باريس - هدى ابراهيم: يقدم معرض "الخيول والخيالة العرب، في فنون المشرق والمغرب" الذي افتتح هذا الاسبوع في معهد العالم العربي في باريس نبذة هامة عن الخيول العربية ودورها الكبير في الحضارة العربية الاسلامية القديمة ومكانتها المستمرة حتى اليوم. ويبرز المعرض المستمر حتى اخر آذار/مارس المقبل دور الخيل في الفتوحات الاسلامية وايضا حضورها الواسع في مخيلة العرب التي برعت في تصوير الجياد.
ولا يضم المعرض لوحات ورسوما تمثل الخيل فقط بل يضم كل ادوات الزينة والركوب المرافقة ابتداء من السروج والعصي والخناجر والسيوف التي زينت كلها برأس حصان وصولا الى الرماح والسهام .
وقد صورت الجياد في الحضارة العربية-الاسلامية بكافة المواد مثل الحجر والنحاس والورق والخشب والسيراميك وكافة المعادن كما جسدت في لوحات فنية ومنمنات جمع المعرض قطعا قيمة منها من عدد من المتاحف الكبرى في العالم لتشكل في مجموعها اهم معرض يشهده الغرب حول الخيل. ويعود اقدم التماثيل المعروضة الى الالف الاول قبل الميلاد وقد عثر عليه في اليمن بالجزيرة العربية وهو تمثال صغير لخيال.
وما يلفت اولا في المعرض هو عدد الكتب التي وضعت عن الخيل مثل كتاب "العناية بالخيل" او كتاب ابن المنذر "كشف الويل في معرفة الخيل" وهي كتب في طبابة الخيول.
كما يظهر المعرض افتتان الغرب بالخيول العربية عبر العصور من خلال اللوحات التي رسمها لها فنانون كبار وابرزها لوحات ديلاكروا وتيودور جيريكو وغوستاف ميرو واوجين فونتان التي يقدمها المعرض.
ويرجع الاكتشاف الفعلي للخيول العربية من قبل الغرب الى الحروب الصليبية حيث فوجئ الغزاة بقوة وسرعة الخيول العربية ومهارة فرسانها في الكر والفر فحمل العديد من الامراء الصليبيين هذه الخيول الى فرنسا والمانيا وايطاليا ليستمر وصول الخيول العربية الى اوروبا عبر الاندلس التي كانت حلقة الوصل بين العالمين.
لكن الولع الحقيقي بالخيول العربية في الغرب يعود الى عهد نابوليون بونابرت الذي اعجب كثيرا بها خلال حملته على مصر واصطحب منها جوادا عربيا اصيلا امتطاه في عدد من المعارك ومنها معركة "فاغرام".
ومن بين اللوحات الملفتة في المعرض لوحة لجواد ملون مشغول في الهند على طريقة المنمنات العربية وقد رسم بداخله بالوان غاية في الانسجام مجموعة من الرجال اصطفوا في مجموعات متوازية استعدادا للقتال. وتعود هذه اللوحة الى القرن السابع عشر. هناك ايضا خيول مرسومة كليا بالكلمات والحروف العربية وخوذ لراس الحصان مزينة بالآيات والكتابات المخطوطة على النحاس بماء الذهب اضافة الى صور فوتوغرافية وبينها صورة تمثل الامير عبد القادر قائد الثورة الجزائرية يمتطى صهوة جواده وحوله صحبه. ويأتي الكثير من صور وتماثيل الجياد من ايران والهند وافغانستان مع عرض نسخ رائعة من كتاب "ألفال نامة" وكتاب "الشاهنامة" وكلاهما زينت صفحاته بصور الخيل الملونة البديعة.
ويترافق المعرض الضخم مع عدد من النشاطات الفنية فاضافة الى دليل المعرض الذي يعتبر مرجعا في الاعمال الفنية التى تتناول الخيول صدر كتاب للشباب عن دار غاليمار ضمن سلسلة "اكتشافات" وهو خاص بخيول الشرق كما خصصت مجلة "لوي" (العين) عددا خاصا بالمعرض حمل عنوان "الحصان، قوة الرجل".
كما يصاحب المعرض فيلم تسجيلي يروي علاقة العرب بالخيول اليوم، في المشرق والمغرب عبر زيارة عدد من الاصطبلات المعروفة في عدد من المدن العربية. وفي اطار النشاطات الموسيقية تقام حفلة موسيقية لفرقة "عبيدة الرومة" المراكشية التي تعزف الحانا مرتبطة بالخيل والفروسية.