شيبرسدورف (النمسا)- من الصعب تصور انه في هذه المجموعة المسالمة المنظر من المباني في قلب الريف النمساوي قد يجد العلماء ما يشعل حربا في العراق.لكن هذه السلطة ستتمتع بها فعليا معامل تابعة للأمم المتحدة تبعد مسافة نصف ساعة بالسيارة عن العاصمة النمساوية حين تبدأ العينات التي جمعها مفتشو الأسلحة في الوصول من بغداد الاسبوع المقبل.وعاد مفتشو الامم المتحدة عن السلاح للعراق بعد غياب دام اربع سنوات لاستئناف بحثهم عن أسلحة دمار شامل عراقية مزعومة تحت تهديد بهجوم عسكري تقوده الولايات المتحدة اذا لم تذعن بغداد لقرار نزع السلاح.
وقال ديفيد دونو رئيس وحدة معامل تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في بلدة شيبرسدورف النمساوية لرويترز ان الفنيين والعلماء سيعملون على تقديم النتائج لمجلس الأمن قبل الموعد النهائي الذي يحل بعد شهرين.وقال دونو مشيرا الى الموعد النهائي الذي التزم به محمد البرادعي رئيس الوكالة لاطلاع مجلس الأمن على نتائج التفتيش "المفتشون لديهم قائمة بالمواقع التي يتعين عليهم زيارتها خلال فترة الشهرين والعينات التي تجلب من هناك يجب ان تحلل خلال نفس الفترة."
وأضاف "سيكون هناك ضغط كبير فيما يتعلق بتحليل العينات قبل نهاية فترة الشهرين."لكنه كان على ثقة من انه اذا اتيح للمفتشين حرية دخول كاملة لجميع المواقع التي يرغبون تفتيشها فان المعمل الذي تكلف ملايين الدولارات والذي يحلل العينات البيئية
المأخوذة من العراق بوسعه ان يكشف أدق البقايا لأي نشاط غير مشروع.وتابع دونو "حتى اذا دهنوا الجدران وغيروا الأرضيات بالكامل لإخفائها سنكتشفها.
"اذا كنا في المبنى الصحيح او في الموقع الصحيح سنجدها. قد يكونون في منتهى الذكاء في إخفاء الآثار ويجب ان نكون على نفس الدرجة من الذكاء لنعثر عليها."وتوضح خبرة سابقة من اول عملية تفتيش في مايو ايار عام 1991 عندما عثر خبراء الامم المتحدة على بقايا برنامج يورانيوم مخصب يشير الى ان العراقيين يحاولون تصنيع قنبلة ان النتائج قد تظهر بسرعة.ويفحص عشرات المفتشين المزودين بالمئات من المعدات المعقمة لأخذ العينات المباني والمواقع المشتبه فيها في مختلف أرجاء العراق.ويقول دونو ان المفتشين يهتمون بشكل خاص بالمناطق المحيطة بأجهزة التهوية حيث تتجمع الجزيئات التي قد تشي بما حدث في الموقع.ويمكن للمعدات الحديثة التي اكتشف بعضها بعد خروج المفتشين من العراق عام 1998 رصد أدق جزيئات اليورانيوم التي يصل حجمها الى واحد على ترليون من
الجرام.
ويقول دونو ان الدولة تحتاج لما بين 20 الى 30 كيلوجراما من اليورانيوم المخصب ليكون لديها برنامج نووي لذلك يكون من المستحيل عمليا إخفاء كل الآثار.كان لدى المفتشين فكرة جيدة عن الأماكن التي سيفتشونها قبل وصولهم لبغداد.وتابع دونو "كانوا يراقبون العراق عن كثب بالأقمار الصناعية وأقمار التجسس طوال العامين الماضيين...واذا كان (العراقيون) قد أقاموا أي شيء جديد فأنا واثق انه سيكتشف. حتى شق نفق تحت الأرض يترك آثارا."
ويدرك العلماء في المعمل تماما ان عملهم قد يكون السبب في إشعال حرب في العراق.ويتعين على العراقيين تقديم تقرير كامل وصادق عن أي برامج للأسلحة النووية او الكيماوية او البيولوجية او الصواريخ ذاتية الدفع بحلول الثامن من ديسمبر كانون الاول. واذا لم يفوا بهذا الشرط من المتوقع ان تقود واشنطن تحالفا لنزع سلاح العراق بالقوة والإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين.
وقالت جابرييل فويجت مديرة معمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية انها تشعر بعبء المسؤولية اذ ان النتائج التي سيتوصلون اليها قد تثير حربا على بعد الآف الأميال من شيبرسدورف الهادئة. ولذلك يتعين على المعمل تقديم دليل دامغ لا يمكن تفنيده.وقالت لرويترز "كل ما يمكننا عمله هو توفير بيانات جيدة... واذا عثرنا على شيء يجب الابلاغ عنه."
ولضمان دقة النتائج يرسل المعمل عينات لمعامل أخرى تابعة لدول أعضاء في الوكالة الدولية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا للتأكد من النتائج.وقال دونو "اذا كان هناك نشاط لم يعلن عنه سنجد أدلة على ذلك في كل معمل."وسيمد المفتشون بعد ذلك نطاق عملهم ليشمل استجواب علماء عراقيين لمعرفة ما الذي كانوا يقومون به في الاعوام الاربعة الماضية.
وتابع دونو "اذا قالوا ان العلماء يقولون انهم يجرون أبحاث على الأسمدة فاننا سنطلب منهم ان يعرضوها علينا. انه مثل عمل الشرطة. يتعين التحري عن إدعاءات المتهم."ويحق للمفتشين القيام بعمليات تفتيش مفاجئة في أي وقت وأي مكان في العراق ولذلك أثر رادع كبير. ويقول دونو "هذا الردع مجد للغاية."