نضال حمد&
&
يعتبر موسم الانتخابات في الكيان الصهيوني الدخيل موسما للحجيج إلى أرض الكنانة وزيارة القاهرة والالتقاء بقيادات مصر من أجل التشاور والتنسيق وإرسال الرسائل الودية للقيادة الفلسطينية وللأطراف العربية الأخرى. باعتبار أن مصر هي القائد العربي بلا منازعة وأن مصر هي الدولة العربية الأولى التي ارتبطت مع إسرائيل الصهيونية سلميا و اتفقت ووقعت مع الكيان الصهيوني معاهدة سلام واتفاقية سلام, عادت بموجبها سيناء للسيادة المصرية لكن مصر نفسها خرجت يومها من صلب القضايا العربية وغدت رهينة المساعدات الأمريكية وشروط تلك المساعدات. ثم عاد العرب لمصر التي لم تعد لهم, فأخرجوها من عزلتها الإقليمية, وكان بطل العبور هذه المرة السيد ياسر عرفات الذي قام بالتعريج عليها سنة 1983 بعد خروجه من حصار طرابلس الشهير شمالي لبنان وبعيد صراع مرير ودموي مع المنشقين عن حركة فتح بقيادة أبو موسى وأبو خالد العملة وحلفائهم من بعض الفلسطينيين والعرب.
&بعد لقاء السيد عرفات بالرئيس المصري مبارك أخذ العرب يتبارون بفك العزلة عن نظام مصر الملتزم بكمب ديفيد ومن ثم عادت مصر لتتزعم العرب من جديد وكما تريد وبحسب دورها السياسي والإقليمي الجديد وبالرغم من بقائها لابسة ثوب كمب ديفيد وتمسكها باتفاقيتها مع الكيان الصهيوني. وأكثر من هذا وذاك فقد مارست مصر دورا كبيرا في زحزحة الموقف العربي من قضية الاعتراف بإسرائيل والقبول بالتفاوض مع العدو الصهيوني بلا شروط مسبقة. ومما قوى وعزز الموقف المصري في تلك الفترة كان الموقف العربي العاجز عن حل قضية الاحتلال العراقي للكويت بالطرق والوسائل المحلية, مما جعل الحل يأتي بطرق أجنبية أسفرت عن احتلال الخليج العربي بصور متفرقة ومختلفة وعن حصار العراق وتدمير قدراته وعزله تماما وجعله أيضا شماعة كل تدخل أمريكي صهيوني في المنطقة. ثم ذهب العرب جماعة وبشكل سلمي معلن لمؤتمر مدريد الذي شاركت به إسرائيل بوفد برئاسة المجرم المطلوب دوليا رئيس الوزراء السابق اسحق شامير وكان يومها السيد نتنياهو النطق الإعلامي باسم الوفد الصهيوني. وفي تعليقه على المفاوضات مع الوفد الفلسطيني الأردني المشترك قال شامير أنه كان ينوي التفاوض معهم لسنين طويلة من دون نتيجة, وهذه كانت فكرة الصهيانة من المفاوضات بشكل عام, مجرد لقاءات ومفاوضات على المفاوضات تستمر لسنوات وبلا نتائج تذكر.
أما المفاجأة الكبرى فكانت في تبني القيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية السياسة المصرية, حيث قاد ذاك التبني تلك القيادة لبدء لقاءاتها السرية والأخرى العلنية مع القوى اليهودية ثم مع الأخرى الصهيونية الرسمية وغير الرسمية, إلى وصلت تلك القيادة بنشاطاتها السرية إلى حديقة البيت الأبيض الأمريكي لتوقيع تفاهم أوسلو مع رابين وبيريس, متجاهلة رأي الشعب الفلسطيني الغاضب ورفضه لتلك الاتفاقية الاستسلامية المذلة والمعيبة والمهينة.
