الدكتور رياض الأمير
&
زيادة في الظلم الواقع على العراقيين بكل قومياتهم وطوائفهم واتجاهاتهم السياسيةفي الداخل أن لا يستطيعوا الرد على واحد من رموز النظام البعثي الذي باع الوطن والمواطن من أن يحمل مفاتيح العراق ذو سبعة آلاف عام من عمر الحضارة الإنسانية ويحدد من له الحق في دخوله ومن لا يملك ذلك الحق. ومن الإجحاف أيضا بالعراقي أن يحدد طارق عزيز من هوالوطني العراقي ومن هو العميل. تحدث منظًر حزب السلطة، خليفة ميشيل عفلق مع مجموعة " الإفلاس الوطني العراقي"في ندوة فرقعة البارود الكاذب "آفاق الانفتاح السياسي"ليسب المعارضة العراقية متهما إياها بالكذب والارتزاق. فالكذب صفة النظام وجميع أزلامه، ولا ينازعهم عليها أحد، وتأريخهم معروف منذ اغتصاب السلطة وإلى اليوم. واتهام المعارضة بأنها تفتري على أن العراق يملك أسلحة دمار شامل، فهذه حقيقة لا يشك بها أحد من العراقيين على الإطلاق لمعرفتهم بالنظام ورئيسه "أهل مكة أدرى بشعابها ".فهل مفاتيح أبواب العراق أصبحت بيد طارق عزيز؟ فمن سمح إذا لاستباحة الوطن وهتك شرف العراق منذ خيمة صفوان وانتهاء بقرار الأمم المتحدة المرقم 1441؟ القرار الذي يسمح لأي فرد في فرق التفتيش الدخول حتى لغرف النوم وتفتيش الملابس الداخلية لحريم قادة الحزب والدولة البعثية؟ وهل الوطنية على ذلك الأساس أصبحت لدي طارق عزيز وسيده لها صفة أخرى؟ فالوطنية لدي النظام تسمح بان يقوم،ليس مفتش واحد من مفتشي الأمم المتحدة، وإنما بواب واحد في مبنى الأمم المتحدة في فيينا أو نيويورك مرافق له من أن يخصى جميع أجهزة الحكم البعثية القمعية ويهين جميع حملة نجوم وتيجان ضباطها وأوسمتهم التي منحها لهم قائدهم المهزوم. وليس معروفا كيف ظهر لقادة البعث العراقي ومنهم طارق عزيز بعد أربعة عقود من حكمهم العراق وتدميرهم الوطن والمواطن آفاق انفتاح؟ ولربما الأفق ظهر عند حشرجة الموت عندما أخذ النظام يلفظ أنفاسه الفاسدة الأخيرة؟ وليس معروفا لماذا كان العراقبدون أفق قبل اليومفي مجال الانفتاح السياسي التي يتشدق بها الآن طارق عزيز وحزب البعث العراقي؟ فهل يمكن تصديق عتلة صدئة في ماكينة نظام "تهرأت" مفاصلها؟ وهل الإيمان بالتعدديةظهر عندما وصلت مجموعة الأربعة "المكبوسة " الاستسلامية الداخلة على الركبتين في عرش الطاووس البعثي معلنة ولائها المطلق لهدام العراق ونظامه الدموي؟ في الخارج اكثر من ثلاثة ملايين عراقي، هم أبناء أكبر العوائل العراقية عراقية، وعراقيين أعمق جذورا في تربة الوطن من عائلة مجيد العوجوية وطارق عزيز مع بعض،هم من لا يصدق النظام وال يثق به وكذلك يرفض مسرحية الكبيسي وصحبه وهم يعرفون بأنها آخر ورقة يلعبها النظام لتحسين صورته البشعة. فالمعارض العراقي ليس من يمد يده بأي شكل من الأشكال للنظام أو أي فرد فيه، وإنما من يعمل بكل قوة على إزالتهوتخليص العراق وشعبه من شروره وشرور الطغمة العوجوية الجائرة التي تقوده. ومن مفهوم الوطنية العراقية الحقة، هو كلما كان المعول الذي يهدم نصب النظام العوجوي المستبد، قويا شديدا كان اكثر وطنية وقربا إلى تطلعات العراقيين في الداخل والخارج. حتى السياسي الساذج "naive"، أعلن عدم جدوى الحوار مع النظام. فالحديث عن إيمان البعث العراقي بالتعددية الحزبية كذب وافتراء. فالعودة إلى تأريخه ومنذ يوم بغداد الأسود في الثامن من شباط عام 1958 عندما استباحت السلطة قطعان الحزب "المتعسكرة" واغتالت ابن العراق البار عبد الكريم قاسم، قامت بالقضاء على كل تنظيم سياسي وقتلت