فيما أمضت الأميرة هيفاء الفيصل زوجة السفير السعودي في الولايات المتحدة طوال أمس الأول الاثنين في نفي أي صلة لها بتقديم أي دعم لأي عناصر متهمة بالارهاب، واصلت جهات غامضة في واشنطن حملة تغذية وسائل الاعلام بالمزيد من التسريبات مثلما جاء في اداء المحامي جان ـ تشارلز بريسار الذي يقود التحقيق الذي تجريه عائلات ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر، ان للأميرة هيفاء من 1988 عنوان شقة في واشنطن سكنها في 1997 سعودي اسمه منصور مجيب. وقد يكون هذا الاخير انتقل في يوليو 2001 الى مدينة ديربورن بولاية ميشغان مع ثلاثة أعضاء مفترضين في خلية ارهابية نائمة اعتقلوا في أواخر سبتمبر 2001 ووجهت اليهم تهمة الاشتراك في الارهاب. وقالت المتحدثة باسم الاميرة التي لم تقبل الكشف عن هويتها ان الاميرة هيفاء تنفي نفيا قاطعا ان تكون تملكت أو استأجرت مثل تلك الشقة. كما اكدت المتحدثة ايضا ان الاميرة هيفاء الفيصل لا تعرف المدعو منصور مجيب.
لكن نفي الأميرة لم يطفىء النار الملتهبة في واشنطن بصورة متعمدة ضد السعودية، مثلما لم تطفئها التصريحات الصادرة عن البيت الابيض ووزارة الخارجية التي اشادت بالجهد السعودي في الحرب ضد الارهاب. فما الذي يجري داخل حزام العاصمة الامريكية الذي لا يختبىء داخله سر كما يحلو للبعض القول.
المعلومات المتوفرة تقول ان الجناح المتشدد داخل الادارة وفي الكونغرس يبدو على وشك البدء في «حرب تصفية» ضد ما اصطلح على تسميته داخل هذه المجموعة بـ «الحلقة الحجازية» أو بالأحرى «الحلقة الحضرمية». ويعتقد هذا الجناح ان منظمة القاعدة قد شكلت وترعرعت امام اعين جهاز المخابرات السعودية وبدعم مالي واضح ومستمر من رجال اعمال معظمهم من اثرياء الحجاز وعلى وجه التحديد اولئك المنحدرون من اصل حضرمي، مثلما ان جهاز الاستخبارات السعودي تحت قيادة الأمير تركي بن فيصل قد استعان في الكثير من عملياته الخارجية بعناصر تنحدر من نفس الاصول الجهوية.
ويرى هذا الجناح ان هناك علاقات تاريخية تربط بين اسرة بن لادن والملك الراحل فيصل ومن بعده ابنائه، ولعل هذا سر الاتهامات التي يروجها هذا الجناح ضد الأمير تركي بن فيصل بالتحديد، وسر طلب التعويض منه ومن الأمير عبدالله الفيصل في قضية التعويضات الخيالية. ويروج هذا الجناح لرواية تقول ان اسامة بن لادن نفسه كان حلقة الوصل بين تركي بن فيصل وطالبان في المراحل الأولى من ظهور طالبان.
ويرى بعض المراقبين في واشنطن أن تسريبات الاتهامات الموجهة ضد الأميرة هيفاء تحاول أن تبين هذه العلاقة، وأنها قد تكون ضحية انتمائها الى الفرع الفيصلي من آل سعود.
ويروج هذا الجناح الى سيناريو جديد يتم بموجبه الإعلان عن أسماء قائمة سوداء من رجال أعمال سعوديين متهمين بأنهم الشبكة المالية لبن لادن. وفيما تقول تسريبات واشنطن بوست إنها تضم سبعة سعوديين ومصريا وباكستانيا، تقول شبكة «أي. بي. سي» إنهم أربعة عشر شخصا. بينما تروج تسريبات أخرى أنها تضم بعض الأمراء.
ووفقا لهذا السيناريو فإن واشنطن ستوفد مبعوثا رفيعا للرياض يحمل إنذارا بموعد زمني للتحقيق والتصرف مع هؤلاء الأشخاص وإلا ستقدم واشنطن على اتخاذ إجراءات بشكل منفرد. وسيمنح هذا السيناريو الرياض مهلة 90 يوما لتقصي أموال الإرهاب والتحرك ضد المشتبه بهم والا ستتولى واشنطن التعامل المباشر مع المشكلة!
ولم توضح «واشنطن بوست» التي نشرت هذا الخبر عن فريق عمل من مجلس الامن القومي الامريكي كيفية التصرف المباشر من الولايات المتحدة في هذه الحالة.
يبدو ان الجهود لفتح الملف السعودي تحقق بعض النجاح. وأن الطامحين لتغيير قواعد اللعبة بين الحليفين التاريخيين قد تجاوزوا الخطوط الحمراء. وعلى حد تعبير دبلوماسي أمريكي عمل فترة طويلة في منطقة الخليج أن تشجيع بعض المحامين لزج أسماء في قضية التعويض أمثال سلطان و نايف بن عبدالعزيز، وعبدالله وتركي الفيصل هو تجاوز للخطوط الحمراء. أما الزج باسم الأميرة هيفاء فإنه خروج عن قواعد اللياقة، وسفه سياسي ينبىء عن دخولنا مرحلة تصفية حسابات يقف وراءها أكثر من أجهزة الأمن الأمريكية، وما نراه قد يكون فقط قمة جبل الجليد.