بعد أن قامت سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني في أريحا وغزة أولا ثم عادت القيادة الفلسطينية المتنفذة إلى بعض أرض الوطن التي أعادها اتفاق أوسلو بشروط وبواقع فرضته الإرادة الصهيونية المتفوقة. بدأت تظهر علنا مشاكل ونواقص تلك الاتفاقيات والتفاهمات وأخذت تنعكس على معيشة وحياة الناس وحريتهم في المدن والقرى الفلسطينية التي توزعت على مناطق جغرافية عرفت عبر مراحل زمنية حملت أسماء بحروف أبجدية مثل المنطقة ألف والأخرى باء.. الخ. في تلك الفترة من الزمن التي كانت بين عودة القيادة وتسلطها وتمكنها, تمكنت بمساعدة أمريكا وأوروبا وحتى إسرائيل من إقامة نظام أمني معقد ومرتهن باتفاقيات أوسلو التي جعلت منه خادما لمطالب السلطات الصهيونية الأمنية, فكانت حملات الاعتقال للمعارضين والتصفية للخطرين منهم وفي أحيان أخرى& ترهيب وإرعاب الصحافيين ورؤساء تحرير الصحف والمجلات وكل من يتجرأ ويكتب أي شيء عن السلطة ورئيسها ووزراءها. كذلك حملات قمع الحريات ووسائل الأعلام وحرية الرأي.إضافة للتدهور الاقتصادي الكبير الذي عصف بالمناطق الفلسطينية وبدلا من جعلها هونغ كونغ الثانية كما كان ينظر ويردد فرسان سلام الشجعان من الجانبين الصهيوني والفلسطيني, أصبحت المناطق الفلسطينية أكثر فقرا وعوزا وتدهوا اقتصاديا ومعيشيا. أما الفساد والرشوة والسرقات والمحسوبيات والبيروقراطية الزائدة فكان لكل تلك الأشياء أمكنتها الثابتة في مؤسسات السلطة من مكتب الرئيس حتى أصغر مؤسسة فلسطينية في مناطق السلطة. وانعكست التجارب السيئة لمؤسسات& وأجهزة م ت ف في الخارج على الداخل, فبدلا من مسؤول في المنظمة أصبح مسؤولا في السلطة, وبدلا من القطاع العسكري فتحت أبواب المخابرات والأمن والشرطة, فصار كل موال أو مبايع يتمتع برتبة تؤهله للحصول على مكاسب, فتحول العمل الوطني إلى سلب ونهب للوطن وللشعب. هذه العوامل تلاقت مع العوامل الأخرى مما عزز الاحتقان لدى أبناء الشارع والمواطن العادي الذي كتب عليه سلام الشجعان تخطي عشرة حواجز بدلا من الحاجز الواحد أيام كان الاحتلال مسيطرا على كل البلاد وموجودا قرب العباد.
&عندما أخذت أمور المفاوضات لاحقا تتعقد وتتدهور بسبب عدم وضوح بنود الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين وبسبب تعنت الطرف الصهيوني ومحاولاته المستمرة للالتفاف على الاتفاقيات ورفضه إعادة الأرض والسيادة للفلسطينيين. صار طرفا أوسلو يقصدون العاصمة المصرية من أجل وساطتها بينهما, وفيما بعد أصبحت تلك الوساطة ثابتة من ثوابت ما بعد سلام الشجعان. كما أن الطرف الفلسطيني سلم بكل ما يجيئه من القاهرة وصارت سياسة القاهرة سياسته الرسمية غير المعلنة. أما الطرف الإسرائيلي الذي شعر أيضا بتأثير الموقف المصري على تطورات الأوضاع في المناطق الفلسطينية وداخل الكيان الصهيوني نفسه. فلقد أراد معسكر حزب العمل من المصريين دعمه في الأوساط العربية من خلال تصويره صاحب معسكر السلام باعتباره شريك الفلسطينيين الوحيد في سلام أوسلو ولأنه يرفض طروحات اليمين المتشدد حول السلام والحوار مع الفلسطينيين. وقد حصل معسكر العمل على الدعم من مصر والسلطة الفلسطينية& وكذلك من الجماهير العربية الفلسطينية في مناطق ال48. كما كان الحال في الانتخابات التي عاقبت نتنياهو على تخلفه وتزمته ورفضه لعملية السلام ومحاولة الالتفاف عليها. فتم انتخاب الجنرال باراك عن العمل رئيسا للوزراء,كان الجميع يعلق على انتخابه آمالا كبيرة في جعل السلام حقيقة واقعة لا مجرد حجيج للعواصم المختلفة من اجل المفاوضات لمجرد المفاوضات بلا نتائج عملية. لكن فترة حكم باراك وعدم جديته في تقديم تنازلات مصيرية مطلوبة ليس منه فقط بل من كل حاكم وحكومة صهيونية تحكم الكيان. لأنه لا مفر من إعادة الحقوق لأصحابها الفلسطينيين وهناك عشرات القرارات الدولية التي تؤكد وتطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وتؤكد أيضا على وجوب حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني عبر إقامة دولته المستقلة. كذلك التأكيد على أن القدس منطقة محتلة وأن الاستيطان غير شرعي ويجب تفكيك المستوطنات و إزالتها. كذلك تؤكد تلك القرارات الأممية على ضرورة حل قضية اللاجئين حلا عادلا ومقبولا عبر عودتهم إلى ديارهم التي هجروا عنها بالقوة. وهنا يجب التركيز على الفقرة التي في القرار وتقول إلى ديارهم بغض النظر عن الكيان أو الدولة التي تسيطر على ديارهم, أكانت إسرائيل أم فلسطين.
