إيلاف- خاص: دعا كاتب إسلامي سوداني ورجل قانون معروف إلى إلغاء عقوبة الإعدام في الدول الإسلامية أسوة بتركيا. ووجه الكاتب دعوته تحديدا إلى إيران والسودان للبدء بهذه الخطوة باعتبار أن الأولى تطبق الشريعة على المذهب الشيعي الجعفري والثانية تطبق مبادئ الشريعة على المذهب السني. ووجد الكاتب في المذهبين تخريجا لإلغاء العقوبة تستحق من المفكرين في جميع أنحاء العالم الإسلامي الالتفات إليها.
ونشرت صحيفة الوطن القطرية للكاتب أبوبكر القاضي الذي يعمل مسشارا قانونيا في الدوحة مقالا في السادس والعشرين تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري قال فيه إن وصول الاسلاميين المعتدلين في تركيا للسلطة عبر المشروع العلماني الأتاتوركي وآلياته يفتح الباب واسعا للمصالحة بين الاسلام السياسي والعلمانية غير الملحدة.
العلمانية والإلحاد
وشدد على التمييز بين العلمانية الالحادية وبين العلمانية كأسلوب حياة عصري تقوم على التسامح والاعتراف بالغير سواء في المذهب في الدين الواحد أو الاختلاف في الدين واللون والعرق.
وأضاف إن العالم كله شعر بالارتياح حين نجا عبدالله أوجلان الكردي من الاعدام بالرغم من انه في نظر القانون خارج عن الشرعية حيث أن العالم لا يقبل القتل في خلاف سياسي، مشيرا إلى أن استبدال عقوبة الاعدام في القصاص بالدية استنادا الى ولاية الامة يفتح الباب لالغاء عقوبة الاعدام في الجرائم ضد الدولة والخيانة العظمى والجرائم السياسية لان هذه الجرائم لا تحمل قداسة دينية.
ولي الدم
وفي إيضاحه لكيفية إلغاء حد شرعي هو حد القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم قال إن أهم ما يميز القصاص هو حق العفو "لولي الدم" وفي الفقه الجنائي الاسلامي اذا كان اولياء الدم 100 فاصر 99 منهم على قتل القاتل وعفا واحد منهم فان صوت الواحد يرجح بالـ 99، والميزة الأخرى في الفقه الجنائي الاسلامي أن حق قتل القاتل قد أعطي لولي القاتل "فقد جعلنا لوليه سلطانا" بشروط بحيث لا يسرف في القتل، والعفو عن القاتل مطلوب دينا وخلقا بنص الكتاب وهو امر غير خلافي، وثابت أنه في حالة العفو عن القاتل تثبت الدية في ذمة القاتل وعاقلته من عصبته، كما أنه ثابت بالوقائع أن ولي الامر هو الذي يقوم بتنفيذ القصاص على القاتل بدلا من ولي الدم المنصوص عليه في القرآن وأن سلطة العفو عن القاتل عموما للملك أو الأمير أو رئيس الجمهورية أو السلطان حسب الحال. وعليه فإذا كنا قد أخذنا بمبدأ ولاية الأمة في العالمين الشيعي والسني فإن مجلس الأمة أو البرلمان المنتخب يمكنه أن يصدر تشريعا بالعفو عن كل قاتل واستبدال العقوبة بالدية والتي تقوم بدفعها الدولة عن طريق تأمين اجباري مثل التأمين على دية القتل الخطأ لحوادث السيارات والمرور.
إيران
وتمنى الكاتب على المشرعين في الجمهورية الاسلامية الايرانية الى اعتماد الردة باعتبارها تعزيرا وتحويل القصاص بالعفو الى الدية وبالتالي الغاء عقوبة الاعدام الأمر الذي سيؤدي إلى فتح الباب واسعا للاجتهاد والتفكير والابداع في حدود القانون دونما تهديد بالاتهام بالهرطقة والتجديف. ورأى الكاتب أن هذه المسائل ترفع الجمهورية الاسلامية الايرانية الى مستوى تركيا التي اصبحت مقبولة الآن رغم فوز حزب العدالة والتنمية المحسوب على التيار الاسلامي. وجاء ت دعوة القاضي لإيران بهذا الخصوص في ظل تداعيات الحكم بالإعدام على زعيم إصلاحي كبير بناء فهم السلطات الإيرانية لتطبيق حد الردة، محذرا من أن إيران مستهدفة من قبل الصقور في اميركا ربما للعداء التاريخي منذ بداية الثورة عام 1979. وأن التغييير يجب أن يتم على يد أبنائها قبل أن يأتي بأيدي الأميركان.
السودان
أما في السودان التي أعدمت أحد مفكريها في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري بحجة الردة في حادثة مازالت تمثل عارا في جبين الأمة السودانية قال الكاتب عن البلد التي ينتمي إليها إنه بلد متعدد الاديان والثقافات لذا فهو احوج الدول للمشروع العلماني "غير الالحادي" الذي يقوم في جوهره على الاعتراف بالآخر.
وأضاف أن السودان لديه استعداد لتطبيق نموذج حزب العدالة بحكم تجربته الديمقراطية والنقابية الكبيرة ويحكم استعداده الطبيعي في منح غير المسلمين حقوقهم والاعتراف بحقوق المرأة.
وفي ختام مقالته قال الكاتب إن على اميركا والغرب المسيحي عموما استيعاب العالم الاسلامي في نادي الدول بدءا بقبول تركيا في المجموعة الاوروبية، وعلى أميركا ان تتفهم ان العالم كله بعد احداث 11 سبتمبر في منعطف وان الشعوب الاسلامية في مثل هذا الظرف التاريخي سوف تنتخب الاسلام السياسي على مظنة أنهم أصلب العناصر لأصلب المواقف، وبالمقابل على التيار الاسلامي السياسي أن يكون على مستوى التحدي فيتسامي من اسلام الشكليات الى جوهر الاسلام ويقدم مشروع الدولة على اجندته الحزبية فالعلمانية التركية غير الملحدة لا تتعارض مع جوهر الاسلام بل بتطويرها مع مراعاة الظروف المحلية لكل قطر عربي أو إسلامي يمكن ان نتحاور مع الغرب.