آلاف العراقيين الشرفاء من شيوعيين ووطنين ديمقراطيين. وفي الفصل الثاني من استباحة الإرادة العراقية في انقلابي عام 1968 لم يكن البعث العراقي احسن حالا من المرة الأولى منفتحا على الأحزاب الأخرى، وإنما أقام نظام التعددية على أساس التبعية المطلقة له وسلطته العشائرية. وان تجربة ما سمى في وقته "الجبهة الوطنية " أريد منها أن تكون دكان بعثي،لم تعمر طويلا حتى قامت زمر البعث بذبح شركائهم فيها. ومنذ اكثر من ربع قرن لم يفكر النظام على الانفتاح إلا الآن، قبيل سقوط نار الغضب العراقي على رأسه لإزاحته وتخليص العراق والمنطقة والعالم من شروره. أما عن الوطنية التي يتكلم عنها طارق عزيز فكان الأولى به أن يتركها فعلا للوطنيين العراقيين الشرفاء، غالبية العراقيين في الداخل وفي الخارج معارضين للنظام البعثي الذين لم تتلطخ أياديهم ولا تنظيماتهم ولا عائلاتهم بخدمة المخططات الأجنبية،كما هو حال حزبه الذي جاء إلى السلطة في انقلاب شباط الدموي عام 1958 بقطار أمريكي وفي انقلابي عام 1968 بنفس القطار، وبني ترسانته العسكرية بالمساعدة الأمريكية خلال حرب الخليج الأولى وجمعت له الضمانات المصرفية بمساعدة الرئيس جورج بوش الأب عندما كان نائب للرئيس والسيدة مارغريت تارتشر، رئيسة وزراء بريطانيا. كما كان الأولى بطارق عزيز أن لا يتحدث عن الوطنية لأن سارق طائرة الميغ إلى إسرائيل التي لا زالت صورتها وصورته محفوظة محفوظة في الذاكرة العراقية،لم يكن واحد من عائلة أحد المعارضين العراقيين.وأخيرا فان خير مثال لوطنية طارق عزيز التي علم ابنه عليها صدور حكم بسجنه20عاما من قبل محاكم "قراقوش الصدامية" لقضايا أخلاقية وسرقات ورشاوي. فان كانت المحكمة في دولة القانون فأي عقوبة سيستحقها ابنه، خريج مدرسة طارق عزيز الوطنية؟ أما عن ديموقراطية أستاذ الانفتاح السياسي، أو بالأحرى الانبطاح السياسي فالقصة التالية مثال بسيط : في عام 1977 كان طارق عزيز وزيرا للإعلام، ومدير الإذاعة العام أرشد توفيق. قامت سلطات البعث في عهد الوزير الديمقراطي "المنفتح والمؤمن بالتعددية " بطرد 300 موظف من وزارة الإعلام (الإذاعة والتلفزيون الخ) في حملة شوفينية لإخراج العناصر الوطنية من أجهزة الدولة الحساسة بعد أن لفظت،ما سمي بالجبهة الوطنية أنفاسها. وكان المطرودون مجموعة من الشيوعيين والوطنيين الديمقراطيين، من عرب وأكراد متهمون بأنهم لا يدينون بالولاء "للحزب الذي يؤمن بالتعددية". كان في وزارة الإعلام "كفتريا" بجنبها غرفة لغذاء الوزير البعثي.في أحد الأيام بعد صدور قرار الطرد المذكور اجتمعت مجموعة من الذين شملهم القرار في تلك "كفتريا ". ولما جاء طارق عزيز مع ضيوف له إلى هناك لم يعجبه وجودهم فطلب من الكل أن يدير وجهه إلى الحائط ويرفع يديه إلى أعلا ويقف على رجل واحدة. ودخل المنظًر البعثي إلى الغرفة المخصصة له وبقي هناك فترة بقي مثقفي العراق وفنانيه يقفون، كما هو الحال في معسكرات الاعتقال الفاشستية. وبعد ما انتهى طارق غير العزيز من غذاءه وشرب قهوته وخرج من المكان،والمساكين لم يتركوا وضعهم.
أن الرقص الآن على حلبة الانفتاح والتعددية جاء متأخرا، ومتأخرا جدا يا طارقي الباب الملفوظون. فالحديث عن الانفتاح غير مجدي عندما قربت الساعة التي سيقففيها النظام بجميع رموزه أمام المحاكمالعراقية، ليس واقفين "على رجل واحدة،رافعي الأيدي " ليعطي الشعب العراقي كلمته الفصل فيه وبفكره الشوفيني المتخلف، وسيعلم حينها، عندما ستكشف الحقائق من هو الوطني ومن هو العميل.