذه الفئات من المملكة القابضة فرص المعونات والتعليم والعلاج مع مشاريع مرادفة تعتني بهذه الأغراض.. العمل الخيري في المنظور الحديث هو ممارسة اجتماعية وطنية دون مقابل ترتفع عن محاولات البعض تقليل رؤوس الأموال العاملة كي يقل مدفوع الزكاة وفي ذلك مخالفة إسلامية في الدرجة الأولى.. أعجبني أن يشير علانية وبصراحة إلى أن المملكة ليست بلداً زراعياً ولن تكون كذلك بل إن مهمة الحصول على الماء لري البشر باتت تأخذ أولوية قصوى على مهمة توفيره لري الشجر.. لقد تحدث الأمير الوليد عن أذرع طويلة امتدت من المملكة القابضة كي تعين الفلسطينيين بشكل يفوق ما تقدمه بعض الحكومات وهو ذاته قصور بعض الحكومات الذي تفوقت فيه المملكة القابضة في ميدان الإعلام السياسي وقد أشار إلى مبلغ المئتي مليون دولار الذي يرصده اللوبي الصهيوني وهو مبلغ ليس بالكبير لو تضافرت جهود الرأسماليات العربية لرصده وهو بهذه الإشارة يفتح بوابة الجهود لتتلاقى في سبيل خلق حضور عربي إعلامي نافع..