في خضم التفاوض الصهيوني الفلسطيني كان من الواضح أن الأمور تسير نحو الجدار المسدود بسبب المطالب الصهيونية المتعنتة,لا بسبب تعنت الفلسطينيين فهؤلاء قدموا تنازلات مصيرية كبيرة ألحقت بالقضية الفلسطينية أشد الضرر, فقد تخلت جماعة أوسلو عن حوالي 80% من أرض فلسطين التاريخية مقابل ما لديها الآن وإسرائيل تريد المزيد. طبعا ولو أنني كنت من الوفد الصهيوني المفاوض والذي عرف وجرب أهل أوسلو من الفلسطينيين لكنت أيضا طالبت بالمزيد من التنازلات, لأن جماعة أوسلو من المتنفذين في السلطة الفلسطينية يفكرون بأنفسهم وبنجوميتهم ومصالحهم الفئوية الضيقة. فمنهم من لا يرغب بالطيران على الخطوط الاسكندنافية "ساس" مع أن تذكرته مجانية وعلى حساب المؤسسات أو الحكومة النرويجية, ويفضل الطيران على الخطوط الفرنسية "أير فرانس", يعني يا أيها الوزير وزوجتك المدير في وزارتك!," شحاذ ومشارط" كما يقول المثل الشعبي العربي.
عندما أتضح للجميع فشل كافة رحلات الحجيج الصهيوني والفلسطيني من أجل الوساطات المصرية التي فشلت بدورها في زحزحة الموقف الصهيوني أو جعل قيادة السلطة الفلسطينية تقدم تنازلات أكبر من التي قدمتها سابقا. أتضح فيما بعد زيف باراك في محادثات كمب ديفيد مع عرفات وبرعاية كلينتون. بعد العودة من مباحثات كمب ديفيد الفاشلة أخذ معسكر باراك بتصعيد حربه على القيادة الفلسطينية وعلى شخص الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. لكن هذا الأخير و بعد عودته إلى فلسطين استقبل كبطل قومي رفض ضغوطات أمريكا وإسرائيل, ولم يقبل بورقة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون التي تنص على التخلي عن حق اللاجئين في العودة وعن القدس الشرقية.لكن الحقيقة ليست كما صوروها وهللوا لها, لأنه لم يتم طرح ورقة كلينتون رسميا لا على باراك ولا على عرفات, بل كانت مجرد محاولات لإنشاء توافق بين الطرفين قبل طرح كلينتون لمبادرته ولما تأكد كلينتون من عدم نجاحها في حال طرحها, لأن كل& من باراك وعرفات يرفضون قبولها كما هي. أعلن سيد البيت الأبيض بيل كلينتون عن فشل المفاوضات في كمب ديفيد, فسرعان ما قام باراك بتحميل عرفات المسؤولية عن تفويت فرصة تاريخية لحل القضية و إتمام السلام العتيد.&
في هكذا أجواء مشحونة ومتشنجة أرسل باراك المجرم شارون مع آلاف الجنود والحراس للدخول إلى المسجد الأقصى كنوع من التحدي والإهانة للشعب الفلسطيني وللعرب وللمسلمين, فكان يوم الثامن والعشرين من سبتمبر 2000 يوم اندلاع انتفاضة الأقصى والاستقلال في كافة مدن وقرى فلسطين.
