عبد الله يعزي عشائر النوابسة
لندن- ايلاف: لوحظ انه فضلا عن ان السلطات الرسمية في عديد من البلدان العربية دأبت في الاوان الأخير على اتهام مرتكبي بعض الافعال "الارهابية" او الاستفزازية بالجنون والمرض النفسي والاختلال العقلي، فانه لوحظ ان بياناتها الرسمية تبدأ بتقليل شأن الحدث حتى يبدأ بالتدحرج مثل كرة الثلج تكبر باستمرار.
وحين يذوب الثلج "يتكشف ما تحته" من معلومات لا يمكن تجاوزها او نفيها، وساعتها تجد السلطات الرسمية في مأزق اعلامي وسياسي كبير امام الرأي العام، لتبدأ مهمة الدفاع من الداخل عن ذاتها حيث يكون الحدث اتسع ولا مجال لتطويقه.
ويرى المراقب الاعلامي للحدث العربي ان ما حدث في الكلام الكويتي عن خالد مسير الشمري الذي اطلق النار على الجنديين الاميركيين بانه مختل عقلي ومن قبله الجندي الدقامسه في الاردن وهو الذي اطلق النار على الطالبات الاسرائيليات قبل اعوام، ومما صدر من بيانات في السعودية او اليمن او مصر عن مرتكبي بعض الافعال والاتهامات الموجهة اليهم في حالهم الصحي.
فأن المراقب نفسه توقف عند بيانين رسميين صدرا في عمان ليل الاحد ـ الاثنين عن تجدد الاحداث في معان، والبيان النظير الذي صدر عن الداخلية الاماراتية قبل اربعة ايام عن اطلاق النار في مطار الفجيرة.
البيان الرسمي الاردني قال ان تجدد الاشتباكات في مدينة معان الجنوبية التي مصادمات دامية في الاسابيع الاخيرة ان "فتاشا اطلقه احد الصبية ادى الى مناوشات بين المواطنين ورجال الشرطة وان احد المواطنين توفي فيما اصيب آخرون من جراء ذلك".
ولكن تبين في الأخير ان الرواية الرسمية شيء وما تناقلته الصحف الاردنية او وكالات الانباء شيء آخر.
فتجدد الاشتباكات اندلع ، حسب المعلومات من معان، بعد صلاة التراويح ليل الاحد، حينما قام غاضبون بالقاء حجارة ضد قوات لواء الامن العام الذي ظل يجوب شوارع معان من بعد انسحاب الجيش منها.
ودار صدام بين المواطنين وغالبهم من الشباب وقوات الامن الامر الذي نجم عنه مقتل مواطن، وجرح العديد ومنهم رجل شرطة. وقال البيان الرسمي انه تم فرض حظر التجول حيث تم تطويق الحادث.
والواضح ان ما يجري في معان ليس ما يشير اليه البيان الرسمي القليل الكلمات المخفف اللهجة، فالتطورات لا تزال قائمة في المدينة على سخونتها سيما وان حملة مطاردة "زعيم العصابة المتشددة محمد الشلبي آل خطاب (ابو سياف) لا تزال مستمرة في جبال وادي رم".
هذا اضافة الى ان بعض جرحى حادث ليل الاحد من اقارب ابو سياف او من اقارب المعتقل بتهمة تجارة السلاح عصري كريشان، هنا يبدو ان الافعال الثأرية قائمة على قدم وساق.
اما فيما يتعلق بحادث الفجيرة، فان بيان وزارة الداخلية الاماراتية اختصر الأمر بالقول "ان مواطنا يعمل في جهاز جمارك مطار الفجيرة حاول الدخول الى منطقة محظورة ولكن حين منعته الشرطة فانه بادر الى اطلاق النار نحوها وهي بادرت في الرد على الفور واصيب المواطن حيث نقل الى المستشفى".
واكتفت جميع وسائل الاعلام الاماراتية الرسمية منها والشعبية بنشر البيان من دون زيادة او نقصان اللهم الا ان بعضها نشر اسم الموظف وهو محمد عبدالله العبدولي.
ولكن تبين في الأخير ان الموظف العبدولي حسب وكالات الانباء "اقتحم مطار الفجيرة واطلق زخات من الرصاص نحو طائرة شحن عسكرية اميركية تربض في المطار الذي تبين انه مركزا للعمليات اللوجستية للجيش الاميركي في المنطقة".
ولولا كلام متحدث باسم السفارة الاميركية في ابوظبي عن الحادث لظل مجمل الامر غامضا ولظل العبدولي صاحب الجراح الخطيرة في رقبته غامضا الى حين بعيد.
تصريح المتحدث الاميركي كشف ان السلطات الاميركية تنتظر نتائج تحقيقات السلطات الاماراتية في حادث الهجوم، هذه الأخيرة عادت الى القول بعد يومين "التحقيقات مع المهاجم العبدولي ستبدأ حال شفائه".
وهنا يبدو ان حالة العبدولي الصحية خطيرة، وانها ليست اصابة طفيفة لحقت به كما قال البيان الاول، فالبيان الاماراتي جاء بالمعلومات على طريقة "حبة حبة" وهو امر في العرف الاعلامي والسياسي ذا مخاطر على الدولة مصدرة البيان وكان عليها ان تتعامل مع الحدث بمكاشفة كاملة ومعلومات صريحة.
وأخيرا، فان المراقبين الذين يتابعون التطورات في المنطقة العربية يشيرون الى انه على الرغم من انتشار الفضائيات العربية والتطورات المذهلة في عالم الطريق السريع للمعلومات عبر شبكة (انترنت) فان المسؤولين عن الاعلام العربي سواء كانوا من اجهزة الامن او الاعلاميين انفسهم ، فانهم لا يدركون ان النتائج السلبية في اخفاء نصف الحقيقة او كلها ستكون كارثية على صدقية القيادات السياسية ذاتها امام شعوبها وامام الآخرين سواء بسواء.