سكينة اللعكري تصاعد جدل واسع كبير بين الاوساط النسائية حول جدلية قانون الاحوال الشخصية وآليته، وبات الامر يترنح ما بين جدل مقنن من خلال الجمعيات النسائية، وما بين جدل عشوائي غير مقنن من خلال عامة النساء البحرينيات، مطالبات بوجود قانون للاحوال الشخصية، وما احوج المرأة البحرينية لوجود مثل هذا القانون، حيث من خلاله تستطيع المرأة تنظيم حياتها، وعلاقاتها الاسرية، فقد باتت المرأة البحرينية تدفع الثمن باهضا من جراء عدم وجود قانون مقنن للاحوال الشخصية. كما تؤكد المرأة البحرينية علي وجود قانون ينص علي مبدأ المساواة بينها وبين اخيها الرجل في الاجر، وفي تبوأ الوظيفة المؤهلة لها بعيدا عن اي تفرقة بسبب الجنس، وفي ذلك طرقت المرأة البحرينية جميع ميادين العمل المختلفة، واستكمالا لهذه الحقوق كان لا بد من وجود قانون للاحوال الشخصية وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية المصدر الاساسي للتشريع الذي يضمن للمرأة حقها ويصونها. وقد اخذت لجنة العريضة النسائية علي عاتقها مهمة المرافعة في ايجاد قانون للاحوال الشخصية، وقد اكدوا علي مطالبهن من خلال الاعتصامات في ساحة وزارة العدل، علي اهمية تضافر الجهود، من أجل ايجاد قانون موحد للاحوال الشخصية، والدفع بتفعيل قانون المرافعات الشرعية، فضلا عن المطالبة بقضاة شباب، في حين بدت مطالب البعض مختلفة تماما وعلي النقيض حيث طالبوا بأهمية تطوير القضاء الشرعي، وعدم إلغائه، وعدم تطبيق قانون موحد للاحوال الشخصية وقد اكدوا علي ضرورة وجود قانون للاحوال الشخصية غير موحد وانما قانون خاص بالمذهب الجعفري وقانون آخر خاص بالمذهب السني نظرا للاختلافات في الاحكام الشريعية ولاختلاف المذاهب مما قد يمنع حدوث مشاكل في المدي البعيد من تطبيقه، كما اكدوا علي ايقاف محاولات اقصاء الشريعة الاسلامية، وبرروا ذلك بأنه ليس دفاعا عن القضاة وانما حفاظا علي سير العدالة، واكدوا علي وجهة نظرهم حول اعادة صياغة قانون الاحوال الشخصية الذي سيفرغ من محتواه روح الشريعة السمحاء، حيث اشاروا الي ان محاولة القضاء علي التشريع الاسلامي المقنن الي قانون وضعي بصياغة علمانية ويمثل خطورة بالغة الاهمية بالنسبة للقانون. في الوقت التي تبنت فيه جمعية النهضة النسائية اهمية اصدار قانون للاحوال الشخصية فقد ارتأت اصدار قانون للاحوال الشخصية موحد للمذهب السني والجعفري، بغرض الابتعاد عن الشقاق والتفتيت، ويتضح ذلك بجلاء من خلال جهودهم المستمرة والمتواصلة مع الجمعيات النسائية حيث تم مؤخرا اصدار بيانية خاصة بقانون الاحوال الشخصية، واود ان اشيد بالجهد الذي قامت بها الجمعية، ولكن اود بالمناسبة ان اقترح اهمية عرض هذا الامر علي مشايخنا العلماء والمجتهدين حيث يجب عدم تهميش دورهم المعطاء في هذا الامر، بالاضافة الي عرضه علي ذوي الاختصاص من محامين وقضاة وما الي ذلك، وكما تم التقارب الاسلامي المسيحي الذي استضافته البحرين في الفترة ما بين 28 - 30 اكتوبر حيث اغتنمت الاخوات فرصة وجود مثل هذا المؤتمر، ليتم عرض المطالب الرئيسية للجنة المشهرة حديثا، وذلك بعد تصاعد تظلمات المطلقات من الاحكام الشرعية في المحكمتين السنية والجعفرية. وقد اكدوا المشاريخ التي تم الالتقاء بهم علي ان المطالب التي جاءت بها لجنة العريضة مطالب شرعية، ولا تخالف حدود الشرع، او الحقوق الانسانية كما تعاطف المشاركون مع ما تعانيه المرأة البحرينية موضحين ان الخلل لا يكمن في الشريعة الاسلامية، وانما فيمن يطبقها. وتنبع ضرورة وجود قانون للاحوال الشخصية من حقيقة هامة وهي ان المؤسسة العائلية او الزوجية هي من اهم المؤسسات، بل واخطرها في اي مجتمع من المجتمعات البشرية، وهي في حقيقتها القانونية