كانت بدايات الانتفاضة سلمية وبمثابة عصيان مدني لكن التعامل الصهيوني الوحشي معها ونسبة الشهداء والجرحى الهائلة التي سقطت في شهورها الأولى السلمية والشعبية المدنية- من بين الشهداء 12 فلسطينيا من أراضى ال48 أي مواطنون إسرائيليون, وكذلك حوالي 1500 جريح- جعلت من الإبقاء على نهجها المدني والسلمي شيئا مستحيلا. فبدء الجانب الفلسطيني ونعني هنا الفصائل الفلسطينية والناس بشكل عام بالإضافة لبعض ضباط وأفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية يشاركون في التصدي لحملة الموت والإبادة التي كان يتعرض لها الشعب الفلسطيني. ثم تطورت المواجهة لتأخذ شكل المقاومة المسلحة بالتوازي مع الانتفاضة الشعبية, فاجتاحت موجة العمليات الأستشهادية كافة المدن والأماكن في فلسطين الطبيعية كاملة من تل أبيب " تل الربيع" إلى بئر السبع& وحتى نهاريا في الشمال. ثم تطورت الأمور بشكل دامي ومأساوي فقامت إسرائيل الصهيونية بذبح الفلسطينيين في مخيماتهم - مخيمات جنين وبلاطة و طولكرم و رفح وغيرها- وفي مدنهم وقراهم حيث تعاملت ولازالت تتعامل معهم بوحشية ودموية رهيبة, لا تضاهيها حتى وحشية من كان يريد إبادة اليهود في أوروبا. بقيت الأوضاع تزداد سوءا وتدهورا حتى أن الصهاينة لازالوا يحاصرون ويسجنون الرئيس الفلسطيني في مقره المتداعي وشبه الباقي في مقاطعة رام الله. لقد نجحت الانتفاضة الحالية في تعرية زيف التوجهات السلمية للمجتمع الصهيوني وقياداته من كافة الاتجاهات اليسارية واليمينية.لم يكن انتخاب شارون لرئاسة الوزراء بعد سقوط باراك المدوي سوى رسالة واضحة للفلسطينيين وللعالم أجمع بأن إسرائيل لن تتغير ولن تتبدل فيما يخص التعامل مع الفلسطينيين, ثم تشكلت حكومة الإرهاب والحرب والعار بين حزبي الليكود والعمل ولن تبخل هذه الحكومة في إرهابها وبشاعتها ودمويتها في التعامل مع الفلسطينيين. حتى أن شارون كان أحيانا يظهر معتدلا أكثر من بيريس وبن اليعازر في كلامه. أما الرئيس الفلسطيني الذي أصبح هدفا للإسقاط من قبل الإدارة الأمريكية في عهد بوش الابن وعهد حكومة الوحدة الوطنية بقيادة شارون, ولم تنفعه تدخلات الحكومة المصرية ومحاولاتها الحثيثة للتخفيف من وطأة حصاره وعزله, كما تناسته معظم الدول العربية المسلمة بالأمر الواقع والغاطسة في جبنها ومذلتها من أخمص قدميها حتى رأسها, كذلك حاول غدره أيضا البعض من زبانيته الذين تشابكت وتقاطعت مصالحهم النجومية والشخصية مع مصالح التغيير على الطريقة الأمريكية والصهيونية مع فلم يبقى له سوى شعبه الفلسطيني الأبي, الشعيب الذي هب لنجدته يوم حاولت الحكومة الصهيونية تدمير ما تبقى من المقاطعة عليه وعلى من معه. هذا الشعب العظيم غفر لياسر عرفات كل عثراته وغلطاته التي ارتكبها في ظل الانتفاضة الحالية وقام ليذود عنه بالدم فحماه ورد عنه دبابات الغزاة. كلنا أمل أن الرئيس الفلسطيني سوف يستفد من التجارب السابقة ويقف على راس شعبه في مواجهة الإرهاب الصهيوني والانحياز الأمريكي والامتثال لرأي الشعب الفلسطيني الذي أجمع على الانتفاضة والمقاومة والمواجهة حتى زوال الاحتلال وتحقيق الاستقلال.وينبغي تذكير الرئيس الفلسطيني المحاصر والمسجون في رام الله بأن إبقاء بعض القادة والمناضلين الفلسطينيين في سجون السلطة يعتبر إهانة للشعب الفلسطيني الكفيل وحده ولا أحد غيره بحماية السلطة والمنظمة والقيادة الوطنية والرئيس والوطن من المؤامرات والدسائس وما هو آت في المستقبل.