شراكة تقوم علي تعاقد بين طرفين تقتضي في هذه الحال ان يكون لها قانون مدون ينشأ من هذه الشراكة، ويضع شروط عقدها، وشروط حلها، ويحفظ حق كل طرف فيها، ويفرض علي كل طرف الالتزام بشروط التعاقد بقوة القانون،لا بمنطق الاجتهاد الشخصي الذي يكون معرضا بالضرورة لاحتمالات الخطأ والصواب، وفي واقع حياتنا نعرف ان المرأة هي اكثر طرفي هذا التعاقد عرضة للغبن، وضحية لغياب مثل هذا القانون. من هنا فان المطالبة بقانون الاحوال الشخصية بات في غاية الاهمية لانه سيحقق للمرأة مكاسب جديدة تحسب لصالحها سواء في الحقوق في الزواج ومعلقاته والفقه والطاعة والطلاق والحضانة والنسب والميراث وغيرها من الجوانب الهامة التي سيشملها القانون من غير التباسات وببنود واضحة محددة غير مائعة. وحول اهمية وجود قانون للاحوال الشخصية فان الحقائق تشير الي انه في ظل وجود قانون للاحوال الشخصية فانه من دون شك سيخرج القضاء من دائرة الاختلافات في الفصل في القضية الواحدة، وبالتالي سيفعل من عمله، ويسهله اذ سيكون الفصل في القضايا واضحا سواء للقاضي، او المفتش القضائي، او المتقاضين انفسهم، وهذا بدوره سيبعكس ايجابيا علي سرعة اصدار الاحكام، وعدم تفرع القضية الواحدة، وتقارب تطبيق الاحكام علي الناس كافة، وبالتالي معرفتهم المسبقة بالقانون، وتطبيقاته اي واجباتهم وحقوقهم. اود ان اشير الي ان تخلف الوحدة القانونية باصدار التشريعات الكبري الخاصة بحياة الانسان واحواله الشخصية باشواط عدة عن روح العصر انعكس بدوره علي استفحال القضايا الخلافية التي يعاني منها المجتمع كما علي عمل القضاء وتعددية الآراء فيه. نحن نؤكد من خلال الاجتهادات ومن خلال تكاتف الجهود وتضافرها لايجاد حلول مناسبة، وعصرية للقضايا، والمشكلات الاجتماعية المستفحلة التي تلم بالاسرة البحرينية وتصيبها في صميمها، ونؤكد علي اهمية وجود تشريعات اكثر مرونة تتلاءم مع متغيرات ومعطيات العصر من جيل الي آخر، ومن مذهب الي مذهب آخر ومن ابرزها ايجاد قانون للاحوال الشخصية احدهما خاص بالمذهب السني والآخر خاص بالمذهب الجعفري وهذا ما اشار اليه بعض العلماء البحرينيين، لان عدم الالتزام بالمذاهب في بلد يسودها تعددية المذاهب قد يؤدي الي خلق مشاكل علي المدي البعيد وتعقيداتها، ونحن بصدد ايجاد حلول ومقترحات بناءة ذات غرض يساعد علي حل المشاكل، وتقليصها وليس اتساع دائرتها كما ان عدم التمسك بتعددية المذاهب يعتبر قتلا للشريعة الاسلامية وهضما لحقوق الناس. لذلك تنبع ضرورة ايجاد قوانين احكام قوانين احكام وقواعد، ومسائل الاحوال الشخصية علي اسس مصادر التشريع، وصياغة القانون، ودراسة مشروع قانون الاحوال الشخصية دراسة منهجية، وبيان اوجه القوة والضعف فيه، ومقابلته بالتشريعات الخليجية في تقنين احكام الاحوال الشخصية، ومواد القانون المتعلقة بالاسرة كذلك لا بد من الاشارة الي اهمية ايجاد اجراءات التقاضي امام محاكم الاحوال الشخصية، ومدي وجود حاجة الي تشريع اجرائي لا يكتفي بنظم المرافعات العامة، وضرورة تبسيط اجراءات التقاضي، وسرعتها، ووجوب اعداد قضاة مختصين في مسائل الطعن في الطلاق، وسرعة الفصل في هذه القضايا، ومدي جواز النص في اجراءات التقاضي بعدم القبول الدعوي الا بعد عرض النزاع علي لجان التوجيه الاسري. هذا العرض السريع لقانون الاحوال الشخصية يبين لنا مدي اهمية هذا القانون الذي يمتاز بتنظيم العلاقة بين الزوجين والابناء، فما احوج المرأة لمثل هذا القانون والذي يوضح حقوقها وواجباتها في الاسرة والمجتمع بدقة، وما احوجها للتوعية الاسلامية، وما احوج الرجل ايضا للتعرف بمسئولياته نحو زوجته وابنائه والتعرف بمسئولياته نحو زوجته وابنائه وبناته اسرته.
(الأيام البحرينية)