كما نجحت الانتفاضة في إسقاط حكومة باراك التي ادعت السلام ومارست الإرهاب على المدنيين الفلسطينيين استطاعت كذلك إسقاط حكومة الوحدة الدموية بين العمل والليكود. وكذلك إسقاط بن اليعازر من زعامة حزب العمل لتجلب قيادة جديدة للحزب مع انتخاب ميتسناع رئيسا له. وأول ما فعله متسناع كان إرسال موفده إلى القاهرة السيد يسرائيل كاتس للقاء المسئولين فيها وكذلك لقاء شخصيات فلسطينية هناك. كما وصل إلى القاهرة الوزير صائب عريقات وكذلك الوزير هاني الحسن الذي سيتمم التحضيرات والتجهيزات لاستئناف الحوار بين حركتي فتح وحماس برعاية مصرية ومباركة سعودية.
وقد سبق تلك الزيارات إلى مصر لقاء غير مفهوم وغير مبرر بين السيد أحمد قريع أبو علاء رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني والسيد ابراهام& بورغ رئيس الكنيست الصهيوني وهو من قيادات حزب العمل. وتسارعت تصريحات ولقاءات ياسر عبد ربه مع يوس بيلين وداني ياتوم& وسري نسيبه. والرحلات المكوكية العلنية والسرية التي يقوم البعض الآخر من قيادات السلطة. اللافت للانتباه أن هؤلاء يريدون التحضير لحملة الانتخابات الإسرائيلية القادمة, ظنا منهم بأن رؤاهم وأفكارهم المنسجمة مع أفكار ورؤى بعض قيادات حزب العمل الصهيوني سوف تساعد في إيجاد حل يحفظ ماء وجوههم ووجوه مهندسي أوسلو من الطرفين. القضية اكبر من أوسلو بكثير فهذا الأخير تم تشييعه منذ بداية الانتفاضة لأنه كان ميت منذ الولادة. ونحمد الله لأنه أنقذ الشرف الفلسطيني من مولود مسخ وحرام, كان سيلوث طهارة شعبنا وتضحياته ونضاله العادل. أما الآن وموسم الحج والحجيج السياسي إلى مصر الكنانة وعاصمتها القاهرة, من قبل الطرفين قد بدأ ونحن على أبواب العام الجديد ونهاية العام الحالي. فنقول للمعنيين من كافة الأطراف انه لا يمكن حل النزاع ووقف الانتفاضة بدون رحيل الاحتلال وتفكيك المستوطنات وتحقيق الحقوق الفلسطينية المشروعة والعادلة, من حق الحرية والاستقلال و إقامة الدول الحقيقية وليس الدول المسخ, إلى استعادة القدس و إعادة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا عنها بالقوة. ما لم يفهم الإسرائيليون هذه الحقيقة ويضعوها أمامهم في كل خطوة وعند كل منعطف أو لقاء تفاوضي فأن باب الويلات والحروب سيبقى مفتوحا على مصراعيه إلى أن يحقق الشعب الفلسطيني ما يصبو إليه بقوته الذاتية. أما إذا عرف متسناع ومعسكره الذي يدعي أنه من نوع آخر غير نوعية بيريس وباراك وبن اليعازر أن طريق السلام يتطلب تنازلات حقيقية ومصيرية من الجانب الصهيوني الذي احتل الأرض واستعبد الناس وأذل السكان الأصليين وأستعمرهم واستوطن أرضهم عن غير وجه حق. السلام الحقيقي يتطلب الموافقة العلنية والصريحة على حق الفلسطينيين بدولتهم كما نصت عليها قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. والسلام والأمن والهدوء والعيش المشترك وتطبيع العلاقات والجوار الحسن يتطلب تنازلات من القوي المعتدي للضعيف صاحب الحق المعتدى عليه.عيى القاهرة أن تضع نصب أعينها هذه الحقائق وأن تمارس دورها القومي الصحيح والسليم في حث الصهاينة على القبول بمبدأ القانون والعدالة الأممية وبالموافقة على السلام الحقيقي والدائم وليس ألاعيب السلام المشبوهة والتي تعتبر مضيعة للوقت وهدرا للطاقات. وعلى القاهرة أيضا أن تحث الطرف الفلسطيني على التمسك بحقوقه العادلة غير القابلة للتصرف وعلى الصمود والمثابرة وعدم الاستسلام للضغط الدولي و الأمريكي والصهيوني. كمل عليها الوقوف موقف الداعم للشعب الفلسطيني وللقيادة الفلسطينية لا موقف الضاغط والمساعد على تقديم التنازلات. هكذا نريدها القاهرة عاصمة للعروبة وللحقوق العربية المشروعة, مرفوعة الهامة ومنتصرة للحق العربي كما كانت في عهد الناصر صلاح الدين وفي زمن الزعيم القومي جمال عبد الناصر.